الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتقام مؤجل

انتقام مؤجل
8 نوفمبر 2008 23:44
aktowfik@hotmail.com أثار ذلك الكاتب غيظي بكل ما يكتبه من أكاذيب وما يملأ سطوره من إدعاء، لهذا أعددت مقالاً عنيفًا لا يمكن أن يقرأه من دون أن يصاب بالفالج أو يرفع علي قضية لو ظل حيًا·· واختزنت عشرات الصور الضوئية لمقالاته وما يبدو في كلماته من تناقض واضح، حتى صار نموذجًا لمن يقول ما لا يفعل ·· باختصار استعددت بكل شيء، وبقيت تفصيلة صغيرة هي: ما المبرر لنشر مقال كهذا؟·· لو نشرته اليوم بلا مبرر لبدوت حاقدًا موتورًا وربما مجنونًا كذلك ·· المبرر الوحيد هو أن يهاجمني ·· ستكون هذه غلطة عمره لأنه بهذا ينبش عش الدبابير وعلى نفسها جنت براقش ·· المشكلة أنه لم يفعل ·· لم يهاجمني قط، ولهذا أنا انتظر ·· أنتظر ·· أتابع مقالاته يوميًا بلهفة وحماس منتظرًا أن أقرأ الكلمات المحببة ·· أن يذكر اسمي مصحوبًا ببعض الشتائم ·· عندها يخرج المقال من مخبئه وتفتح أبواب الجحيم ··· إن هذا الموقف يبدو مألوفًا إلى حد ما ·· أنت تعرف طبعًا أنني لا أقرأ مجلة ميكي ولا ألمسها ·· ميكي ؟·· هذه مجلات أطفال يا صديقي وأنا رجل في العقد الخامس من عمري ·· فقط عندما تقع نسخة تحت يدي بالصدفة، ويكون ابني قد نساها على مكتبه أتصفحها في حذر لمجرد أن أعرف ما يقرؤه أولادي ·· هذا من حقي طبعًا ·· صحيح أن هذا يحدث طيلة الوقت لكنه لا يجعلني من قراء المجلة المنتظمين ·· في إحدى قصص هذه المجلة يقوم العم الثري (سكروج) - الذي يعرفه العرب باسم عم (دهب) - بتحصين خزانته بتكنولوجيا متقنة باهظة التكاليف، ثم ينتظر قدوم أعدائه الأبديين (عصابة القناع الأسود)· يرتقب في تلذذ ما سيحدث لهؤلاء الأوغاد عندما يحاولون السطو على ماله ·· ينتظر طويلاً جدًا ·· إنه سهران جوار المدفع يردد: ''العصابة لم تهجم حتى الآن ·· إنها عصابة من الكسالى !'' طبعًا تهجم العصابة لكن في الوقت غير المناسب، وتكون النتيجة هي أن الاختراعات لا تجدي نفعًا !· ليس هذا موضوعنا على كل حال· النقطة الأساسية هي أنك تعد أحيانًا انتقامًا جميلاً ممتعًا وتنتظر الفرصة التي تتيح لك تنفيذه، لكن الطرف الآخر يتصرف بتعقل يثير الغيظ ! أذكر في شبابي إنني كنت مع صديق لي في زيارة صديق ثالث، وكان لصديقي هذا دراجة تركها مربوطة بالجنزير أمام البناية ·· بعد قليل لحقت بنا مجموعة من زملاء الدراسة المشاغبين الذين يحبون تعذيب صديقي صاحب الدراجة هذا واستفزازه ·· كانوا قادمين في سيارة أحدهم ·· بعد جلسة متوترة وجدنا أنا وصاحبي أنه من الأفضل أن نرحل وغادرنا المكان·· على درجات السلم قال صديقي صاحب الدراجة: -''أنا أعرف يقينًا أنهم ثقبوا إطار دراجتي ليغيظوني ·· لن يفوتوا هذه الفرصة ··'' ثم مد يده في جيبه ليخرج مطواته وقال: -''لو فعلوا هذا فلسوف أثقب لهم إطارات سيارتهم !·· هم استحقوا ذلك !'' لكننا غادرنا البناية فوجدنا دراجته سليمة تمامًا لم تمس، وحيث تركها ·· هكذا رحلنا شاعرين بغصة في حلقينا ·· قال لي في غيظ: -''خسارة ·· ليتهم فعلوا ذلك !·· كان انتقامًا جميلاً فعلاً !·· كلما تخيلتهم واقفين في الظلام يحاولون استبدال الإطارات الأربعة الممزقة شعرت بفداحة ما فقدته !'' حتى على نطاق الدول قد يحدث هذا الموقف على نطاق واسع· أنت تعرف أن اليابان كانت موشكة على الاستسلام فعلاً، لكن الولايات المتحدة التي تعبت كثيرًا في إعداد انتقامها النووي لم تتحمل أن تنتهي الحرب من دون أن تستعمله ·· هكذا هوت القنبلة على هيروشيما ومن بعدها ناجازاكي ·· إن الولايات المتحدة باختصار شديد لم تنتظر حتى تثقب لها اليابان إطار الدراجة! الآن أنت تفهم لماذا اتابع مقالات هذا الكاتب بحماس واهتمام نادرين ·· إنني أنتظر ·· وأنتظر ·· وأنتظر ·· ورعبي الحقيقي هو ألا يهاجمني أو يشتمني ولو مرة واحدة قبل أن أموت !· لو كانت لك علاقة به فلتقنعه بهذا رحمة بي من فضلك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©