الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا الأوبامية: ماذا عن الشرق الأوسط؟

أميركا الأوبامية: ماذا عن الشرق الأوسط؟
8 نوفمبر 2008 23:48
يمثل انتخاب باراك أوباما حدثاً فريداً من نوعه للكثيرين هنا في منطقة الشرق الأوسط· فهو أول رئيس أميركي من أب مسلم، وأول من قضى منهم عدة سنوات من الإقامة في دولة إسلامية كبيرة هي إندونيسيا· لكن سواء حسنت النوايا والآمال في تفاصيل السيرة الذاتية لأوباما أم ساءت، فليس مستبعداً أن يتضاءل الأمل ما أن تواجه الإدارة الجديدة صعوبات التوصل إلى تسوية النزاعات الشرق أوسطية المعقدة المركبة· وفي حين تسجل وزيرة الخارجية الأميركية الحالية كوندوليزا رايس زيارتها الأخيرة -تقريباً- للمنطقة وتواصل مفاوضاتها بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني وبقية الحلفاء العرب، على أمل التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع، فإن هذه التسوية ربما لا تكون أولوية من أولويات جدول أعمال الإدارة الجديدة· فهناك قضايا أخرى أكثر آنية وأشد إلحاحاً في المنطقة نفسها: عدم استقرار الوضع السياسي في لبنان، والأولويات الأمنية والسياسية في كل من العراق وأفغانستان· ثم هناك بالطبع مشاغل الأزمة الاقتصادية العالمية· وعليه يرى بعض المحللين هنا في الشرق الأوسط أن إدارة أوباما ربما تجد في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي مهمة أكبر وأكثر تعقيداً من أن تبدأ بالتصدي لها إدارة باراك أوباما· من بين هؤلاء ''معين رباني''، الزميل الرئيسي بمعهد الدراسات الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان، والذي يرى أنه ما من سبب واحد يدعوه للاعتقاد بحدوث تحول رئيسي في سياسات واشنطن الشرق أوسطية· فلن يكون في مقدور أي إدارة جديدة تنتخب، البدء في إحداث هذا التغيير مباشرة، خاصة وأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ظل يراوح مكانه خلال أكثر من نصف قرن· وعليه فالمرجح أن يبدأ أوباما بالتصدي للقضايا والأولويات الأكثر إلحاحاً مثل العراق وأفغانستان حيث تقاتل القوات الأميركية هناك· وربما بدا أوباما في نظر بعض القادة العرب، رمزاً لعودة الولايات المتحدة الأميركية إلى لعب الوسيط النزيه في تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي الصورة التي طالما تهشمت وتمزقت خلال السنوات الثماني الماضية من ولايتي الرئيس بوش، حيث بدت أميركا شديدة الانحياز لصف إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني· غير أن ''رباني'' لاحظ عدم تباين أو حتى عدم وجود فارق يذكر بين سياسات أوباما ومواقفه التي دافع عنها من قضايا النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وتلك المواقف التي يتبناها خصومه الجمهوريون· ولمن يعتقد أن هناك اختلافات كبيرة بين أوباما وخصومه في المعسكر الجمهوري، عليه أن يستخدم شيئاً شبيهاً بعدسة منظار ''هابل'' العملاقة، كي يتسنى له تحديد هذه الفوارق وتبيانها· ذلك هو تعليق ''رباني'' الذي أكمل ملاحظته بالقول إن الفارق الوحيد الذي يظهر لنا هو الجدول الزمني المعلن من جانب أوباما لاستكمال انسحاب القوات الأميركية من العراق· غير أن القلق يساور الإسرائيليين من احتمال حدوث تحول كبير في سياسات واشنطن ومواقفها من قضايا شرق أوسطية رئيسية، في مقدمتها الأزمة الإيرانية· فبينما فضلت إدارة بوش المواجهة والحزم في خطابها الخاص بالبرنامج النووي الإيراني -وهو نهج يحظى بتأييد احتمال توجيه ضربة عسكرية لمنشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية، سواء من قبل إسرائيل أم بالتنسيق معها- يلاحظ أن أوباما يفضل أسلوب التفاوض والحوار مع طهران· وهذا ما يمكن أن يفسر على أنه ضعف، خاصة في إسرائيل التي تسيطر عليها وتوجهها العقلية الأمنية قبل أي شيء آخر· جاء ذلك في تصريح لتسيبي ليفني زعيمة حزب ''كاديما''، خلال لقاء أجرته معها إذاعة إسرائيل مؤخراً· غير أن ثمة من يرى أن تولي أوباما للرئاسة سيفتح الطريق أمام تنازلات تحظى بالترحيب من كلا الطرفين، من شأنها تذليل عملية التسوية السلمية للنزاع· فمثلا يعتقد البروفيسور هليل كوهين، في معهد ترومان للسلام بالجامعة العبرية في القدس، أن إسرائيل سترحب بحل غير عسكري للنزاع الدائر مع طهران بسبب برامجها النووية· وضمن ذلك يعتقد بإيجابية التفاوض مع طهران في ظل إدارة أوباما· لكن قبل أن يبدأ أوباما أي جهود للدفع بالعملية السلمية، عليه أن يدرك أولاً من هم شركاؤه السلميون· وهنا تكمن الصعوبة، خاصة مع اقتراب إسرائيل من الدخول في معركة انتخابية حامية في العاشر من فبراير المقبل· ويتوقع لزعيمة حزب ''كاديما'' -وهو حزب يمثل أيديولوجية يسار الوسط الإسرائيلي- التي تمكنت من الفوز بانتخابات داخلية قبل حوالي شهرين، وتعد من مؤيدي التفاوض مع الطرف الفلسطيني، أن تخوض سباقاً انتخابياً شرساً مع زعيم حزب ''الليكود'' اليميني المتطرف بنيامين نتانياهو· وفي الوقت نفسه يواجه الفلسطينيون صعوبة في حسم مصير قيادتهم· فمن المتوقع أن تجري محادثات صلح بين حركتي ''حماس'' و''فتح'' في القاهرة يوم الأحد المقبل· ومن المقرر أن تنتهي رئاسة محمود عباس للسلطة الفلسطينة في يناير المقبل· ورغم أنه لم يبد موافقة بعد على البقاء في منصبه، فإن الكثيرين يعتقدون أن إجراء انتخابات فلسطينية جديدة يمثل عقبة لا سبيل حتى لمجرد التفكير فيها· ثم إنه لا بد من إثارة السؤال: هل يتوقع لأوباما أن يجري محادثات مع قادة ''حماس''، خاصة أنه أعلن استعداده أثناء حملته الانتخابية للالتقاء بمختلف قادة العالم؟ يبدأ البروفيسور كوهين الإجابة عن هذا السؤال بالقول: العامل الرئيسي هنا، هو ما يريده الإسرائيليون والفلسطينيون· والمسألة الجوهرية هي إقناع كلا الطرفين بالتعايش السلمي، سواء أكان ذلك في ظل دولة واحدة أو في وجود دولتين متجاورتين مستقلتين، فحتى اليوم هناك عدد كبير من الإسرائيليين والفلسطينيين لا يؤمنون بمبدأ المصالحة، ولهم مبرراتهم القوية في ذلك، وليس في وسع أي من كان إرغام البشر على التعايش السلمي فيما بينهم إن كانوا لا يرغبون في ذلك· وبالنظر إلى الضغوط على أوباما من قبل الموالين لإسرائيل في واشنطن والدافعين لخصوصية العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإنه ليس مرجحاً أن يغامر أوباما بخسارة التأييد الذي يحظى به من هذه القاعدة الانتخابية في الفترة الأولى لإدارته· إلين آر· بروشر - القدس ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©