الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقاربة أخرى إزاء كوريا الشمالية

8 نوفمبر 2008 23:49
لا شك أنه إذا قامت كوريا الشمالية بتفكيك محطاتها لإنتاج البلوتونيوم وأوفت بتعهداتها كاملة، مقابل شطب اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فإن ذلك الحدث سيدخل كتب التاريخ، كما سيمثل أحد الإنجازات المهمة لإدارة الرئيس بوش في مجال السياسة الخارجية· لكن الإنجاز لن يأتي بدون ثمن، حيث سيكون الزعيم الكوري الشمالي ''كيم يونج إيل''، قد هزم الرئيس بوش في اللعبة النووية بعدما قام ببناء القنبلة وتجريبها، ثم نجح في الحفاظ عليها والتسويف في إزالتها· فكوريا الشمالية لم تفصل أبداً بين نفوذها السياسي والأمني وبين امتلاك السلاح النووي، كما فعلت جنوب أفريقيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء وليبيا، كما أن تراجع النظام الستاليني في بيونج يانج عن بعض التزاماته السابقة، يشير إلى الصعوبات الجمة التي ستواجه الدبلوماسيين الأميركيين في جهودهم الرامية لإقناع كوريا الشمالية بتنفيذ تعهداتها التي قطعتها على نفسها عام 2005 والقاضية بنزع سلاحها النووي· ولا ننسى أن المطلب الكوري بإخضاع جميع عمليات التفتيش والمراقبة لاتفاق مسبق بين الطرفين سيُبقي بعض المواقع النووية بعيداً عن أعين المفتشين، وربما سيستمر البرنامج النووي دون إمكانية التحقق من تفاصيله· وفي ظل هذا الوضع سيكون أمام إدارة أوباما تحديات ثقيلة يتعين النهوض بها دون أن يعني ذلك بالطبع وقف المحادثات السداسية، أو المفاوضات الثنائية لأن الاستمرار في الاجتماعات سيكبل أيدي زعيم كوريا الشمالية ويدفعه إلى احترام التزاماته، كما أن عملية التفاوض ستفتج أفقاً جديداً لمعرفة مزيد من المعلومات حول البرنامج النووي الكوري وفك طلاسيمه المستغلقة، لكن مع ذلك سيكون من الصعب على المفاوضين الغربيين حمل كيم يونج إيل على الالتزام التام بمسؤولياته· هذا الوضع يحتم على أوباما، وهو مسلح بالاتفاق الحالي مع كوريا الشمالية، اتباع نهج دبلوماسي أكثر جرأة بهدف إعادة الدفء إلى العلاقات الثنائية من جهة، وإخماد الطموحات النووية من جهة أخرى، وهكذا يتعين على الولايات المتحدة البناء على اتفاق 2007 الذي ينص على تحسين العلاقات الثنائية للانخراط في علاقات دبلوماسية كاملة· وسيسمح فتح سفارات البلدين في واشنطن وبيونج يانج بتواصل أفضل وعلاقات دبلوماسية أحسن ستوظفها الولايات المتحدة لفك شفرة كوريا الشمالية وتطوير عملية اتخاذ القرار بشأنها· غير أنه بالإضافة إلى المسار الدبلوماسي، هناك أيضاً الجانب الاقتصادي الذي يتعين الاهتمام به وإعطائه الأولوية، فحسب الاتفاقية الحالية تتلقى بيونج يانج مساعدات إنسانية ومساعدات في مجال الطاقة، فضلا عن تسلمها لشحنات كبيرة من النفط والغذاء، لكن رغم ذلك يتعين على أميركا بذل مزيد من الجهد على الصعيد الاقتصادي· وفي هذا السياق يتعين على واشنطن، وبدون شروط مسبقة، فتح أبواب الاستثمار في كوريا الشمالية، وهو ما سيتيح المجال للشعب الكوري للاستفادة من ثمار الانفتاح والاطلاع على فرص معيشية أفضل· ومع أن هذا الانفتاح قد يساعد النظام الحالي على تكريس سلطته، فإنه على المدى البعيد سيعرض النظام لضغوط شعبية تطالبه بالانفتاح· ولاستكمال التعاون المشترك بين البلدين وإشراك كوريا الشمالية في المنتظم الدولي، لابد أيضاً من الاهتمام بالأمن العسكري وبناء أواصر الثقة بين الجانبين مثل إنشاء خط هاتفي مباشر بين بيونج يانج وباقي العواصم الغربية لمواجهة الأزمات الطارئة، وتوسيع الاجتماعات بين القيادات العسكرية، ثم التقليل من المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بالقرب من المياه الإقليمية لجارتها الشمالية· وفي كل ذلك يبقى خط ثابت يتيعن على كوريا الشمالية ألا تتجاوزه، ويتمثل في تصدير السلاح النووي، أو المواد التي تدخل في صناعته، فضلا عن التكنولوجيا المرتبطة به، إلى الخارج، وعلى أميركا أن تقول لبيونج يونج، وبشكل واضح، أنه في حال تسرب السلاح إلى دولة أخرى وأدى إلى حادثة نووية، فإن واشنطن ستعمل على إسقاط النظام· ومع أن هذه الاستراتيجية قد لا تقنع كوريا الشمالية بالتخلي نهائياً عن طموحاتها النووية واحترام التزاماتها، فإنها تظل أفضل المتاح في الوقت الراهن قياساً إلى المقاربات الأخرى الداعية إلى عزل النظام، أو الاستمرار في مفاوضات لانهائية وغير فعالة· بينيت رامبورج موظف سابق في وزارة الخارجية خلال رئاسة جورج بوش الأب ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©