الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كلام لكل زمان

7 أغسطس 2017 22:12
القصيدة التي لم يشتهر منها غير بيت واحد: يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً ويَروغُ منـــــكَ كما يـــروغُ الثّعلــبُ رغم أهمية البيت الذي يليه ولكن الناس لم تعره بالاً: وَصِلِ الكرامَ وإنْ رمــوكَ بجفــوةٍ فالصفحُ عنهمْ بالتَّجــاوزِ أصوَبُ كل بيت في هذه القصيدة يعادل كتاباً فأقرأها جيداً. هي إحدى القصائد الخالدة للشاعر صالح بن عبدالقدوس أحد شعراء الدولة العباسية. الرجاء التمعن في كلماتها ومعانيها.. فدعِ الصِّبـــا فلقـــدْ عـداكَ زمانُهُ وازهَدْ فعُمرُكَ مـرَّ منـــهُ الأطيَبُ ذهبَ الشبابُ فما لــه مــنْ عودةٍ وأتَى المشيبُ فأينَ منهُ المَهربُ دَعْ عنـــــكَ ما قـــد كانَ فــي زمنِ الصِّبا واذكُــــر ذنوبَكَ وابِكهـــــا يا مُذنبُ واذكرْ مناقشـــــــةَ الحســــابِ فإنه لابَدَّ يُحصــــــي ما جنيـــتَ ويَكتُبُ لم ينســـَهُ الملَكـانِ حيــــنَ نســــيتَهُ بـــل أثبتــــــــاهُ وأنـــــــتَ لاهٍ تلعــــبُ والرُّوحُ فيـــكَ وديعـــــــةٌ أودعتَهــــا ستَردُّها بالرغــمِ منـــكَ وتُســـلَبُ وغرورُ دنياكَ التـــــي تســـعى لها دارٌ حقيقتُهـــــــــا متـــــاعٌ يذهــــبُ والليلُ فاعلمْ والنهـــــــارُ كلاهمـــا أنفاســـــــُنا فيهـــا تُعدُّ وتُحســــبُ وجميــــــــــعُ ما خلَّفتَــــهُ وجمعتــــَهُ حقـــاً يَقينـــاً بعدَ مــــوتِكَ يُنهــــبُ تَبَّاً لــــدارٍ لا يـــــــــــــدومُ نعيمُهـــــا ومَشــــيدُها عمّا قليــــلٍ يَخـــــربُ فاســمعْ هُديتَ نصيحــــةً أولاكَها بَرٌّ نَصـــــــــــوحٌ للأنــــــــــامِ مُجرِّبُ صَحِبَ الزَّمـــانَ وأهلَه مُستبصراً ورأى الأمـــــــورَ بما تؤوبُ وتَعقُبُ لا تأمَـــــــــــنِ الدَّهــــــــــرَ فإنــــــــــهُ ما زالَ قِدْمـــــاً للرِّجـــالِ يُــــؤدِّبُ وعواقِــــــبُ الأيـــامِ فــي غَصَّاتِهــا مَضَضٌ يُـــذَلُّ لهُ الأعــزُّ الأنْجَبْ فعليكَ تقـــوى اللهِ فالزمْهــا تفــزْ إنّّ التَّقــيَّ هــــوَ البَهـيُّ الأهيَـــــــبُ واعملْ بطاعتِهِ تنلْ منـــهُ الرِّضـــا إن المطيــــــعَ لهُ لديــــــهِ مُقـــــرَّبُ واقنعْ ففي بعضِ القناعــةِ راحــة واليأسُ ممّا فاتَ فهـــوَ المَطْلـــبُ فإذا طَمِعتَ كُســــــيتَ ثوبَ مذلَّــةٍ فلقدْ كُســــيَ ثــوبَ المَذلَّةِ أشعبُ وابدأْ عَــــدوَّكَ بالتحيّــــــةِ ولتَكُــنْ منـــــــهُ زمانَـــكَ خائفـــــــــاً تترقَّبُ واحــــــــــذرهُ إن لاقيتَـــهُ مُتَبَسِّــــماً فالليـــثُ يبـــــدو نابُهُ إذْ يغْضَـــــبُ إنَّ العــــــــدوُّ وإنْ تقـــــادَمَ عهــــدُهُ فالحقدُ باقٍ في الصُــّدورِ مُغَّيــبُ وإذا الصَّديـــقٌ لقيتَــــــــهُ مُتـــــملِّقاً فهــــوَ الــــعدوُّ وحقُّــــــــــهُ يُتجنَّــبُ لا خيرَ فــــــــي ودِّ امـــرئٍ مُتملِّـــقٍ حُلــــــوِ اللســـــانِ وقلبـــــــــهُ يتلهَّبُ يلقـــــاكَ يحلــــفُ أنه بـــكَ واثــــقٌ وإذا توارَى عنكَ فهــــوَ العقــــرَبُ يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسـانِ حلاوةً ويَروغُ منــــكَ كمـــا يـروغُ الثّعلـــبُ وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفـــــوةٍ فالصفحُ عنهمْ بالتَّجــاوزِ أصوَبُ واخترْ قرينَكَ واصــطنعهُ تفاخراً إنَّ القرينَ إلـــى المُقــــارنِ يُنسبُ واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهمْ بتذلُّلٍ واســـــــــــمحْ لهمْ إن أذنبـــوا ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً إنَّ الكذوبَ يشينُ حُراً يَصحـــــبُ وزنِ الكـــلامَ إذا نطقـــتَ ولا تكنْ ثرثــــارةً فـــي كلِّ نـــــــادٍ تخطُــــبُ واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ فالمرءُ يَســــــلَمُ باللسـانِ ويُعطـَبُ والسِّــــرُّ فاكتمـــهُ ولا تنطـــُقْ بـــــه إنَّ الزجاجـــةَ كسرُها لا يُشــــعَبُ وكذاكَ سـرُّ الـمــــرءِ إنْ لمْ يُطــوهِ نشــــرتْهُ ألســــنةٌ تزيـــدُ وتكــــذِبُ لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائدٍ في الرِّزقِ بل يشقى الحريصُ ويتعبُ ويظــــــــلُّ ملهوفـــاً يـــرومُ تحيّـــلاً والرِّزقُ ليــــسَ بحيلةٍ يُســــــتجلَبُ كم عاجزٍ في النــــاسِ يأتي رزقُهُ رغَـــــداً ويُحــــرَمُ كَيِّــسٌ ويُخيَّـــــبُ وارعَ الأمانــــةَ والخيانـــةَ فاجتنبْ واعدِلْ ولا تظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُ وإذا أصابــكَ نكبةٌ فاصـــبرْ لهــــا مــن ذا رأيـــتَ مــــسلَّماً لا يُنْكـــبُ وإذا رُمـــيتَ مــــــــن الزمانِ بريبةٍ أو نالكَ الأـــمرُ الأشـــقُّ الأصعبُ فاضـــــــرعْ لربّـــك إنه أدنى لمــنْ يدعوهُ من حبلِ الوريــــدِ وأقـــربُ كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ إنَّ الكثيرَ مــــن الوَرَى لا يُصحبُ واحــــــــــذرْ مُصاحبــةَ اللئيم فإنّهُ يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ واحذرْ من المظلومِ سَهماً صائبا واعلمْ بـــأنَّ دعـــــاءَهُ لا يُحجَــــبُ وإذا رأيــــتَ الـــــــرِّزقَ عَزَّ ببلـــــدةٍ وخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا طولاً وعَرضاً شــرقُها والمغرِبُ فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي فالنُّصحُ أغلى ما يُبـــــاعُ ويُوهَــــبُ ‏?محمد رضا ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©