الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان: انتخابات تشريعية حاسمة

باكستان: انتخابات تشريعية حاسمة
11 مايو 2013 22:15
ترودي روبن كاتبة ومحللة سياسية أميركية كان شبح بنازير بوتو يخيم على الانتخابات البرلمانية التي انطلقت أمس السبت في باكستان. فوجه رئيسة الوزراء السابقة الجريئة التي اغتيلت وهي تلقي خطاباً في الحملة التي كانت تخوضها استعداداً للانتخابات العامة الأخيرة في هذا البلد مازال يزين اللوحات الدعائية لحزب الشعب الباكستاني (الذي فاز في الانتخابات السابقة، ولكن لا يتوقع له ذلك هذه المرة). والشيء المفقود في هذه الانتخابات هو النداء الذي وجهته بوتو لباكستان كلها بالتصدي لمشكلة «طالبان» قبل أن تقوم هذه الجماعة بتقويض الدولة والمجتمع. لقد كنت في باكستان في الانتخابات السابقة، ولا أستطيع أن أنسى حماسها قبل أن تخرسها رصاصات وقنابل «طالبان باكستان» بالأوردية (تحريكي طالبان باكستان). وفي إطار الحملات الانتخابات الحالية، شنت الجماعة هجمات دموية ضد مرشحي أحزاب التيار الرئيسي الثلاثة العلمانية، بما في ذلك حزب بوتو «الشعب» وحزب «عوامي» الذي تتركز قوته في الإقليم الشمالي الغربي المضطرب، أدت لمقتل ما يزيد على 100 شخص، كما أصدرت تحذيرات للجمهور بعدم حضور التجمعات الانتخابية، ما دفع المرشحين لإلغائها. أما زعماء الأحزاب الأكثر محافظة فلم يتعرضوا لهجمات، بما في ذلك رئيس الوزراء المنتظر، نواز شريف، وبطل الكريكيت الذي تحول إلى سياسي عمران خان، وهو ما يرجع إلى أنهم تجنبوا انتقاد «طالبان» بالاسم. أما الـ130 مرشحاً المنتمين لمجموعة سنية متشددة «أهل السنة والجماعة» المعروفة بنشرها لتوجهات طائفية، فيقومون بحملتهم الانتخابية علناً، ومن دون مشكلات. وهناك سببان رئيسيان يجعلان كل ذلك محوراً لاهتمام الأميركيين. الأول: من دون مساعدة من الحكومة الباكستانية القادمة فسيكون الخروج الأميركي من أفغانستان كارثياً -لأميركا وباكستان على حد سواء. والثاني: إن الحكومة الباكستانية القادمة يجب أن تقرر كيف ستتعامل مع المسلحين الإسلاميين الذين يريدون الفوز بالسلطة في جزء من باكستان المسلحة نووياً -أو فيها كلها إن أمكن- وهو احتمال يتضاءل إلى جانبه أي تهديد نووي إقليمي آخر. ولكن الانتخابات الباكستانية الحالية لا توحي سوى بقدر قليل من الثقة في أن الحكومة القادمة سيكون بمقدورها التعامل مع أي من التحديين المذكورين. يشار في هذا السياق إلى أن عمران خان الذي أدى الزخم الكبير في شعبيته في الآونة الأخيرة إلى استقطاب الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي يبدي تلهفاً كبيراً على الدخول في حوار مع «طالبان باكستان» إلى درجة أن منتقديه يطلقون عليه الآن «طالبان خان». ونواز شريف بدوره يحبذ التفاوض مع الجماعة، وهو ما يدفع للقول إن الاثنين يسهمان في رواج الفكرة القائلة إن الجيش الباكستاني عندما يحارب «طالبان باكستان» فإنه يكون في الحقيقة كمن «يخوض حرب أميركا بالنيابة عنها»! بيد أن ما أدركته بوتو، مع ذلك، هو أن أيديولوجية «طالبان» تهدد سيادة باكستان وبقاءها. وقد اشتكت بوتو من أن قرار الجيش الباكستاني، وجهاز الاستخبارات العسكرية القوي، عدم مواجهة طالبان أفغانستان في فترات سابقة، قد مكن هؤلاء المتطرفين من نشر أيديولوجيتهم في صفوف المقاتلين المحليين، وأن عدم مواجهة الاستخبارات العسكرية لبعض الجماعات الإرهابية المحلية، التي قد تكون عولت عليها لخوض حرب ضد الهند، ساعد على نشر شبكات الإرهاب داخل باكستان نفسها. وقد أدركت بوتو كذلك أن إجراء محادثات مع «طالبان باكستان» سيكون أمراً عديم الفائدة، ما لم يكونوا على استعداد أولاً للاعتراف بشرعية الدولة الباكستانية. وما حدث في الواقع هو أنه في كل مرة كان الزعماء الباكستانيون يتوصلون إلى اتفاقيات مع جماعات «طالبان» المحلية على مدار العقد الماضي، هو أن تلك الجماعات كانت تتنصل من تلك الاتفاقيات، وتواصل إرهابها ضد المدنيين الباكستانيين، وتقطع الرؤوس، وتفرض قوانين دينية صارمة. بيد أنه يبدو أن الجيش الباكستاني قد أدرك -متأخراً- الجزء المحلي من المشكلة (إن لم يكن قد أدرك خطر إيواء طالبان أفغانستان، والجماعات الكشميرية العنيفة). وكان قائد الجيش الباكستاني الجنرال إشفاق كياني، قد أعلن في الآونة الأخيرة أن الحرب ضد «طالبان باكستان» هي «حرب باكستان الخاصة»، ولكن الحقيقة هي أن المؤسسة العسكرية لا تستطيع وحدها حل المشكلة التي تمثلها هذه الجماعة. ولعزل المسلحين سيتعين على رئيس باكستان القادم أن يعالج بشكل نهائي مشكلة النقص الفادح الذي تعانيه البلاد في مجال البنية التحتية، بما في ذلك غياب المدارس العلمانية الذي يترتب عليه تغذية الأمية وانتشار المدارس الدينية الراديكالية. فإنجاز ذلك سيقوض حضور المسلحين، ويزيد الدعم الشعبي للعمل ضد العنف الإرهابي. وحتى الآن لا يظهر المرشحون الرئيسيون -على رغم الخطاب الشعبوي- سوى القليل من العلامات على استعدادهم لمواجهة مشكلات باكستان الاقتصادية، ناهيك عن التصدي لابتزاز «طالبان»، وخصوصاً أن المصير الذي انتهت إليه بوتو عندما جرؤت على ذلك ما زال ماثلاً في ذاكراتهم. ومن كان منهم قد نسي ذلك فلاشك أنه قد تذكره جيداً بعد أن أقدم المسلحون منذ أيام على اغتيال المدعي العام الذي كان ما زال يحقق في حادث اغتيالها منذ أيام. وأعتقد أن الصورة قد باتت واضحة الآن وهي: ما لم يتمكن أحد من زعماء باكستان من التحلي بقدر من الشجاعة التي كانت تتسم بها بوتو، فإن الانتخابات الحالية ستؤدي لمزيد من المتاعب لباكستان -والولايات المتحدة أيضاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة»إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©