الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«التشريح السيكولوجي» الاختبار الأخير قبل الزواج

«التشريح السيكولوجي» الاختبار الأخير قبل الزواج
27 يوليو 2010 20:34
هل يمكن لشخص ما ان يخضع نفسه طوعاً للتحليل النفسي وان يصبح تحت الميكروسكوب لمجرد انه يحب انساناً ما ويريد الارتباط به؟.. وهل التحليل النفسي هو الذي يحدد علاقات الناس ببعضهم البعض؟.. وهل هناك في العلاقات الانسانية اساساً ما يسمى التوافق النفسي فقط بعيداً عن التوافق العاطفي والاجتماعي والديني..الخ؟ جمعية النهضة النسائية بدبي تطرح مبادرة فريدة من نوعها تحت عنوان: «هل سينجح زواجي؟.. تتيح لكل شاب وفتاة يرغبان في الارتباط اكتشاف اهتمامات وميول الآخر عن طريق مجموعة من الاختبارات يحددان بعدها: هل يواصلان اتمام اجراءات زواجهما ام يبتعدان الى الابد وبلا رجعة. الفكرة غريبة الى حد ما، ليس لانها فقط نتاج بيئة غير شرقية، فرويدية ان شئنا التوصيف، لكن ايضا لأنها قد لا تبدو طريقة عملية للزواج، وتكوين اسرة كما هي الشروط المنصوص عليها فى ديننا الحنيف: اظفر بذات الدين تربت يداك. صدق رسول الله. مع ذلك فان فكرة الخضوع للتحليل النفسي تلك قبل الزواج تجد مؤيدين ومعارضين على الجانبين، خاصة من جانب الفتيات. مع انها، أي الفكرة، لم تدخل حيز التطبيق على نطاق واسع فى مجتمعاتنا. كيف ينظر لها الشباب من الجنسين؟.. وهل من الممكن ان يشترط طرف على الاخر القبول بها كشرط لاتمام مراسم الزواج؟ فى البداية تدفع عفراء الحاي مديرة الاستشارات بالجمعية بأن: الدراسات الحديثة تشير الى ان السبب المباشر فى وقوع الطلاق هو عدم انسجام طباع شريكي الحياة، وتضيف: في تقديري ان السمات النفسية والاجتماعية لشريكي الحياة مهمة، ومؤشر قوي على مدى نجاحهما او فشلهما، لأنها احياناً تكون مختلفة بل ومتناقضة، وبالشكل الذي يؤدي الى وقوع الطلاق. كشف الخلل أما مريم المهيري، وهي فتاة فى العشرينيات من عمرها، فتشيد بالفكرة، وتقول انها من واقع ثقافتها وقراءاءتها تعرف ان الدول المتقدمة تستعين بمثل هذه البرامج لضمان نجاح العلاقات الزوجية، وهي في كل الاحوال تساعد على استقرار الحياة الاسرية، وتعين الفتاة على ان تكمل حياتها بنجاح، بعد ان تبحث عن نقاط الضعف فيها، وتعمل على تقويتها، وهو ما يحد فى النهاية من ظاهرة الطلاق في المجتمع او وقوع المشاكل الزوجية فيما بعد، لأن البرنامج يساعد الشاب والفتاة على أن يفهما بعضهما البعض جيداً، ويدركا اهمية وجود قواسم مشتركة بينهما وتقديم تنازلات متبادلة... هي نفسها تقر بأنها لا تمانع فى ان تشارك فى هذا البرنامج، عندما تكون مقبلة على الزواج، خاصة وان فترة الخطوبة غير كافية وحدها لفهم كل من الزوج والزوجه شخصية بعضهما البعض، وهي، اي الخطوبة، تهيء الفرصة فقط لحدوث الفة ومودة بينهما. لكن «البرنامج يكشف عن نقاط ضعفنا من خلال شخص متخصص ومحايد، وايضاً يعمل على تقويتها»... عفراء تشرح مزايا الفكرة بقولها: يمكننا التحكم في العلاقة الزوجية من خلال هذه المبادرة بالايجاب، وتمضي قائلة: نستهدف الفئة المقبلة على الزواج. ونخضع فيها اي شاب او فتاة يريدان الارتباط لاختبارات منفصلة، يعدها متخصصون في علم النفس والاجتماع، تساعدهما على ان يعرفا سمات بعضهما البعض بطريقة علمية، وبعد تحليل نتائجها يمكن تحديد فرص نجاح علاقتهما او فشلها، فاذا وصلت نسبة التوافق الى 60% مثلاً تكون احتمالات الفشل 40%. وهكذا، يمكننا ايضاً ان نعزز فرص نجاح الزواج وبنسب تصل الى 90% لمن يريدا الاستمرار فى الارتباط رغم اختلاف طباعهما، اذ ننظم لهما برنامجا تأهيليا ينفذه متخصصون في العلاقات الاسرية. وتستمر الجمعية في متابعتهما بعد انتهائه لمدة عام لمعالجة اي خلل يطرأ. تباين الأمزجة أيضاً ترى وفاء السويدي، وهي فتاة اخرى من جبهة المؤيدين، ان المبادرة، او البرنامج التأهيلي، يساعد اي شاب وفتاة راغبين فى الارتباط، على سبر اغوار شخصيتهما، وتعريتها للآخر، وتبيان ما اذا كان بينهما توافق ام لا، خاصة وان كثيرين يظهرون افضل سماتهم، ويوارون عيوبهم خلال فترة الخطبة. تضيف: لاشك ان اختلاف طباع وميول الزوجين يؤثر على متانة وقوة علاقتهما، لان كلاهما يكون معتادا طوال حياته على اسلوب خاص به، وربما نشأ فى بيئة مختلفة عن الآخر، ومن ثم يمكن ان يؤدي ذلك الى وجود ميول وطباع مختلفة لكل منهما، فلا يستطيعان ان يتقبلا سمات بعضهما البعض، وتنشأ بينهما الخلافات التي تقود احيانا الى الطلاق... اذ يمكن ان يكون احدهما عصبياً مثلاً، او حاد المزاج، بينما الآخر هادىء الطباع فيصطدما وتنشأ بينهما المشاجرات... ترفض وفاء السويدي ان تكون المبادرة الزامية، بل وتتوقع فشلها اذا حدث ذلك، لان كل انسان يظهر افضل ما بداخله خلال تعامله مع الاخرين، خاصة فى موضوع الزواج، وعندما يذهب شاب لخطبة فتاة يظهر اجمل ما فيه من صفات، ويواري عيوبه، وهي ايضا، وكشف ذلك التصنع يحتاج الاحتكاك وبمرور الوقت ، وفي تقديري ان من يخضعون لهذا البرنامج فى حال اجبارهم عليه سوف يظهرون ايضا افضل صفاتهم فقط، ولن يتمكن احد من كشف حقيقتهم ... وتقول عفراء من جانبها : نهدف من وراء المبادرة الى زيادة معدل التوافق بين المقبلين على الزواج ، وقد بدأنا بالفعل تطبيقها على حالات بسيطة بعضها جاءنا فى مرحلة الخطبة والاخر عقد قرانه بالفعل ... ونحاول ان نتواصل مع صندوق الزواج حاليا حتى يتبناها اذا نجحت فى تحقيق الهدف منها بحيث تكون ملزمة للمقبلين على الزواج. توضح: هناك رسوم ماليه بسيطة يسددها الراغبون فى الاشتراك في المبادرة نظير الاختبارات لانها تأخذ جهدا ووقتا ممن يجرونها، لكن برنامج المتابعة والاعداد مجاني، ونتوقع ان يكون مردود المبادرة جيدا... تباينت ردود الافعال بشدة حول هذا الموضوع ... ففي حين تحمست لها الفتيات، كما سبقت الإشارة، وصفها غالبية الشباب بانها عديمة الجدوى، و»تقليعة» أشبه بالصرعة، الهدف منها تقليد الدول الغربية... عوامل خارجية يرفض سعيد مراد، احد المقبلين على الزواج المشاركة في المبادرة، ويعتقد ان فترة الخطوبة كافية لكى يعرف هو وفتاته هل هما منسجمان ام لا، يضيف: حتى وان قلل البرنامج من حدة المشكلة فهو لن يقضي عليها، كما انه لا يمكن الاستناد اليه كمعيار لنجاح الزواج او فشله... لأن اسباب الطلاق كثيرة، ولا تقتصر على اختلاف الميول والصفات الشخصية، اذ ان بعضها مرتبط بمشكلات اقتصادية او اجتماعية، وتتدخل فيها عوامل خارجية ايضا، وليست قاصرة على الزوجين فقط... ويقول: على المستوى الشخصي ارفض الاشتراك في هذا البرنامج ، وهو في تقديري عديم الجدوى، ويمكن ان اكتشف انا وشريكة حياتي ميولنا خلال فترة الخطوبة، وعلى هذا الاساس نقرر هل نواصل زواجنا ام لا، والأمر لايحتاج الى متخصصين نفسيين واجتماعيين... باختصار انا ارفض الفكرة وسوف اشعر انني مريض نفسي فى حاجة الى علاج اذا كشفت هذه الجلسات لى انني وفتاتي غير متوافقين، اضف الى ذلك ان اباءنا واجدادنا كانوا يتزوجون وينعمون بحياتهم بدون مثل هذه الاختبارات... محمد جمال، احد الشبان الذين لم يتزوجوا بعد، ومازال في فترة الخطوبة، يتحفظ على الفكرة ايضاً، ويقول: اذا طالبتنى خطيبتى بالذهاب معها لعمل هذه الاختبارات سأرفض، فهذه المبادرة لا لزوم لها فى تقديري، والشباب والفتيات اصبحوا متفتحين في الوقت الراهن، ويمكنهم ان يعرفوا هل بينهما «كيمياء» او انسجام ام لا خلال فترة الخطوبة. واذا لم يستطعا ان يقفا على حقيقة ميولهما تجاه بعضهما قبل عقد القران، يمكنهما ان يمددا فترة الخطبة ويأخذا وقتهما. اما ان يلجآ الى خبير نفسي او اجتماعي، فهذه مبالغة لاداعي لها. اختلاف الزمن أما حصة عبد الله، وهي فتاة لم تتزوج بعد، فتبدو متحمسة للفكرة، وترى انها يمكن ان تقلص معدلات الطلاق بالفعل، تضيف: بعد ان تنتهي الفتاة من دراستها سواء الثانوية او الجامعية تستعد للزواج مباشرة، وفترة الخطوبة غير كافية لكى تكتشف شريك حياتها، لانها قصيرة عادة ولاتتجاوز الثلاثة اشهر على اقصى تقدير، كما ان العادات والتقاليد الموجودة فى المجتمع تمنع الفتاة من الحديث مع الشاب خلال فترة الخطوبة، وتحتم ان تكون تعاملاتهم فى اضيق الحدود، حيث يعتبر جلوس الفتاة مع خطيبها وحدهما عيباً، ويتولى الأهل كل شيء نيابة عنها سواء بالسؤال عن الشاب ودراسة اخلاقه، وقد تكون شخصياتهما متنافرة لكنهم يتزوجان فتنشأ المشكلات ويقع الطلاق، وفى تقديري ان هذا الاسلوب والاختلاف فى الارتباط هو السبب الاول في وقوع ابغض الحلال، لان الشاب قد يكون أحيانا بخيلاً او جامد الفكر، في حين تكون هي متفتحة. وتضيف: انا شخصياً سوف انضم للمبادرة حينما يحين موعد زواجي لانها ستساعدني على الوقوف على شخصية شريك حياتي، والامساك بمفتاح نفسيته، وتمنحني فرصة التخلص من بعض تقاليدنا البالية في ما يتعلق بفترة الخطوبة... صحيح لم يكن اهالينا يحصلون على مثل هذه البرامج، وحياتهم ناجحة لكن ذلك يرجع في تقديرى الى ان المرأة فى ذلك الوقت كانت صبورة وقنوعة عكس الآن، اذ نالت الفتيات قسطا كبيرا من التعليم، وخرجت المرأة الى المجتمع، واصبحت تعمل في كل المجالات، ولا تصبر على عيوب زوجها وتطلب الطلاق، بينما كان ذلك في الماضى عيباً. أي أن النساء في الماضي كنَّ يمتلكن حكمة لا تبدو متوافرة لفتيات اليوم. وللأهل آراؤهم يبقى السؤال مطروحاً: هل أنَّ شباب وفتيات هذه الأيام فى حاجة الى من يعينهم على فهم بعضهم البعض قبل الزواج؟ وهل فترة الخطبة غير كافية حقاً لكى يفهم شريكا الحياة بعضهما البعض؟ سؤال طرحناه على بعض الآباء والأمهات حاولنا خلاله ان نرصد اجاباتهم من واقع تجربتهم الشخصية؟ يقول عبد الله موسى، الاستشاري الاسري، واخصائي اول توجية بدائرة الشؤون الاسلامية: نعم، ومن واقع المشكلات الأسرية التي تعاملت معها، اجزم لك ان اختلاف طباع شريكي الحياة تتصدر اسباب مشكلة الطلاق، هناك جهل بحاجات كل طرف، وتسرع ايضاً، وهما لا يصبران حتى يستطيعا ان يتكيفا مع طباع بعضهما، خاصة وان كلاهما نشأ فى بيئة مغايرة عن الاخر، وكل منهما يريد ان يكيف الاخر على طباعه، وعندما يجد مقاومة تقع توترات ومشكلات تنتهي احيانا بالطلاق بسبب العناد، المرأة تريد الحنان والعطف، والرجل عملي ينشغل بأعباء العمل، كلاهما يريد ان يحقق رغباته وطلباته فقط، وهذا هو المستحيل بعينه. يضيف: في تقديري ان الرجل والمرأة اذا ادركا حاجات بعضهما وتوصلا الى حلول وسط لتحقيقها، او راعى كل منهما رغبات الآخر سينجح الزواج، لان الرجال والنساء يبحثون عن السعادة.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©