الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سفر الروح

27 يوليو 2010 20:46
ترى ?هل هناك أحد غيري يشعر بأن هناك نوعاً من الركود القاتل هذه الأيام، وأن أيام الصيف تمضي بطيئة متثاقلة كسلحفاة عمرها ألف عام??، وكأن الحر لا يكفي ليجعل الأيام تبدو رمادية كئيبة متشابهة، تغدو بلا طعم ولا لون، كأنها قصائد شِعر فقدت الأحاسيس فتحولت إلى كلمات متقاطعة بلا معنى ولا وزن ولا قافية.. بحثت في المكان عن شيء ينقذني من كآبتي تلك، وشعرت كأن الوقت قد تجمد وكأن عقرب الثواني لا يتحرك، ثم وفجأة شعرت وكأن زلزلة هزت كياني وكأن الأرض تهتز من تحت أقدامي، وكأنها تتحرك لتأخذني إلى مكان آخر، وبعد زماني آخر، إنها قصة الهروب من زمن تحاصرك فيه كل الأزمات على سطح الأرض، ويطاردك فيه كل ماضي التاريخ كأنه وحش غامض لا تعرف طريقاً للخلاص منه.. وجدتني أقبع بلا مقدمات في زاوية في مقهى يتخذ موقعاً فريداً في شارع مألوف محبب، تلك الزاوية تسمح لي بالاختباء وفي الوقت نفسه المراقبة، ثمة حركة في المكان يبدو أنني لست الوحيد من المتخلفين في زمن الترحال، هناك عاشق في ركن منعزل من المقهى يبث هواه وغرامه لحبيبته التي يمسك بيدها بهيام واضح، وثمة ولد يركض أمام والده الذي يسعى لإرضائه.. شربت قهوة إيطالية ممجوجة مرة كطعم الأيام، حاولت تحليتها عبثاً بسم أبيض لم يأت بنتيجة، فمرارة الأيام الصيفية الحارة تحتاج إلى أكثر من السكر لتصبح مهضومة، ثمة موسيقى تنبعث من مكان ما خيل لي أن ألحانها اختفت وتماهت فلم تعد واضحة، أو لعلها تاهت ولم يبق منها سوى ترانيم حزينة.. ما هذه الأجواء الكئيبة لدرجة الشعور بالرغبة في البكاء، حاولت أن القي بنكتة لترطيب الأجواء بضحكة من النادلة الأوروبية الحسناء، لكنها لم تفهم النكتة ولا اللغة، وأيقنت أن هذه الأجواء تحتاج إلى طقس ربيعي مزهر وإلى ألوان مفعمة بالحياة، خرجت من الزاوية ومن المقهى ونظرت حولي فوجدتني في شارع يشبه الشانزليزيه وفي مكان وزمان مختلفين، غير أنني لا أذكر متى سافرت أو انتقلت.. وأيقنت أنني أصبت بوهم أو حمى السفر فأخرجت أوراقي وجلست على كرسي في الهواء الطلق أكتب هذه التناقضات التي أعيشها، قبل أن أنساها ما أن يتلاشى الوهم، وثمة سؤال يراودني: ترى هل سافرت الروح إلى ذلك الشارع؛ لأن الجسد لم يجد وسيلة للوجود في أكثر من مكان في الزمان نفسه؟ rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©