السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إعادة الإعمار... مهمة ثقيلة في أفغانستان

23 يناير 2010 21:50
فيما تحلق مجموعة من الرجال الأفغان حول الرقيب في الجيش الأميركي، "أدام جيمس"، بدا أن لا أحد منهم متحمس للحديث، رغم أن الفصيل الذي يقوده الرقيب جاء ليتفقد مجموعة من المنازل الأفغانية في قرية "داباي" الواقعة في محافظة "باكتيكا"؛ لكن بعد سنة تقريباً من الخدمة أمضاها الفصيل وسط القرى الأفغانية، لم يعد الجنود الأميركيون يحتاجون إلى الاستفاضة في الحديث مع الأفغان لمعرفة احتياجاتهم، التي تكاد تتكرر كل مرة وتنحصر في تجهزيات الري ومواد البناء والملابس الثقيلة التي تقي من برودة الطقس. أما بالنسبة للأفغان فإن الوضع أيضاً لا يخرج عن المألوف، إذ بعد أكثر من ثماني سنوات من رؤية الجنود الأميركيين يذرعون قريتهم جيئة وذهاباً فقد باتوا على علم بما سيحدث ويتوقعون كيف ستجري الأمور، وهو ما دفع أحد الرجال الأفغان إلى التزام الصمت رافضاً الحديث إلى الجنود، موضحاً السبب بقوله "قبل خمس سنوات جاء الأميركيون إلى هنا يسألوننا عن مشاكلنا، وبعدما سجلوا ملاحظاتهم في دفاترهم لم نرهم بعد ذلك أبدا". وسواء تعلق الأمر بالأميركيين، أو بالأفغان فإن عملية إعادة الإعمار كثيراً ما تنطوي على إحباطات كبيرة للطرفين معاً، فبعد مرور عقد تقريباً على وعود إعادة الإعمار التي تعهدت بها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أصيب عدد متزايد من الأفغان بمشاعر الإحباط بسبب الوتيرة المتباطئة للإعمار وتأخر إنجاز المشروعات التي كانت مقررة، فيما يسعى الجنود الأميركيون جاهدين إلى الموازنة بين المتطلبات الأمنية ومشاريع التنمية وإدارة التوقعات الأفغانية. وبالنظر إلى حجم الأموال المسُتثمرة في البلاد والموارد الكبيرة المخصصة لإعادة الإعمار ينتقد العديد من الأهالي وتيرة التقدم في الميدان معتبرين أن ما أُنفق لا يناسب حجم المشاريع المنجزة، فقد أنفقت الولايات المتحدة منذ العام 2001 ما يناهز 39 مليار دولار على البرامج الإنسانية ومشاريع إعادة الإعمار في أفغانستان دون أن نحتسب 25 مليار دولار أنفقها المجتمع الدولي، وعلى غرار العراق برزت العديد من الصعوبات التي رافقت جهود الإعمار مثل غياب الرقابة على المشروعات. هذا في الوقت، الذي أشارت فيه العديد من المنظمات الدولية إلى ثغرات في الأموال المخصصة لجهود التنمية واختفاء مبالغ مهمة دون أن تُعرف وجهتها، والأكثر من ذلك أنه رغم هذه الأموال المرصودة لإعادة الإعمار، فإنه فقط ما يزيد قليلًا عن نصف الأفغان يعرف شيئاً أو سمع شيئاً عن المشاريع التي يتحدث عنها المجتمع الدولي، وذلك حسب استطلاع للرأي أجرته مؤسسة آسيا، وهو أيضا ما يؤكده "توماس جوتيير"، مدير مركز الدراسات الأفغانية بجامعة نيبراسكا الأميركية قائلًا: "مع الأسف لم تستطع المشاريع الكبرى التي مولها المجتمع الدولي أن تترك تأثيرها على المواطن الأفغاني العادي، الذي مازال يفتقر للخدمات الأساسية"، لكن رغم ذلك يشير "جوتيير" إلى مجموعة من المشاريع التي لم تكن لترى النور في أفغانستان، لولا جهود إعادة الإعمار، معترفاً أن المشروعات الحالية معقدة بسبب تعدد الجهات المانحة وتنوع الأجندات والأهداف. وفي ظل هذا الواقع تسعى الولايات المتحدة للنهوض ببرامجها الخاصة الموجهة للتنمية وإعادة الإعمار، رغم الصعوبات الكثيرة التي يواجهها جنودها في بعض المناطق النائية والمضطربة مثل محافظة "باكتيكا"، ومن بين تلك الصعوبات على سبيل المثال معاناة الجنود أنفسهم من غياب الماء الصالح للشرب. وعن هذا الموضوع، يقول الملازم في الجيش الأميركي "إيريك هول" والمسؤول عن إحدى الوحدات العسكرية، التي تشرف على مشاريع إعادة الإعمار "عندما يقول الأهالي إنهم دائماً يجيبون عن أسئلتنا حول متطلباتهم دون أن يتحقق شيء، فإني أعرف أن ذلك ينطوي على قدر كبير من الصحة"، وفيما يؤكد "هال" أن وحدته نجحت إلى حد ما في إنجاز المشروعات الصغيرة مثل توفير مواد البناء لتعزيز قنوات الري تبقى المشاريع الكبيرة خارج قدرته لما تتطلبـه من وقت. والأمر لا يتعلق فقط بالفترة الزمنية اللازمة لإنجاز المشاريع، بل يمتد أيضاً للأموال التي تنفق، إذ خلافاً للأيام الأولى من الحرب، التي كانت فيها الولايات المتحدة تنفق بسخاء لكسب عقول وقلوب الأفغان، باتت اليوم أكثر صرامة في توزيع الأموال. وفي هذا السياق يقول "جون مايرز"، مدير العمليات العسكرية في إحدى وحدات الجيش الأميركي "في بعض الأحيان يطالبنا الأفغان ببناء المستشفيات وباقي المرافق على أن يتولوا هم إدارتها من بعد، لكن الأمور على أرض الواقع أكثر تعقيداً، فحتى لو قمنا ببناء المستشفيات لا يوجد أطباء للعمل بها، ولو جهزناها بأحدث المعدات الطبية وأجهزة الكشف لا يوجد جراحون لإدارتها". وبسبب هذه الصعوبات تعمل الولايات المتحدة على توزيع معوناتها على نحو استراتيجي بحيث تدرس الطلبات قبل الإقدام على تنفيذ المشروعات، إذ لا يعقل، يقول "مايرز" أن نقوم بحفر آبار كثيرة في منطقة ثم نكتشف أن مخزونها المائي قد استنزف، هذا بالإضافة إلى الصعوبات المرتبطة بالحساسيات بين القبائل الأفغانية المختلفة، والتي غالباً ما تطالب بنفس المعونات التي قُدمت إلى جيرانهم في القرية المجاورة حتى لو اختلفت الاحتياجات. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: أفغانستان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©