الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قبول شروط الطفل يرسخ فكرة «المقابل» في ذهنه

قبول شروط الطفل يرسخ فكرة «المقابل» في ذهنه
25 مايو 2014 20:20
قال جان جاك روسو «قبل أن أتزوج كان عندي ست نظريات لتربية الأطفال، أما الآن فعندي ستة أطفال وليست لدي أي نظرية لتربيتهم». ويكاد آباء أن يتوهوا بين النظريات المعتمدة في تربية الأولاد، بحيث يرتكب بعض الآباء أخطاء في تربية الأطفال من دون إدراك منهم، بحيث تختلف الآراء حول تربية الأولاد من شخص لآخر وفق خلفيته الثقافية، أو بناء على ترسبات الماضي، وهناك من يستعين بما كتب من النظريات العلمية التي ترسم خريطة طريق أمام الأمهات والآباء للمرور لتأسيسهم التأسيس الصحيح. قصص واقعية «انشغلت عن تربية أبنائي بالعمل خارج البيت عندما كانوا صغارا، وأوكلت ذلك للخادمة، التي كانت تقوم مقامي بكل ما يلزمهم، فأفرطت في تلبية كل ما يرغبون به، ما جعلهم يعتمدون عليها اعتمادا كليا، واليوم وصل عمر أكبرهم 10 سنوات، ولا يزال ينتظر من يضع اللقمة في فمه، لم يعد للخادمة مكان بيننا، ولكن ترسخت العادات التي تأسس عليها الأطفال».. تقول فاطمة أحمد، شاكية، وتضيف «نشأ أولادي على الدلال، ولا أزال أعاني من نتيجة ذلك، وأشعر بالذنب تجاه ذلك، كوني ارتكبت بعض الأخطاء في تربيتهم، ولكني لم أجد خطوات مدروسة يمكن السير عليها لتصحيح ما ارتكبه من أخطاء، ومن ذلك مثلا أنني أشجعهم على الأكل بمقابل مادي، وأحفزهم على حفظ جزء من القرآن نظير هدية معينة، ولا حظت أن عدم إيفائي بهذه الوعود يسهم في تراجعهم». من جهتها، تقول لمياء الصافي إنها تحاول نهج مجموعة من الطرائق لتربية أولادها تربية صحيحة، وتشير إلى أنها تؤمن بالتحفيز، لكن تقول إنه ينقلب أحيانا لنتائج سلبية، موضحة «أحاول أن أطور مهارات بناتي وأصقلها، خاصة في مجال المساعدة على نظافة البيت، وبدأت معهن بإعطاء مبلغ من المال مقابل ترتيب دواليبهم وتنظيف غرفهم، نجح الموضوع في البداية، لكن بمرور الوقت تراجعن بشكل كبير، وبتن غير متحمسات للعمل». وعن تجربتها، تقول نورة النعيمي، أم لأربعة أطفال، إن التحفيز مهم للأطفال، لكنها لا توافق الآراء السابقة، مؤكدة أن التجريب والاعتماد على النفس يجعل الأطفال أكثر صلابة. وتقول «يشتكي الكثير من الآباء من تعنت أبنائهم وعدم تفاعلهم في الحياة، وهذا يجعلهم أقل تقديرا للأشياء وقيمتها، كما أن تحفيزهم بالمال والهدايا الكثيرة يقلص رغبتهم في العمل للحصول على غيرها، ويقتل الطموح لديهم». إملاء الشروط في هذا الإطار، يقول الدكتور ياسر نصر، مدرس الأمراض النفسية، والاستشاري التربوي في كتابه «25 خطأ وأسلوبا مرفوضا في تربية الأطفال وأسبابها وكيفية علاجها»، الذي تناول فيه بالتحليل الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الآباء في مرحلة الطفولة من يوم واحد إلى 12 سنة. ويوضح الكاتب أن «الطفل في مرحلة من مراحل عمره نجده يشترط على والديه، كأن يقول مثلا سأفعل كذا إذا فعلت لي كذا»، موضحا أن الطفل يبدأ يملي شروطه على أمه وأبيه، واعتبر الكاتب هذا السلوك خاطئ، وخطير جدا، ويضيف «من هذه التجارب مثلا: أن تقول الأم هيا نقوم يا حبيبي نتناول الطعام، سأتناول الطعام بعد أن أنهي اللعب، تسمح له الأم بذلك، وبعد فترة قليلة تناديه لتناول طعامه فيطلب منها شكولاته، وبذلك يتعود الطفل أن يطلب أي شيء مقابل شيء معين». ويعزو الكاتب سلوك الطفل هذا إلى ترسخ فكرة المقابل، فيبدأ بفرض شروطه، موضحا أن الأم غالبا ما تستجيب لرغبة الطفل استجابة سريعة لعدم قدرتها على السيطرة عليه، مؤكدا أنها غير منتبهة تماما أنها ترسخ في نفسية الطفل مفاهيم غير صحيحة، فمثلا عندما تطلب منه الأم المذاكرة مثلا فإنه لن يستجيب إطلاقا. ويقدم نصر العلاج لمشكلة الطفل الذي يقدم شروطا مقابل قيامه بأمر معين ويقول «من المهم أن نفصل ما بين العمل الضروري وبين اشتراط الثمن له، بمعنى أن على الطفل أن يذاكر من دون أخذ أي شيء مقابل هذا، ونفس الأمر بالنسبة للأكل لأن الطبيعي هو أن يأكل الطفل وينام، فهذه أشياء واجبة على الطفل»، موضحا أنه ليس عيبا أن نشجع الطفل بين الفينة والأخرى، بحيث نحفزه إذا ذاكر جيدا، وإذا تناول طعامه نشجعه، ولكن من المطلوب تشجيع الوالدين، لكن ليس مقابل فرض الشروط نستجيب له، فقبول شروط الطفل يعتبر مشكلة في منتهى الخطورة، وعلى الأم مثلا أن تقوم بتشجيع الابن قبل العمل المطلوب منه وليس بعد القيام به، مثلا المذاكرة أولا ثم اللعب، ترتيب الحجرة ثم اللعب، ولا ينبغي أن نقلب الأمور». قتل الإحساس بالواجب يقول نصر إن هذه الأخطاء الشائعة في التربية أن تعامل أمهات أطفالهن بطريقة غريبة جدا، فإذا شرب اللبن أو أتم أكله تدفع له مالا أو يجب عليها أن تخرجه في نزهة، وهؤلاء الأمهات يقتلن في نفس الطفل الإحساس بالواجب وضرورة الالتزام بأدائه، ولا ينطبق ذلك مثلا على التشجيع الذي نطلق عليه إيجابي كأن يحفظ الطفل سورة من القرآن ونشجعه، ولكن أؤكد أن هذا التشجيع يفيد الأطفال ما قبل 8 سنوات، وبعد ذلك على الأم أن تبدأ بالتشجيع غير المادي، بقبلة مثلا، أو كلمة طيبة، أو حفلة جميلة بعد حفظه لجزء أو سور من القرآن الكريم يجتمع فيه أصحابه وهذا يعتبر نوعا من أنواع التشجيع، ولعل ذلك ما يقوم به المحفظون به كنوع من أنواع التشجيع، بحيث يتوفرون على هدايا كثيرا تخصص للأطفال لتشجيعهم على الحفظ». ويؤكد نصر «لا يجوز إثابة الطفل أبدا على عمل يجب عليه أداؤه لأن ذلك يجعله شخصا ماديا، لا يؤدي عملا إلا إذا أخذ مقابلا». ويضيف «يجب أن تكون الإثابة في مواقف معينة كي لا تفقد الأعمال في نظره قيمتها، كما لا يجب على الأم إعطاء الطفل وعودا كأن تقول لابنها إذا فعلت كذا سأعطيك كذا. ونجد الكثير من الأمهات وقعن في هذا الأمر وهو الإسراف في الوعود بشكل كبير». (أبوظبي- الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©