الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السيف يترجل عن فرس الخيّال

السيف يترجل عن فرس الخيّال
9 نوفمبر 2008 23:59
اختلف معنى السيف العربي مع تطور الحياة ليقتصر على البعدين القيمي والأخلاقي، بعد أن غاب بعده القتالي· وظل رمز مجد ودفاع· وتمتع السيف سلاح العربي قديما بمنزلة عليا وأهمية كبرى، فعندما أراد المتنبي اختصار الدنيا كان السيف رابع الليل والخيل والبيداء وأول الرمح والقرطاس والقلم· بينما مات أبو تمام وهو على يقين بأن السيف أصدق أنباء من الكتب· أما عنترة فقد هم بتقبيله لأنه لمع كبارق ثغر عبلة بنت مالك· وفي الأندلس كانت كل السيوف قواطع إن جردت، إلاّ حسام لحظ المحبوبة فهو قاطع في غمده· معيار شجاعة لا تذكر كتب التاريخ الكثير عن تاريخ السيف قبل الجاهلية! فمعظم المعلومات عن أسلحة الفراعنة والبابليين والسوريين والفينيقيين، تشير إلى الرماح والسهام وغيرها من الأسلحة دون السيف· في سياق متصل، يقول أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة دمشق بشير يونس:''ازدهرت صناعة السيف واستعماله في العصرين الجاهلي ثم الإسلامي، فعرف السيف في الإسلام مجده وأولويته، حداً لم تعرف العرب تقريباً حرباً أو فتحاً إلا من خلاله· وهذا ما يوضح شجاعة العربي، حيث لم يجرؤ الإنسان في العصور السابقة للعصر العربي (بدءا بالعصر الحجري وما تلاه) على استخدام السيف كثيرا لأنه كان يتطلب مواجهة خصمه أو عدوه مباشرة وجهاً لوجه، بينما كان خياره الرماح والسهام لأنها لا تُلزمه بالاقتراب من الخصم وتعطيه مساحة أمان''· ويستدرك يونس:''بالطبع، تعددت في عصرنا الحالي استخدامات واستلهامات السيف، فنياً ودرامياً وشعرياً، باستثناء استخدامه الحربي، الذي انتفى تماماً بعد دخول الآليات الحربية الحديثة، لكنه صار رمزاً تراثياً جليلاً، بالمعاني النبيلة والهدايا التذكارية الجميلة''· سلاح آمن وتستهوي السيوف العربية، معظم السياح الأجانب الذين يقتنوها ليزينوا بها زوايا بيوتهم، خصوصا أن السيوف المتوفرة في الإمارات ليست أسلحة قتالية، بل آمنة غير مؤذية مصنوعة بهدف الزينة والمحافظة على التراث الشعبي· يقول أبو محمد، مدير محل بيع سيوف للزينة:''تتوفر في السوق الشعبي بقرية التراث عدة محال لتصنيع وبيع السيوف التراثية، فمنها المحلي والعربي والشامي والنزواني والسعودي والإيراني، ومنها من المعدن المُعالج أو الحديد الخفيف، أما المصنوع من الذهب أو الفضة أو المرصع، فيتم إنجازه وفق اتفاق مسبق مع المشتري، وتتراوح أسعار السيوف عادة من ألف إلى عشرين ألف درهم، بحسب التصميم والإضافات، فهناك سيف يدخل العاج في هيكلة مقبضه، وهناك سيف ذات نصل محني، أو بغمد مزخرف، وغيرها من التصاميم''· أحجام وأطوال وعن كيفية صناعة أو حدادة السيف، يقول عبود، صانع سيوف:''تتطلب صناعة السيوف توفر عدة مواد خام، منها الحديد أو المعدن المُعالَج، وبعض الأحجار الملونة، وأزاميل ومسامير ومطرقات وسندان، وأدوات تقليدية صغيرة ناعمة لئلا يخدش سطح السيف· فضلاً عن بعض أدوات النقش، كي تتشكل لدينا سيوف بديعة في جمالياتها''، لافتا إلى أن بعضها يحتاج لإنجازه نحو ثلاثة أيام بحسب طوله (تتراوح أطوال السيوف من 20 إلى 90 سنتيمترا)، والزخرفات على الغمد والمقبض، فللسيوف عدة أحجام وأشكال وأنواع، ولكل منها غرض تزييني مختلف عن الآخر''· قوام الفن الشعبي ثمة زبائن للسيوف غير فئة السياح، وهم أعضاء فرق الفنون الشعبية، الذين يحتاجون للسيوف خلال أداء بعض اللوحات الفنية، كرقصة ''السيف'' أو رقصة ''العرضة'' وغيرهما· إلى ذلك، يقول فهد المقبالي، عضو فرقة فنون:''تشترط بعض اللوحات الفنية في أدائها وجود سيوف، لأن قوام اللوحة الراقصة أو اسمها أو معناها توفر مشتق من السيوف، فإما يرفعه المؤدي بيده عالياً، أو يلوح به، أو يقوم مع مؤد ثان ببعض الاستعراضات والمهارات الفنية الآمنة بهدف التعريف بالفن الشعبي وأدواته وطريقة ممارسته''· ويلفت المقبالي إلى أنهم لا يستخدمون في رقصاتهم سيوف حية (غير حقيقية) بل ذات نصال معدنية غير مدببة، حرصاً على أعضاء الفرقة والجمهور الذي يشاهد الاستعراض· هدية رسمية يتصف السيف بهيئة جمالية فنية أخاذة، فشكله وبريقه يلفتان الأنظار، ويسعى الأفراد والمؤسسات إلى تزيين الجدران والزوايا به، أو تناقله كهدية قيمة لها مكانتها الخاصة· يشير محمد المرزوقي، مدير العلاقات العامة في ''نادي تراث الإمارات'' إلى أهمية السيف كهدية رسمية لها دلالات جمالية وفنية وتراثية لدى الإمارات، فضلاً عن العديد من الأمم والشعوب· ويقول:''إضافة إلى مجسمات قوافل الإبل والصقور والخيول والقوارب، ثمة سيوف مرصعة وخناجر مشغولة بالذهب أو الفضة أو المعادن النفيسة، ويحرص النادي على تقديمها في المهرجانات والمحافل الدولية التي تشارك بها الإمارات، كعربون أخوة وسلام، ورمز تراثي يشير إلى العراقة والأمجاد المتصلة بتاريخ المنطقة''· إضاءات السيف في اللغة مشتق من ''ساف'' أي واضح وبيّن وفاصل وعادل· قال الأحنف بن قيس ''كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جملة سيوف منها ''ذو الفقار'' الذي غنمه يوم بدر، وكان لمنبه بن الحجاج· ومنها ''العضب'' وكان قد أعطاه له سعد بن عبادة، وكان منها ''المخذم'' و''الحنف''، وكان له سيف قلعي أصابه من سلاح بني قينقاع''· أطلق لقب السيف لمكانته العزيزة، على الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، كما لقب خالد بن الوليد بسيف الله المسلول· كانت ألقاب ''السيف التليد، والسيف المختار'' تطلق على وجهاء القبائل وسادة القوم والفرسان الشجعان· من أشهر سيوف العرب التي ورد ذكر بعضها في قصائد شعراء الجاهلية ''المبشر، والمبسم'' لبني سلَمة· من أسماء السيف لدى العرب: المهند، الحسام، البتار، الفيصل· وفي الآرامية فإن ''الفاروق'' يعني السيف· انتعشت صناعة واستخدام السيف في السنوات العشر الأخيرة بفضل الدراما العربية التاريخية التي تنشط في شهر رمضان المبارك· ''المبارزة'' رياضة خاصة بالسيف، تقام لها بطولات دولية·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©