الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

اللوحة التشكيلية الإماراتية تقدم تبدلات في المعنى والرؤى والمفاهيم

اللوحة التشكيلية الإماراتية تقدم تبدلات في المعنى والرؤى والمفاهيم
15 مايو 2011 00:19
يختلف الفنانون التشكيليون الإماراتيون بشأن التحولات التي طرأت على معنى اللوحة التشكيلية ودلالاتها، يختلفون بشأن حجم التحولات وتسارعها، فبينما يرى البعض أن الفن في الإمارات ينبغي أن يتطور ضمن مراحل زمنية متوالية، وليس بالقفز فوق المراحل، لأن ذلك يؤثر على الأجيال وقدرتها على استيعاب الفن كمنظومة متكاملة، يرى آخرون أن الفن حديث يجب أن يتجاوز التقاليد التي سادت منذ تجارب المؤسسين، وعليه فإن الساحة التشكيلية تشهد صراع تيارات واتجاهات مختلفة تنظيراً وممارسة فنية، وللخوض في هذا الموضوع استقصت»الاتحاد»رأي عدد من الفنانين والفنانات من جيلين مختلفين، فماذا يقولون؟ تراكم الثقافة الفنية الفنانة الدكتورة نجاة مكي اعتبرت أن من الطبيعي أن تحدث تحولات وتغييرات في اللوحة على صعيد المعنى والدلالات، وذلك بحكم الخبرة والتجربة العميقة التي تشكلت لدى بعض الفنانين، فالتحول لا يحدث بين يوم وليلة، بل نتيجة تراكم الثقافة الفنية والاختلاط بالمجتمع والقراءات المتنوعة، كما أن التطور العلمي وتحديث المفاهيم والأساليب يسهم في تفعيل التحولات وتسريعها، وتضيف «لو نظرنا إلى بعض العناصر الفنية في اللوحة لوجدنا أنها تتحول من فنان إلى آخر، وتتغير عند الفنان نفسه بمرور الزمن، وهو ما ينطبق على الرموز الدينية والتراثية التي تحضر في اللوحة، فقد تحضر في صورة مباشرة ومسطحة نتيجة عدم الخبرة، لكنها مع التجربة ستحضر في صورة فنية راقية، وهناك الكثير من الرموز والعناصر البارزة في اللوحة الإماراتية، وفي كل فن هناك رموز، بارزة كما هو الحال في كثير من الحضارات، والأمر يتعلق بمدى قدرة الفنان على توظيف الرموز والعلامات في لوحته، كي لا تكون مجرد عنصر خارجي لا لزوم له، بل تدخل في خطوط العمل وتكويناته بصورة أساسية. وفي هذا الإطار أيضا لا بد من الإشارة إلى المؤثرات القادمة من موجات الفن العالمي، فالفنان يتأثر بكل ما يشاهد، ويحاول أن يهضمه ويستفيد منه في لوحته. لذا طرأت تحولات على الكثير من عناصر اللوحة، أصبح استخدام التفاحة كرمز مختلف عما كان عليه، وكذلك الهلال والنجمة والأسد والشمس في حضارات مختلفة». تحولات «مهيرة» الفنان عبد الرحيم سالم تناول الموضوع من جهة الاختلاف في اللوحة الإماراتية بين ما كانت عليه في السبعينيات والثمانينيات وما طرأ عليها من تغييرات منذ التسعينيات حتى الآن، وتحدث سالم عن تحولات كبيرة حصلت في اللوحة لجهة الاهتمام بالمعنى والدلالة، والانتقال من الواقعية والتعبيرية التي استفادت من الموروث كل بطريقته، ومثلها عدد من الفنانين أمثال محمد القصاب وعبد القادر الريس وعبيد سرور ونجاة مكي وسواهم، إلى الفن المفاهيمي الذي يتقدمه حسن شريف ومن تلاه مثل محمد كاظم ثم ابتسام عبد العزيز وغيرهم. ويستحضر عبد الرحيم سالم تجربته الشخصية بصورة عامة، وما جرى فيها من تحولات، وبصورة خاصة يتحدث عن تجربته مع «بطلة» لوحاته التي يدعوها «مهيرة»، فيقول «بدأت أرسمها وعملت أول معرض شخصي لي عن هذه الشخصية التي فتحت لي آفاقاً رحبة نحو رؤى فنية جديدة، وكانت كل الأعمال بقلم الرصاص، وقد قدمتها بطرق مختلفة، إذ حرصت على تقديمها في أكثر من شكل وصورة، وكنت أريد أن أقدمها في هذا العصر، وبشكل حديث، كي تتواءم مع الفترة التي أعيشها أنا، فقدمت عملاً بين التجريد الرمزي المبسط وبين الحركة، واليوم صرت أرسمها بطريقة تعبيرية، تعبر عن اللحظة، جالسة في مكان مثلاً أو واقفة أو تتحرك، وقد رسمتها في البداية بشكل واقعي، ثم حولتها إلى رمز، واليوم أعيد تجسيدها، ولكن من خلال إخفاء الملامح، لأنني أريد أن يراها المشاهد كما يريدها هو، وأن يكون لكل شخص (مهيرة) خاصة به». اللوحة والصورة وبقدر من التشدد تحدثت الفنانة ابتسام عبد العزيز فقالت «أود في البداية أن أوضح أنني لا أرسم لوحات حالياً، إلا إذا احتاجت فكرة أو مفهوم العمل إلى الرسم، ورأيي سيكون رأياً خاصاً بما أراه. فالموضوع متشعب ولا يمكن تعميم هذا الرأي على الجميع، فالرسامون الذين يتعاملون باللوحة في إنتاج أعمالهم. هم في واقع الأمر ينقسمون إلي قسمين، القسم الأول هو المصورون الذي يميلون إلي الكلاسيكية، وهم من انغمسوا في نقل الواقع من الطبيعه بالتفصيل على سطح اللوحة، فللأسف لا يوجد ما يدعو إلى ذلك الآن، حيث فقدت هذه المدرسة أهميتها والحاجة إليها بعد اختراع الصورة الفوتوغرافية، فقد كانت أهميتها حينما كان الفنان وخاصة رسام البورترية يعيش ويكسب رزقه من خلال هذه المهنة التي انتهى دورها بظهور الكاميرا، وخاصة الديجتال. وهناك الكثير من المدارس التي تصارع كالمدرسة التجريدية التي غرق فنانوها أيضاً في جماليات تلك اللوحات. وللأسف فإن هؤلاء غرقوا في تكرار المشاهد نفسها وبنفس التكوينات، وذلك بسبب رواج سوق اللوحة التجريدية، فهي ملأت جدران، وأبهاء وصالونات وواجهات الكثير من الفنادق في الدولة!!» وتضيف «وحتى لا أكون سلبية، فهناك الفئة الثانية من فنانين حملوا على عاتقهم تحويل المفهوم السائد في السابق للوحة على أنها صورة جميلة، وتخضع لمعايير وأساسيات لا يمكن كسرها، فهناك الكثير من اللوحات الفنية التي تجاوزت كونها نقلًا لمشهد أو منظر جميل، هناك أعمال ذات مفاهيم ورساله أهميتها لا تكمن في جماليات ألوانها أو تناسق خطوطها، بل في عنصر الفكرة أو القضية التي تتحدث عنها اللوحة، وهناك أيضاً اللوحة النظامية التي تخضع لمعايير ذكية هندسية ورياضية تعتمد على رموز تدفع بالمشاهد إلى التفكير وتحليل رموزها حتى يجد اللذة ويصل إلى مرحلة التذوق الفني». تقليد وعلى مقلب نقيض تماماً يرى الفنان مطر بن لاحج أن غالبية تجارب الفن المفاهيمي مثلًا تعاني مشكلة التغريب وتقليد التجارب الغربية، لذلك فهي تعاني الغموض وعدم القدرة على الوصول للمتلقي، ويوضح بن لاحج «الفن هو المرآة التي تعكس السمة الجمالية والقيمة في كل المجتمعات، فهو إحدى المقومات الحضارية التي تساعد في عملية التطور والتقدم الحضاري. ونظراً إلى قلة إدراك العالم للحركة التشكيلية العربية ودول الخليج من خلال هذه النظرة، فيستطيع أي شخص أن يقدم ما يريد زاعما أن هذا هو الفن، فالكثير من الفنانين لا يزالون يتخبطون في تناول تراثهم، وفي محاولة التجديد. بينما على الفن أن يعبر عن الانتماء إلى الوطن والمجتمع، وعلى الفنان أن يكوّن هوية خاصة به من خلال رموزه وعناصره التي يتناولها في لوحته. هناك بالطبع تجارب أسست هوية الفن الإماراتي بدءاً من عبد القادر الريس وغيره، لكن الغالبية تحاول اليوم الابتعاد عن الأساسيات».
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©