الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أين تباع الخبرة؟

25 مايو 2014 23:08
شرط الخبرة في إعلانات الوظائف الشاغرة حق مشروع تمارسه المؤسسات الكبيرة، لاسيما التجارية منها، وليس في الأمر غضاضة أن تشترط الوزارات والدوائر الحكومية والقطاع الخاص الخبرة على غير مواطني الدولة، فهم قدموا من دولهم التي أتاحت لهم فرصة الحصول على الخبرات من خلال قبولهم الأولي دون خبرة، وإذا ما أردنا تطبيق تحلي المواطنين المقبلين على عمل بالخبرة يجب أن ننظر إلى حال حديثي التخرج من أين لهم بالخبرة؟ إن لم يقبلوا في بلدهم دونما خبرة، هل يعقل أن يقبلهم بلد آخر ليعودوا بعدها إلى موطنهم بالخبرة المشروطة؟ أم أن الخبرة تباع في بقالة مقابل دراهم معدودات يمكن لأولياء الأمور شراؤها لأبنائهم ممن لم يلتحقوا بميادين العمل؟. ليس منا من ينكر على الوزارات والدوائر وكبرى الشركات حاجتها إلى ذوي الخبرة والمهارات الذين تعول عليهم في سرعة تدوير عجلة الإنتاج دونما خلل، بيد أن الأمر يحتاج إلى بعض الحلول كإلحاق الموظف بدورات مكثفة، أو زيادة ساعات العمل إلى ساعة أو ساعتين ريثما يكتسب الخبرة المطلوبة، أو طرح حلول بديلة للخبرة من شأنها احتضان حديثي التخرج دون مساس بكم الإنتاج وجودته. مررنا ومر المسؤولون أنفسهم بمرحلة الموظف الجديد، قليل الخبرة والمهارات، يلتفت يمنة ويسرة إذا ما طلب منه عملاً، لا يدري من أين يبدأ وكيف سينتهي. ولو كان شرط الخبرة جندياً وقف عند أبواب الوظائف يمنع دخول من لا يتحلى بها لما عمل أحدنا، ولما أصبح المسؤول الذي يشترط الخبرة على غيره مسؤولاً. كم هو مستفز شرط الخبرة في إعلانات صحفنا اليومية إذا ما ذٌيل بأن «هذه الوظائف للمواطنين فقط»، فالجهة التي حرصت مشكورة على توطين الوظائف وتوفير فرص العمل للمواطنين ليتها أتمت الجميل وأتقنت العمل بإعفاء المواطنين من شرط الخبرة، أو على أقل تقدير تقوم بعملية توازن بتعيين أهل الخبرة وإتاحة المجال لذلك الخريج الحديث، فتوفير فرص العمل الملائمة وضخ دماء جديدة دافئة بالأمل، غنية بالحماس لا يقل أهمية عن توطين الوظائف. ما الذي أدى بإعلانات الوظائف أن تقلد بعضها وتعيد نفسها، بمجرد أن ترى الإعلان تعرف قولبة الشكل والمضمون، دونما بصمة خاصة تشجع الإبداع وتحفز المقصرين فيه، عوضاً عن شرط الخبرة الذي يحبط المبدعين القاصرين عنها، فما المانع من وضع المقترحات والأفكار والمشاريع شرطاً، فهو متاح للجميع متيسر لمن أنهى تعليمه، ومقبل على ساحة العمل، بل سيجد المقبلون على الوظيفة تحديا يحفز مصنع أفكارهم باستخراج أفضل المنتجات التي يمكن أن تسهم في تطوير العمل، كما ستميط اللثام عن مبدعين يتربصون الفرص للانطلاق، وخرق الروتين إلى فضاء إبداعي يلامس السماء. كل جديد غريب ومستهجن وصعب الاستيعاب، غير أنه لابد من دراسة النماذج الإعلانية للوظائف دراسة تحليلية، وإعادة صياغتها بشكل يحفز المبدع ويزوده بأجنحة ينطلق بها إلى آفاق الفكر الخلاق، ويحمي فقير الخبرة من ضياع فرصة الوظيفة وتحقيق أحلام المستقبل. نوره علي نصيب البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©