الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نجيب محفوظ.. بطل المشهد الثقافي الخالي

نجيب محفوظ.. بطل المشهد الثقافي الخالي
28 يوليو 2010 20:39
نجيب محفوظ حالة فارقة في الإبداع العربي المعاصر، ليس لأنه نال نوبل ولا لأنه كان غزير الإنتاج، لكن يبدو أنه مثل “الجوهرة” تزداد غنى وثراء بمضي الوقت، فقد جرت العادة على أن يكون الإهمال أو تراجع الاهتمام من نصيب الكاتب بعد وفاته كان ذلك مصير محمود عباس العقاد وطه حسين وأحمد شوقي وصلاح عبدالصبور ويوسف إدريس وحسين فوزي ومي زيادة وغيرهم، أما محفوظ فالناشرون يتنافسون على طباعة أعماله، وترجمات هذه الأعمال إلى غير العربية في ازدياد واتساع، والدراسات النقدية حوله لا تتوقف وآخرها ذلك الكتاب الممتع الذي أصدره د. جابر عصفور بعنوان “نجيب محفوظ الرمز والقيمة” وصدر بمناسبة فوز عصفور بجائزة القذافي العالمية للآدب. وإذا كان د. عصفور هو صاحب مقولة “إننا نعيش زمن الرواية” فهو يرى أن هذا الزمن بدأ بنجيب محفوظ وكان محفوظ صانعه ومقيم دعائمه وبنيانه الكبير بل إن محفوظ هو صاحب تلك المقولة بصياغة أخرى، حين قال إن الرواية هي “شعر الدنيا الحديثة”، قوله هذا جاء مبكرا في سبتمبر عام 1945 على صفحات مجلة “الرسالة” في مناظرة نقدية مع العقاد وهو في ذروة تألقه فقد كتب العقاد مستخفا بفن القصة، ورأيه أن بيتا من الشعر أو فكرة في مقال يمكن أن توجز ما تريد أن تقوله رواية طويلة فانبرى محفوظ للرد عليه وتفنيد تلك المقولة، قائلا:”لن يفيد الفن شيئا من تحقير العقاد لبعض أنواعه” ويقول أيضا “إن وصف العقاد للقصة بأنها ليست من خيرة ثمار العقول، وما قاله لصاحبه في بيته، حين لاحظ ضآلة نصيب القصص في مكتبته من أنه لا يقرأ قصة حيث يسعه أن يقرأ كتابا أو ديوان شعر، أنما هو أمر يسلب من العقاد حق الحكم على القصة، فالرجل الذي لا يقرأ قصة حين يسعه أن يقرأ كتابا أو ديوان شعر ليس بالحكم النزيه الذي يقضي في قضية القصة”، الغريب في هذه المعركة بين العقاد ومحفوظ ان الأخير كان حاد الهجوم على العقاد وقال كلمات قاسية، ولم يواصل العقاد بل توقف عن هذه المعركة منسحبا منها. تشغل رواية “أولاد حارتنا” والمعارك حولها قرابة نصف الكتاب الذي بين اي دينا، ويرد الحديث عنها في باب مطول بعنوان “ابعاد محاولة الاغتيال” والمعروف أن محفوظ توقف نهائيا عن كتابة الرواية في أبريل 1952 بالانتهاء من الثلاثية، واتجه إلى كتابة السيناريو، ولكن في عام 1957 عاود الكتابة الروائية فكانت أولاد حارتنا التي بدأ بنشرها في صحيفة “الأهرام” عام 1959، وبعد نشر عدة حلقات منها بدأ اتهام الرواية بأن بها مساسا بالأنبياء والأديان واستمر “الاهرام” في النشر، ولكن بعض علماء الازهر اعترضوا عليها واعد الشيخ محمد الغزالي والشيخ الشرباصي تقريرا رفع إلى الرئيس جمال عبدالناصر أكد التهمة ومن هنا لم تطبع الرواية ككتاب في مصر وصدرت في بيروت لكن لم يصدر بحقها أي قرار مصادرة وتجمد الموقف، حتى حصل محفوظ على جائزة نوبل. ويلاحظ عصفور أن الكل فرح بهذا الفوز عدا فريقين، الأصوليين الإسلاميين والأصوليين الماركسيين والفريق الثاني رأى أن محفوظ نال نوبل لموقفه المساند للسادات في عملية السلام، ومعنى ذلك انه كأديب وروائي لا يستحقها، رغم أن أعماله تفوق جماليا وابداعيا كثيرا من الذين نالوا نوبل من قبله أو من بعده، ونسى هؤلاء أن محفوظ أحد ابرز الذين وقعوا على بيان المثقفين عام 1972 والذي كان ينتقد سياسة السادات في اللاحرب واللاسلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©