الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحقاد استشراقية متجددة

أحقاد استشراقية متجددة
28 يوليو 2010 20:40
ليس سراً القول إن الكاتب البريطاني الشهير مارتن أميس Martin Amis يكن عداءً كبيراً للإسلام وهو ما فتئ يكتب المقال تلو الآخر في الصّحف البريطانية مهاجماً منتقداً الإسلام والمسلمين، وهو من أشد المتعصبين النّاقمين، ووصل به الأمر إلى حد الشتيمة والعداء السّافر، وكتابه “الطّائرة الثّانية” الصّادر بالإنجليزية عام 2007 تمّت هذه الأيّام ترجمته إلى اللّغة الفرنسيّة، وهو مجموعة من المقالات والريبورتاجات التي نشرها المؤلّف بين 2001 و2007 إثر أحداث 11 سبتمبر 2001، والعنوان يشير للطائرة الثانية التي اخترقت المركز التجاري العالمي “وورلد ترايد سنتر”، وهي مقالات سياسية محورها الخوف والرعب والهلع من الإسلام والمسلمين حتى أن النقاد الفرنسيين أصابهم العجب من الأحكام الاعتباطية التي أطلقها هذا الروائي على غرار: “إنّ الإسلام هو مصدر كلّ مآسينا ومشاكلنا”، فكيف لمؤلف ينتمي إلى النخبة النيرة، والذي طبقت شهرته الآفاق أن ينساق إلى مثل هذه الأحكام الّتي لا تستند إلى منطق أو حقيقة أو واقع؟ والمؤلف في هذا الكتاب يتهكّم من الإسلام ويسخر من المسلمين ويحط من قيمتهم الإنسانية ويصورهم في صورة الهمج البدائيين الّذين لم تبلغهم الحضارة بعد. إنّه يطلق الأحكام جزافاً جازماً بأن العنف سمة من سمات المسلم مؤكّداً: “إنّ العنف متأصّل فيهم” كما يقول، وأعلن صراحة في حديث لمجلة “ذي أوبزرفر” البريطانية ان الاسلام يمكن مقارنته بالنازية والبلشيفية متهكماً مما يسميه “الحب المرضي للتضحية والاستشهاد المقترن بفكر ثوري” يصفه “بالفكر المراهق ودعوة للموت الى جانب ميل ورغبة في الهدم والتحطيم”. ويرى أميس في شماتة بدائية واضحة ان هزيمة العرب في حروبهم مع إسرائيل في عام 1948 و1967 هي إهانة لهم يستحقونها. وسبق لمارتين أميس Martin Amis أن ألّف رواية عن أحداث 11 سبتمبر، عنوانها: “الأيام الأخيرة لمحمد عطية”، قائد أحداث 11 سبتمبر، وهي رواية تسخر من الإسلام. يقول هذا الروائي الانجليزي: “سنجعل المسلمين في بريطانيا يتألمون ونمنعهم من السفر ونعمل على طردهم والتضييق عليهم والتفتيش الدائم لكل قادم من باكستان والشرق الأوسط، وباتباع سياسة عنصرية وذلك لحد إيلامهم حتى يعي المسؤولون عن هذه الجالية ضرورة تأديب ابنائهم”. ويضيف: “إنهم يكرهوننا لأننا نترك ابناءنا يمارسون الجنس بحرية ويتعاطون المخدرات”. وعلل أميس هذا العنف اللفظي والموقف العنصري بأنه صرح بذلك في وقت علم فيه باكتشاف شبكة من الارهابيين تعتزم تفجير عشر طائرات في لندن ونيويورك اثناء تحليقها في الجو، مضيفاً بأنه تخيل عدد الضحايا لمثل هذه التفجيرات، لو تمت، من الاطفال والنساء. قامت ضجة حول هذه التصريحات بعد أن تم انتداب أميس للتدريس في جامعة مانشستر وتولى أساتذة ومفكرون وسياسيون التشهير بآرائه المثيرة للجدل وفضحها والتنديد بها، ودافع آميس عن نفسه قائلاً “هناك من الكتاب المسلمين من يكتبون ويعبرون عن أفكار أكثر قسوة وتخص أبناء جلدتهم”. ويصف المراقبون كتابات بعض الكتّاب والمفكرين في فرنسا وإنجلترا أنّها تعبّر عن بروز تيّار: المحافظون الجدد، على غرار التيار الفكري المشابه في الولايات المتحدة الأميركية، ويمثل هذا التيار في بريطانيا مارتن أميس Martin Amis ، وإيان ماكوان Ian Mcewan ويلصق بهما أحياناً سلمان رشدي، ويتبنى هذا التيار النظرة الاستشراقية للقرن التاسع عشر المبنيّة على مفاهيم ثلاثة: أوّلها: نظرية تفوق الغرب على الشرق ثقافة وحضارة، أمّا المفهوم الثاني لهذا التيار فهو مبنيّ على إظهار أنّ الإسلام يمثل تهديداً للحضارة الغربيّة، والمفهوم الثالث لهذا التيّار يقول إنّ قيم الحرية والديمقراطية في السياسة الأميركية هي قيم يجب أن تسود العالم، ويجب أن تفرض عليه. وتتسم مواقف المتزعّمين لهذا التيار بالغطرسة الفكريّة والتعالي، وهم بمواقفهم المسبقة يقدّمون الإسلام والمسلمين في صورة تكاد تكون كاريكاتورية وهؤلاء المحافظون الجدد في إنجلترا يمكن أن نضيف إليهم كلّ من باسكال بريكار Pascal Brokuer وبيار أندريه تاجيافPierre André Taguieff الفيلسوف اليهودي الأميركي. وكلهم يرون أن الإسلام يمثل خطراً على الحضارة الغربية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©