الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدول النامية··· دور أكبر في المؤسسات المالية

الدول النامية··· دور أكبر في المؤسسات المالية
11 نوفمبر 2008 01:29
استضافت البرازيل في نهاية الأسبوع الماضي لقاء جمع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة الدول العشرين، بهدف التمهيد للاجتماع الحاسم الذي ينتظر زعماء العالم في واشنطن بحلول يوم السبت القادم، وذلك لمعالجة الأزمة المالية التي تضرب العالم· لكن الاجتماع التمهيدي لدول مجموعة العشرين والذي استمر ثلاثة أيام، كشف عن رغبة دفينة لدى الدول النامية، بما فيها الدولة المضيفة البرازيل، في الاضطلاع بدور أكبر خلال الأزمة الحالية والمشاركة في مساعدة العالم على تجاوزها· وهكذا أكدت دول المجموعة عزمها على تنسيق الجهود والعمل المشترك لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز الاستقرار المالي، كما أشادت بالدول التي اتخذت ''خطوات جريئة وحاسمة'' مثل الصين التي أعلنت يوم الأحد الماضي أنها ستستثمر 586 مليار دولار لإنقاذ الاقتصاد· ومع أن الدول المجتمعة أوضحت في البيان الختامي للاجتماع أن أسواق المال العالمية مازالت تعاني من ''الهشاشة''، إلا أنها أكدت على مواصلتها اتخاذ الخطوات الضرورية لاستعادة الاستقرار إلى الاقتصاد العالمي وانتشاله من محنته الحالية· لكن أجواء التعاون التي سادت الاجتماع لم تمنع من ظهور شعور بالمرارة لدى بعض الدول عبر عنه الرئيس البرازيلي لويس لولا دا سيلفا ووزير ماليته ''جيدو مانتيجا'' اللذان أنحا باللائمة على الولايات المتحدة وباقي الدول المتقدمة في نشر متاعبهم المالية وتصديرها إلى جميع أنحاء العالم· ففي خطابه الذي افتتح به الاجتماع يوم السبت الماضي أوضح الرئيس البرازيلي أنه ''لا يوجد بلد بمأمن من الأزمة المالية، فهم جميعاً تأثروا بالمشاكل التي نشأت في البلدان المتقدمة''· ويبدو أن الرئيس ''دا سيلفا'' تخلى عن خطابه الأول الذي تباهى فيه بأن الاقتصاد البرازيلي، وهو الأكبر على مستوى أميركا اللاتينة، قادر على تجاوز الأزمة التي طالت الاقتصاد الأميركي وبأنها ''لن تتخطى المحيط الأطلسي''، حيث سعى الرئيس البرازيلي ووزير ماليته إلى التأكيد على الدور الحيوي لمجموعة دول العشرين في المباحثات التي عادة ما كانت تهيمن عليها الدول السبع الكبرى-بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة - هذه الدول التي توسعت بعد الأزمة المالية للنمور الآسيوية في تسعينيات القرن الماضي لتضم بالإضافة إلى الدول السبع الكبرى ثلاث عشرة دولــة أخرى من العالم النامي، بمــا فيهــا الدول الأسرع نمواً مثل البرازيل وروسيا والهند والصين، التي تحاول خلال الأزمة الحالية تأكيـــد دور أكبر في الاقتصــاد العالمي والمشاركــة في إدارة دفتــه· وفيما شكلت الأزمة الاقتصادية الآسيوية ضربة قاسية لاقتصاديات دول أميركا اللاتينية، حيث أدى انخفاض العملات المحلية في البرازيل والأرجنتين إلى دخول الملايين من الأشخاص دائرة الفقر، يعتقد المسؤولون هذه المرة، سواء في البرازيل وباقي دول أميركا اللاتينية، أن الأزمة الحالية ستكون مختلفة في تداعياتها لأنها ستدفع بدولهم إلى صدارة الأحداث وستجعلهم مشاركين فاعلين في صياغة ''نظام مالي عالمي جديد''، كما قال الرئيس دا سيلفا· وفي هذا الإطار جاء اجتماع دول مجموعة العشرين التمهيدي الذي استضافته البرازيل يوم الجمعة الماضي ليؤكد ''المرونة الملحوظة'' التي أظهرتها اقتصاديات دول المجموعة، وليشدد أيضاً على ضرورة ''إعادة إمكانية الحصول على القروض للاقتصاد الحقيقي''، فضلاً عن الحاجة إلى تفادي المطالب الداعية إلى نوع جديد من الحمائية في ظل الاضطرابات المالية التي تجتاح العالم في المرحلة الراهنة· هذا الدور المتنامي للاقتصاديات النامية هو ما اعترف به رئيس البنك الدولي ''روبرت زوليك'' قائلاً: ''من الواضح أن الدول الناشئة أصبحت تؤثر بشكل ملحوظ على الاقتصاد العالمي''، مضيفاً أن مساعي الدول النامية لتكون جزءاً من الحل وليس أحد مظاهر الأزمة هي ''فرصة حقيقة ستفتح باب النقاش حول الطريقة التي سيترجم بها هذا الدور على أرض الواقع''· وأثنى ''زوليك'' أيضاً على البيان الختامي لمجموعة الدول العشرين قائلا إنه أبان عن الحاجة إلى مجموعة قيادية تضم بالإضافة إلى دول العشرين بلداناً أخرى مثل المكسيك والسعودية قادرة على التأثير عالمياً والإسهام في حل الأزمة المالية· ومن جانبه كان ''دومنيك ستروس''، رئيس صندوق النقد الدولي أكثر صراحة عندما أكد بأن التوقعات الاقتصادية للعام القادم تتنبأ بانحسار النمو الاقتصادي لدى الدول النامية وتلك ذات الدخل المتدني قائلاً: ''علينا أن نرصد مظاهر النمو تلك لدى الدول النامية والعمل على دعمها، لأنه النمو الوحيد الذي سيشهده العالم في الفترة المقبلة''، والنتيجة حسب رئيس صندوق النقد الدولي ''أن مكانة الدول النامية ستكون أكبر في تحديد السياسات الاقتصادية في العالم''· وبالنسبة للرئيس البرازيلي دا سلفا كان الاجتماع فرصة للتعبير عن مرارته تجاه الأزمة المالية التي عرقلت النمو الاقتصـــــادي في المنطقــــة، لا سيما لدولة مثل البرازيل التي أدخلت إصلاحات مهمة على نظامها المالي وعملت على تنويع شركائها التجاريين والادخار بحكمة أثناء ارتفاع أسعار السلع· وانتقد الرئيس البرازيلي بشدة ''وول ستريت'' وما أسماه ''بالأرباح المفرطة'' مشيراً كيف أن البرازيل اتبعت بصرامة شروط صندوق النقد الدولي للحصول على القروض فقط لينتهي بها الأمر مهددة بسبب الأزمة الاقتصادية التي ألمت بالدول المتقدمة· وفي هذا السياق يقول ''ديفيد ماكورميك''، وكيل وزارة الخزانة الأميركية ''نحن نعرف أنه رغم الحديث المتواتر خلال الستة إلى الإثني عشر شهراً الأخيرة عن انفصال الاقتصاديات عن بعضها بعضا، فإنها في الحقيقة شديدة الترابط سواء ما يتعلق الأمر بالأسواق المالية، أو قطاعات الاقتصاد الحقيقي، لذا فعندما يتباطأ الاقتصاد في الولايات المتحدة، أو في أوروبا، أو في البلدان الناشئة مثل الصين، فإن ذلك يؤثر حتماً على باقي الدول''· وفيما عدا التدافع بين الدول للحصول على موقع مهم في المؤسسات المالية الدولية أكد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في بيانهم الختامي على أن تراجع نمو الاقتصاد العالمي وانخفاص أسعار السلع انعكس إيجاباً على معدلات التضخم التي انحسرت هي الأخرى، لا سيما في البلدان المتقدمة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©