الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطر الانكماش... دروس «يابان التسعينيات»

28 يوليو 2010 23:27
التنبؤ الذي صدر عن البيت الأبيض الجمعة الماضية حول أن العجز في الميزانية قد يصل إلى رقم قياسي هو1.47 تريليون دولار، صب مزيد من الزيت على نار السجال الدائر حول ما إذا كان يتوجب على الحكومة الأميركية خفض الإنفاق لتجنب حدوث تضخم في المستقبل، أم العمل بدلاً من ذلك على المحافظة على سياستها في تحفيز الاقتصاد، للمساعدة على اكتمال تعافيه، الذي لا يزال متعثراً. ولكن خبراء الاقتصاد يعبرون عن خوفهم من أن تكون الولايات المتحدة متجهة نحو مشكلة مختلفة، وتحديداً إلى ذلك النوع من "الفخ الانكماشي"، الذي أدى إلى شل النمو والتقدم الاقتصادي في اليابان لعقد كامل. وكما تظهر التجربة اليابانية، فإن الانكماش يمكن أن يمثل مشكلة لا تقل صعوبة عن مشكلة الارتفاع الكبير في الأسعار الذي يرافق التضخم، كما قد لا يقل حدة عن الآلام التي تصاحب الركود التقليدي. فعندما يبدأ الانكماش، تنخفض الأسعار ويبدو هذا، كشيء جيد في البداية. ولكن انخفاض الأسعار سرعان ما يؤثر على أرباح المشروعات، ما يدفع مديريها إلى تخفيض أجور الموظفين، وهو ما يؤثر بدوره على القدرة الشرائية للمستهلكين، فيزداد الضغط على الأرباح والوظائف والمرتبات تبعاً لذلك. ليس هذا فحسب، بل إن المستهلكين القادرين على الشراء غالبا ما يؤثرون الانتظار أملاً في المزيد من انخفاض الأسعار، ما يؤدي إلى زيادة الاتجاه الانكماشي في الاقتصاد. جميع هذه العوامل تتغذى على بعضها، وتقود في النهاية إلى إطلاق نوع من الهبوط الحاد الذي يصعب النجاة منه. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي احتمالات حدوث هذه المشكلة في أميركا؟ المعطيات الاقتصادية الأميركية الأخيرة تدعو لليقظة. فالأسعار الاستهلاكية بصفة عامة تراجعت في كل شهر من الشهور الثلاثة الأخيرة، ما وضع مؤشر التضخم عند نسبة تزيد بمقدار 1.1 في المئة عما كان عليه قبل سنة. أما المعدل الأساسي للتضخم - وهو مقياس أفضل- فقد هبط إلى 0.9 في المئة، وهو أقل معدل خلال 44 عاماً، ما دفع خبراء الاحتياطي الفيدرالي والخبراء الماليين والاقتصاديين المستقلين إلى التعبير عن مخاوفهم من حدوث هبوط عام في الأسعار. ولكن" بن برنانكي" رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، يرى أن المخاوف بشأن احتمال حدوث انكماش اقتصادي مبالغ فيها. فخلال الشهادة التي يدلي بها، بحكم منصبه، كل ستة شهور أمام مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي قال: "إنه لا ينظر إلى الانكماش على أنه يمثل خطراً في الأمد القريب". وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي إنه حتى إذا حدث انكماش، فإن مؤسسته لديها من الأدوات ما يمكنها من مواجهته. علاوة على أن الاقتصاد الأميركي أكثر نشاطاً وإنتاجاً، مما كان عليه الاقتصاد الياباني، والقوة العاملة الأميركية لا تتقلص وتزداد شيخوخة مثلما كان الحال بالنسبة لمثيلتها في اليابان في ذلك الوقت. ويضاف إلى ذلك أن القطاع المصرفي الياباني، كان بطيئاً للغاية في معالجة الأزمة. وفي الحقيقة أن سكان اليابان الذين يزدادون شيخوخة، ونظاميها السياسي والتجاري غير المرنين، ساهموا جميعا في الوعكة المرضية طويلة الأمد التي بدأت في عقد التسعينيات من القرن الماضي. مع ذلك تبقى هناك بعض نواحي الشبه الملحوظة بين ما حدث في اليابان وبين الهبوط الاقتصادي الأخير في أميركا: ففي الحالتين كانت هناك فقاعة عقارية بعد سنوات من النمو السريع، وانخفاض نسبة البطالة وهي فقاعة كشفت عن وجود العديد من القروض الرديئة، وعن مشكلات خطيرة تواجه المؤسسات المصرفية. وفي البلدين قاد انفجار الفقاعة إلى هبوط حاد في قيمة العقارات والأسواق المالية وإلى ارتفاع حاد في نسبة البطالة. ولكن نطاق الأزمتين وأسسهما الاقتصادية الجوهرية، كانت جد مختلفة كما يقول "ريتشارد كاتز" مؤلف نشرة "أورينتال إيكونوميست ريبورت"، التي تصدر في نيويورك والمهتمة بالشؤون اليابانية، والذي يقول فيها إن أسعار الأراضي التجارية في ست أكبر مدن في اليابان قد ارتفعت بنسبة 500 في المئة خلال الفترة من 1981 إلى 1991، ثم عاد انفجار الفقاعة ليهبط بأسعار تلك الأراضي إلى ما دون مستويات 1981. في حين أن الهبوط في أسعار العقارات في أميركا، لم يكن بهذه الحدة. علاوة على أن الركود الذي حدث فيها لم يكن نتيجة لاختلالات هيكلية، وإنما بسبب تجاوزات من النظام المالي نتيجة للإفراط في التخفيف من القيود التنظيمية وغير ذلك من الأخطاء في السياسات، وهي كلها أمور كانت قابلة للإصلاح. كما أن استجابة صناع القرار في الولايات المتحدة كانت أفضل من اليابان". مع ذلك يتنبأ بعض المحللين بأن الولايات المتحدة تتجه إلى فترة من ركود النمو وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى الارتفاع الكبير في معدلات البطالة، وإلى الديون التي لا تزال معلقة والتي سوف تحد من الإنفاق الاستهلاكي الذي يقدر في الوقت الراهن بـ 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن "بن برنانكي" يقول " إن الاستقرار التقريبي في توقعات التضخم كما تظهر البحوث والدراسات يمثل في حد ذاته عاملاً مهماً سوف يحول دون هبوط كبير للغاية في نسبته". ولكن بعض المحللين يظلون متشككين مع ذلك، قائلين إن هذه التوقعات قد تتحول بسرعة، كما الظروف يمكن أن تتغير بطرق خفية. يقول "جون ماكين" الزميل الزائر بمعهد "أميركان انتربرايز":" إنني لا أعول كثيرا على نتائج المسوحات... والناس لا يعتقدون أن أموراً مثل هذه ربما تحدث، بل إن الشيء المتأصل لدى معظمهم يجعلهم يميلون إلى توقع حدوث تضخم في المستقبل، وليس انكماشا". دون لي - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©