السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل...من مستورد إلى مصدر للغاز!

12 مايو 2013 22:31
ويليام بوث نتانيا الاحتياطيات الضخمة من الغاز الطبيعي التي اكتُشفت قبالة سواحل إسرائيل وأخذت تتدفق الآن نحو اليابسة يمكنها أن تحوِّل إسرائيل التي تواجه تحديات بخصوص الطاقة إلى آلة تصنيع مقتصدة خضراء – بحيث يغدو قادراً على توفير طاقة نظيفة ورخيصة لشعبه ومصانعه ومركباته طيلة جيل كامل. فإسرائيل، التي لطالما كانت محرومة من الثروة البترولية التي خلقت الشرق الأوسط المعاصر، وجدت نفسها فجأة لاعباً رئيسياً في سوق الغاز الطبيعي المتوسطي، وربما حتى الأوروبي. ذلك أن حقول الغاز الطبيعي التي اكتُشفت في 2009 و2010 في المياه العميقة، من المرتقب أن تحوِّل إسرائيل قريباً إلى مُصدر للطاقة، ما يضعها في وضع صعب وُتحسد عليه في آن واحد، ويتمثل في محاولة بيع مليارات الدولارات من الغاز الفائض عن الحاجة إلى جيران يتأرجحون بين الفتور والعداء الصريح. وبالتالي، فالسؤالان اللذان يفرضان نفسيهما في هذا السياق هما: لمن ستبيع إسرائيل غازها؟ وكيف؟ بعض الزعماء الإسرائيليين يقترحون استراتيجية «الغاز مقابل السلام»، بحيث تبيع إسرائيل الغاز بأسعار تنافسية للجيران الذين يرغبون في الشراء، غير أنهم يعترفون أيضاً بأن بعض البلدان العربية قد ترفض الغاز – بأي سعر – من إسرائيل، علماً بأنه منذ سنوات والعديد من الدول العربية الغنية بالنفط ترفض تزويد إسرائيل بالنفط بشكل مباشر. وفي هذا السياق، يقول «بنحاس عفيفي»، المدير السياسي للشؤون الاستراتيجية والعالمية ومتعددة الأطراف في وزارة الخارجية الإسرائيلية: «هناك خليط مثير للاهتمام من الإمكانيات»، مضيفاً «ولكن المهم هو استعمال الغاز لحل المشاكل، وليس لخلق مشاكل جديدة». هذا ومن المرتقب أن تعلن القيادة الإسرائيلية قريبا عن كمية الإنتاج المقبلة التي ستسمح للشركات بتصديرها. وفي غضون ذلك، شرع السياسيون في التفكير في ما ينبغي فعله بمليارات الدولارات التي ستجنيها الدولة من عائدات وضرائب. وفي هذا الإطار، ينصح بعض الخبراء الاقتصاديين بادخار تلك العائدات في صناديق خاصة من أجل المعاشات المقبلة أو تحسباً لوقت الشدائد، مثلما تفعل النرويج مع ثروتها النفطية، وذلك حتى لا تُغرق الاقتصاد الإسرائيلي بأموال الغاز. ذلك أن ضخا سريعا لدولارات الغاز يمكن أن يؤدي إلى تضخم قيمة «الشيكل» الإسرائيلي إلى درجة تضر بتنافسية صادرات البلاد في مجالات أخرى – وهي ظاهرة تعرف بـ»المرض الهولندي»، يقول البنك المركزي الإسرائيلي إنه لا يرغب في الإصابة بعدواها. حقل الغاز الإسرائيلي الرئيسي الأول، ويدعى تمار، شرع في الإنتاج في مارس الماضي؛ حيث أخذ الغاز الطبيعي الآن يتدفق من البحر إلى اليابسة. وقد وصف نتنياهو ذلك باعتباره «خطوة مهمة في اتجاه استقلال الطاقة». ثم هناك اكتشاف أكبر بكثير قبالة السواحل الإسرائيلية، يسمى «ليفايتان»، وهو عبارة عن احتياطي من الغاز الطبيعي بحجم مدينة لاس فيجاس ومن المرتقب أن يُشرع في استغلاله في 2016. وعندما تم اكتشافه في 2010، كان «ليفايتان» يعتبر أكبر اكتشاف في المياه العميقة على مستوى العالم منذ عقد من الزمن – وهو يحتوي على ما يكفي من الغاز لتلبية احتياجات كل أوروبا لفترة عام. الاكتشافان شكلا منعطفا مهما بالنسبة لبلد كان يعتمد حتى الأمس القريب على الفحم والديزل والمازوت المستورَد من أجل توليد الطاقة الكهربائية. كما أن إسرائيل كانت عرضة ليس لتقلبات سوق الطاقة العالمية فحسب، ولكن أيضا لهجمات على البنية التحتية. فقبل عامين كانت إسرائيل تحصل على 40 في المئة من غازها الطبيعي من مصر. غير أنه في أعقاب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك، تعرض خط الأنابيب المصري الذي يعبر شبه جزيرة سيناء المضطربة للتخريب على أيدي مقاتلين أكثر من 12 مرة. كما أن مصر قررت العام الماضي إلغاء عقدها لبيع الغاز لإسرائيل. اليوم، بات الجزء من خط الأنابيب الذي كان يمد إسرائيل والأردن بالغاز فارغا. ولكن ربما ليس لوقت طويل، كما يأمل بعض المسؤولين الإسرائيليين. وفي هذا الإطار، يقول عفيفي: «يمكننا الآن أن نبحث إمكانية بيع الغاز لمصر»، مضيفا «خط أنابيب النفط موجود. وما على المرء إلا تغيير اتجاه تدفق الغاز». ويشار هنا إلى أن ازدياد استهلاك الغاز في مصر، إضافة إلى تراجع كبير في الإنتاج، حوَّل البلاد إلى مستورد للغاز الطبيعي العام الماضي. وهكذا، فإن المخربين قد يسمحون للغاز بالتدفق، أو أن المصريين قد يحرسون خط الأنابيب بشكل أكبر. وفي الأثناء، فإن الأردن، الذي استورد 80 في المئة من غازه الطبيعي من مصر قبل تعطيل خط الأنابيب، يمكن أن يرتبط بإسرائيل في البحر الميت. كما يمكن للغاز أن يتدفق أيضا إلى الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، بل وحتى إلى قطاع غزة المفتقر للطاقة، من أجل تغذية المصانع أو توليد الطاقة. ويقول محللون لشؤون الطاقة إنهم يستطيعون تخيل سيناريو تبيع فيه إسرائيل الغاز لمصر حتى تبقي على الأضواء مشتعلة في القاهرة، الأمر الذي سيساعد الحكومة التي يقودها الإسلاميون هناك على البقاء في السلطة. ويُشار إلى أنه رغم أن اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر مازالت قائمة، فإن العلاقات بين البلدين عرفت فتوراً ملحوظاً منذ سقوط مبارك وصعود «الإخوان». وفي غضون ذلك، قال «تشارلز ديفيدسون»، وهو رئيس شركة «نوبل إينيرجي» التي يوجد مقرها في تكساس وتتزعم تطوير حقول الغاز الطبيعي الإسرائيلي، للصحافيين الشهر الماضي إن مؤسسته وشركاءها يدرسون عددا من خيارات تصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي، ومن ذلك إنشاء مصانع عائمة قبالة السواحل الإسرائيلية لتحويل الإنتاج إلى غاز طبيعي مسال يمكن تحميله في صهاريج وشحنه إلى أي مكان في العالم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©