الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صور وفرص للتعايش

12 مايو 2013 22:31
صوفي أنموث ومروى نصر صحفيتان مستقلتان في مصر أشعلت صدامات بين مسلمين وأقباط في مصر في فترة مبكرة من هذا الشهر، مخاوف من حدوث مزيد من العنف الطائفي ضد الأقلية القبطية التي تشكل حوالي 10 في المئة من سكان مصر البالغ عددهم 90 مليون نسمة. وكأجنبية ومصرية تعيشان في القاهرة، فقد شهدْنا بعض الصور النمطية حول علاقات الديانات في مصر. وعلى سبيل المثال، تتذكر تلك التي نشأت منا هنا عندما كانت في الخامسة من العمر في أحد أحياء الطبقة الوسطى في القاهرة عندما سمعت زميلتين في المدرسة تتهامسان وتشيران إلى فتاة أخرى: «إنها مسيحية». ربما لم تفهما حتى ما تعنيه تلك الكلمة بالضبط، لكنهما علمتا أنها مختلفة. لم أفهم وقتها لماذا فعلت الفتاتان ذلك. لم أفهم إلا فيما بعد. أما الأخرى منا، وهي الأجنبية، فقد قيلت لها أمور مبالغ فيها على الجانبين: «ليس هناك في مصر تمييز لا في الماضي ولا الحاضر ضد الأقباط»، أو «كان هناك دائماً تمييز، ويعاني الأقباط بشكل مستمر من الإساءات». نؤمن كلانا بأن هذه الصور النمطية لا تعكس الفروقات الدقيقة في مصر، فرغم ما يقال عن التمييز، فالمؤكد أنه توجد لحظات يعمل فيها المسيحيون والمسلمون معاً لوقفه، وتتولى منظمات المجتمع المدني المصرية القيام بذلك، ومن هذه المنظمات «سلفيو كوستا»، وهي مجموعة تسعى لجمع المصريين من الديانات والطوائف والتوجهات المختلفة. تأسست «سلفيو كوستا» أصلاً لتثبت أن السلفيين ليسوا «المتطرفين المتخلفين» المرعبين، كما يحاول الإعلام تصويرهم، بل هم مجموعة واسعة من المسلمين المحافظين الذين يتبعون فهماً مباشراً للشريعة الإسلامية، ويسعون لتكرار تقاليد المسلمين الأوائل. ويشكّل الأقباط والمسلمون جزءاً كبيراً من أعضاء «سلفيو كوستا»، ويعملون معاً للحدّ من التوترات بين المجموعتين من خلال نشاطات تعاونية موجهة نحو إنهاء سوء الفهم. تأثّرت صديقة قبطية عندما رأت الأعضاء المسلمين في «سلفيو كوستا» يخرجون إلى الشارع لحماية الأقباط أثناء أحداث عام 2011 المأساوية، وهي مسيرة من أجل حقوق الأقباط قام الجيش بقمعها. ويشرح محمد طلبة، المؤسس المشارك في «سلفيو كوستا»، أن المجموعة هي «نموذج لمصر يناسبنا جميعاً بغض النظر عن ديننا أو عرقنا أو توجهنا السياسي». وبالنسبة لباسم فيكتور، وهو قبطي مؤسس ومشارك في المجموعة، فإن المشكلة الرئيسية التي تتسبب بالتوتر هي الجهل. «نصف الشعب المصري أمّي. كيف نتوقع منهم أن يعرفوا ما تقوله كتبهم السماوية؟ إنهم يثقون بالكاهن أو الشيخ المحلي، الذي يمكن أن يكون ساعياً وراء الاستفادة الشخصية أو السياسية». وربما تأثرت بعض المواقف والصور النمطية حول الأقباط بالشعبية التي أصبح يحظى بها بعض الواعظين المتطرفين على شاشات التلفزة خلال السنوات العشرين الأخيرة. وبدورهم، ينظر الأقباط أحياناً إلى السلفيين على أنهم معادون لهم ولدينهم ولوجودهم في الدولة. إلا أن مجرد معرفة بعضنا بعضاً ربما تكون كافية لوضع حدّ للتحاملات وصور الخوف. وفي الأماكن التي تعتبر فيها هذه الصور النمطية قضية، فإن إظهار التعاون المتناغم بين الناس من ديانات مختلفة يمكن أن يحوّل المواقف. وقد نظّمت «سلفيو كوستا» على سبيل المثال مباراة في كرة القدم بين السلفيين والأقباط العام الماضي. «كان المشاركون متخوفين في البداية، لكنهم أصبحوا أصدقاء فيما بعد، والفضل يعود لكرة القدم»، يقول محمد طلبة. «نعرف الآن أنه من الخطأ أن نخاف من بعضنا. لقد فقدنا تحاملاتنا»، يشرح باسم فيكتور. يدير المسلمون، سلفيون وغيرهم، والأقباط من «سلفيو كوستا»، قوافل طبية منتظمة لتوفير الرعاية الطبية الأساسية في أماكن لا يطلب السلفي عادة من القبطي فيها المساعدة، وحيث لا يثق الأقباط بالسلفيين. وقد وفّرت المجموعة اللوازم الطبية لقرية اجتاحها الفيضان قرب الزقازيق بمحافظة الشرقية في يناير الماضي. ومؤخراً ذهب «سلفيو كوستا» إلى قرية تضم مجموعة كبيرة من الأقباط في محافظة المنيا جنوب القاهرة تعاني من توترات دينية. «يستغرب الناس الذين يستفيدون من مساعدة قوافلنا في القرى من رؤية السلفيين والأقباط يعملون معاً يداً بيد. إنها صورة مفيدة تغير تفكيرهم»، يقول محمد طلبة. وتجمع «سلفيو كوستا» أناساً لا يتعاملون معاً في العادة. ويتظاهر أفراد الجماعة معاً دعماً لمطالب الثورة؛ لتحرير الناشطين المعتقلين ومن أجل المصالح المشتركة. هناك انعدام في الثقة وخوف من الآخر أحياناً في مصر، لكن وراء الإجحافات، هناك فروق دقيقة وفرص لبناء مصر يستطيع الجميع فيها التعايش، مسلمين كانوا أم أقباطاً. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©