فؤاد الشطي فنان على مستوى الحلم دائماً، نغمة من الفرح تضفي على الوسط المسرحي بهجة وسعادة، واحد من جماعة انتشر أفرادها عربياً وعالمياً يغنون معه للخير والحب والسلام، إنه من الجيل المعتق الذي يزداد حلاوة وطلاوة كلما مرت الأيام والسنون، وتراه لامعاً جميلاً مثل الضوء في الحياة الإبداعية العربية، ما زال هذا البرج الفني الشامخ يورث المسرحيين والفنانين العشق للفن جيلاً بعد جيل، يؤمن بدور المسرح في التغيير الاجتماعي والتقدم، وتحقيق العدالة والحرية، وهو كثير التواجد في الإمارات التي له فيها أصدقاء ومحبون، وقد جمعنا معه اللقاء التالي:
؟فؤاد الشطي الشخصية الكوميدية الشعبية المحبوبة كيف فهمت الحياة؟
؟؟ لا أستطيع أن أخرج من جلدي لأدخل في جلود الآخرين، ولا أحب أن يستاء مني أحد، رغم صراحتي المتناهية، لا أضحك من أجل تخفيف الأحزان التي تمر في حياة أي إنسان، ولكن لأن الطبع غلب التطبع، فقد أبكيت الجمهور على المسرح كما أضحكته·
؟هل تخشى مواجهة الصحافة؟
؟؟ لا أبداً الصحافة حبيبتي، ولدينا من الصحفيين ما يشار لهم بالبنان، ولهم هوى خاص في قلبي·
؟لماذا أنت متواجد في الإمارات؟
؟؟ الإمارات هي البلد التوأم لدولة الكويت، والخليج كله بوتقة اجتماعية إنسانية فنية واحدة، وأنا أتردد على الإمارات دائماً·
؟ يقال أعطني مسرحاً أعطك شعباً، إلى أي مدى تعتبر هذه المقولة صالحة في زماننا هذا؟
؟؟ نتمنى أن يكون للمسرح هذا الدور والأهمية في الارتقاء بالأمم والشعوب، ولكن هذه المقولة من وجهة نظري، وبواقعية شديدة قد تصلح في مجتمعات أخرى غير المجتمع العربي، أما عندنا، فلا المعاهد، ولا الكليات، ولا الأمهات ولا الآباء، ولا القادة، ولا الساسة، قادرون أن يعيدوا تشكيل الإنسان العربي، ولعل ما نعايشه من اختناقات على كافة الصعد عربياً خير دليل، ولكن من أجل تعزية الذات، نحاول أن نتمسك بتلابيب هذه المقولة·
؟ كيف ينهض الفن العربي سواء في الدراما بأنواعها أو الموسيقى أو الغناء؟
؟؟ إن الطريقة الوحيدة والمثلى لتحقيق حالة من الارتقاء بالنتاجات الفنية العربية، إن كانت مسرحاً أو سينما أو أعمالاً درامية،تتلخص في العمل بالمنهجية المؤسساتية المبنية على التخطيط، والمتكئة على خلفية معرفية كبيرة من لدن القائمين على المؤسسات المعنية بهذه الوسائط إن كانت حكومية أو مؤسسات خاصة، فالتخطيط لآماد بعيدة، وليس كما يتم التخطيط للأعمال الحالية التي تأتي وليدة لحظة الحاجة، لمن يعيش يومه فحسب، فتأتي النتاجات متعثرة، وتحاول السباق مع الزمن للانتهاء من هذه الأعمال يومياً بالتفكير بالعمل القادم، من المفترض أن تكون هناك سلسلة من الأعمال في كل قطاع من القطاعات جاهزة ومدروسة ومعدة للتنفيذ، وفق منهجية سليمة وتعطى لفنانين حقيقيين لتولي مسؤولية إدارتها إن كان إخراجاً أو إنتاجاً أو تمثيلاً، مع إعطائهم فسحة من الوقت لإنضاج هذه الأعمال، فنحن لا نشعر بقدوم رمضان إلا قبل ثلاثة اشهر من حلول هذا الشهر، رغم أن موعده ثابت، وهكذا بقية الأعمال طوال العام·
؟هناك نتاجات فنية متواصلة في الكويت هل تعتقد أن حالة التذبذب تصيبها كذلك؟
؟؟ الكويت مركز إنتاجي مهم عربياً، وتكاد بالقياس إلى كثافة السكان، والبقعة الجغرافية للبلد تعتبر الكويت من بين دول الصدارة الأربع عربياً في مجال الإنتاج الدرامي بكافة أشكاله، وهي كما بقية الدول العربية يكون الانتاج غير مخطط له بشكل مدروس وتأتي النتاجات كما النتاجات العربية متذبذبة في مستواها الفني والفكري وفق قامات المبدعين الذين يقفون وراء هذا العمل أو الآخر·
؟ما رأيك في مستوى النقد الفني على الساحة الكويتية والعربية؟
؟؟ لا توجد حركة نقدية في الكويت مواكبة بشكل دقيق وفاعل ومؤثر في كافة المجالات الإبداعية إلا ما ندر، فقلة من المشتغلين بالنقد الصحفي هم من ذوي الاختصاص، وهؤلاء مع الأسف الشديد قليلون ومقلون في آن واحد في متابعاتهم النقدية، أما أكثرية من يتعامل مع الكتابة الفنية في الصحف والمجلات فهم من غير ذوي الاختصاص الذين يروجون لأعمال مؤسسات فنية بعينها، وهي ارتباط مصالح وليس تحليلات نقدية وفنية·
؟ما المنجزات التي يقدمها المركز الإقليمي لهيئة المسرح العالمي؟
؟؟ هذه الهيئة هي حلقة وصل بين واقع المسرح في أوطاننا وبين مسارح العالم، وهي عملية تلقي وعطاء متبادلين مع المسارح في العالم على صعيد المعلومة والأنشطة، والاطلاع على آخر المستجدات المسرحية هنا وهناك لمن يريد التواصل مع الآخر، وفتح حوارات معه، كما أن الهيئة من خلال أنشطة بعض المراكز التابعة لها تقيم ورشاً تدريبية لهواة المسرح، وأخرى لمحترفيه في كافة مجالات العمل المسرحي، فمن ورش الكتابة المسرحية إلى ورش التقنيات والإخراج والتمثيل وحتى الرقص، هذا هو الدور الأساس للهيئة ، كما أنها هي التي تعبر عن ضمير المبدع المسرحي في العالم·
؟ماذا يختلف فؤاد الشطي الإنسان عن فؤاد الشطي الفنان؟
؟؟ فؤاد الشطي الإنسان هو نفسه فؤاد الشطي الفنان، لا يتصنع اللحظة، ولا يلج المواقف بجهوزية كاملة، عبرت عن نفسي مرة في مقدمة إحدى الأعمال، وشبهت نفسي كما الطفل الذي يلعب بقطعة من الصلصال يشكلها ويعيد تشكيلها مرة أخرى، وهكذا حتى المرحلة الثانية بعفوية الطفل، بعد الخروج من هذه العفوية يصار إلى عملية إشغال العقل في منطقة هذا المنتج الفني، والاحتكام إلى معايير علم الجمال، وما يحيط بالعمل المسرحي من حرفة في استغلال متمات العمل المسرحي من ديكور وإضاءة وموسيقى تصويرية وصوتية وإكسسوارات·
؟أراك صديقاً للجميع تحبهم وتعانقهم كأنهم بعض من أهلك هل هذا هو أسلوبك في الحياة؟
؟؟ نعم أنا صديق للجميع، ومحب للجميع، من أعرفه حق المعرفة أو من ألتقيه لقاء عابراً، ومن يعرف فؤاد الشطي على حقيقته يعرف أن هذه صفة أصيلة فيه ولا يتصنعها، حتى لحظات الغضب هي عابرة، وثق أنني أتعامل حتى مع أرفع الشخصيات بذات الأسلوب، ما في القلب على اللسان، ولا أتردد في قول كلمة الحق·
؟ ما أكثر اللحظات اعتزازاً في حياتك؟
؟؟ اللحظات السعيدة في حياة الإنسان كثيرة، كما لحظات الحزن، ولعل لحظة استقبال بشرى هي أجمل اللحظات، ولادة أول ابن لا تماثلها إلا لحظة اعتزاز وسعادة أخرى تتمثل ببشرى ولادة أول حفيد، لأنها تتعلق بأشياء حية، تماثل درجات الحزن الكبيرة في حياة الإنسان بفقدان والدته، أو أحد اصدقائه المقربين·
؟ماذا تعلمت من الفن؟
؟؟ تعلمت منه كيف أعيش الحياة كما يجب أن تعاش·
؟ما القيمة الرمزية التي تحملها جائزة المرحوم كنعان حمد ؟
؟؟ جائزة الفنان الراحل الكبير كنعان حمد لأفضل ممثل والتي توزع في كل دورة من دورات مهرجان الكويت المسرحي، ومهرجان أيام الشارقة المسرحية، هي تخليد وتكريم من فرقة المسرح العربي، هذه الفرقة التي أعطاها هذا الفنان القدير حياته، هي عربون وفاء لذكرى هذه القامة المسرحية العربية، فالراحل واحد من أفضل الممثلين المسرحيين في العالم العربي، وهم قلة·
؟ ماذا تحب أن تسمع من الأغاني؟
؟؟ لعلي أود أن أكون صادقاً مع النفس ومع الآخر، في السنوات العشرين الماضية لا أسعى للاستماع للأغنية ، إلا إذا وصلتني عن طريق المصادفة، لأن ما لدينا من متسع من الوقت نقضيه في متابعة الأخبار والبرامج الحوارية المتنوعة أياً كانت أدبية أو سياسية أو فتية، لذا أنا أكاد أجزم أنني أستمع للجميع، وفي نفس الوقت لا أستمع لأحد نتيجة للظرف الذي نعيش·
؟ مسارك الخاص، هل يعني أنك سرت يوماً على مسارات غيرك؟
؟؟ الفنان حصيلة تجربة وخزين معرفي إن كان عن طريق الدراسة، أو عن طريق المشاهدة، والمتابعة ، كل ذلك يشكل لأي فنان مرجعيات يتكىء عليها في عطائه الفني، ولكن هذا الاتكاء لا يأتي عن طريق استحضار هذا المخزون من هذا المصدر الآخر، وإنما يأتي كإفراز طبيعي من اللاوعي المعرفي ليخدم الحالة الفنية دون قصدية في ذلك، لذا نحن نتأثر ونؤثر بالضرورة، ولكن الفنان أولاً وأخيراً يحب أن ينطلق من معطياته الخاصة فكراً وفناً·
عدد اليوم
