الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فانتازيا نسائية للفروسية التقليدية

فانتازيا نسائية للفروسية التقليدية
12 نوفمبر 2008 00:06
منذ القرن الخامس عشر للميلاد ظل فن الفروسية المغربية التقليدية المسمى بـ''الفانتازيا'' أو ''التبوريدة''، وهو فن مغربي أصيل، وموروث ثقافي حضاري عايشه المغاربة قروناً عدة، حكراً على الرجال، إلا أنه، وإلى زمن غير بعيد، كسرت النساء سطوة الذكور، وامتطين صهوة الخيول ليبرهن أن المرأة قادرة على اقتحام شتّى المجالات، حتى تلك التي تستدعي جرأة ومغامرة، فأضفين جمالية فائقة على فن لا يخلو من روعة، إذ امتزجت رهبة الفرس مع أنثوية المرأة لتتشكل لوحة يقلُّ نظيرها في ربوع العالم، تأسر الناظر، وتزيد الاحتفالية متعة والمشهد ألقاً· فانتازيا الأفراح·· يعرِّف الباحث الاجتماعي ''علي العرفاوي'' التبوريدة'' كطقس تعبيري هام نسبة إلى البارود الذي يطلق من بنادقها، وهي تعبّر عن المواقف البطولية التي وقفها الشجعان في الذود عن حدود القبيلة، حيث يشيرون لذلك في أهازيجهم وصيحاتهم التي تمجد البندقية والبارود، وتقام في جو من التنافس بين الأفراد والجماعات، فيتبارى الفرسان لإبراز المواهب والطاقات القتالية العالية التي يتحلى بها الأبطال أيام الحرب، وفانتازيا القنص والصيد أيام السلم، ورغم التغييرات الاجتماعية الحاصلة، يقول الباحث الاجتماعي: ''لا زالت القبائل تحافظ على إطلاق البارود معبرة عن القوة ومواصلة الدفاع عن حدودها من كل دخيل، فهو بالنسبة لها رمز القوة والشجاعة والإقدام''· تكسير العرف·· كما سبقت الإشارة، فقد ظلت رياضة الفروسية التقليدية في المغرب مقتصرة على الرجال لعصور عديدة، لكن في مطلع سنة 2003 قررت مجموعة من الفتيات تجاوز المألوف، فشكلن طليعة من الفارسات أطلقن عليها اسم ''فانتازيا''، وصارت تقدم استعراضاتها في كل المهرجانات والمواسم على امتداد ربوع البلاد، وفيما بعد تحولت الطليعة إلى فرق عدة توزعت على مختلف جهات المملكة المغربية· ويؤدي فن التبوريدة النسائية فارسات ينتظمن في دوائر حول قائدة الفرقة، يرددون عبارات متنوعة، وتقدم العروض بتتابع المجموعات ''السربة''، وكل سربة تتكون في الغالب من بين عشر وعشرين فارسة تكون في غاية الانضباط لتنفد التبوريدة بكل دقة، وتتكلف القائدة التي غالباً ما تكون أكبر الفارسات سناً، مهمة تنظيم وتشجيع فارساتها، وتتمثل أصعب مهمة بالنسبة لهن في كبح جماح خيولهن التي تكون على عجلة من أمرها لتتصدر السباق، ويزداد جموحها مع انطلاق كل مجموعة، كما يجدر بالفارسات الضغط على زناد بنادقهن بمجرد تلقي الإشارة بذلك من قائدة السربة· ذلك أنَّ نجاح التبوريدة رهين بأن تكون طلقات البارود في لحظة واحدة· إنجازات·· حازت مختلف فرق ''الفروسية التقليدية النسائية'' على العديد من الجوائز منذ تأسيسها عرفاناً لها على ما حققته من بطولات، وعلى ما تتميز به الفارسات من شجاعة وإقدام، وكان آخر ما قدمته مجموعة من الفارسات في أواخر يونيو من هذه السنة عرضاً للفروسية بعنوان ''عيد البارود''، بمناسبة احتفال مدينة فاس العريقة بمرور 1200 عام على تأسيسها، حيث سلط المهرجان الضوء على الجوانب الثقافية للنساء المغربيات· وعلى مدار خمسة أيام من 24 إلى 28 يونيو من هذه السنة، وفي إطار جائزة الحسن الثاني للفروسية الشعبية والتي أقيمت بالمركب الملكي الرياضي للفروسية التبوريدة دار السلام، فازت فارسات عمالة القنيطرة بالجائزة الذهبية التي انتزعنها من خمس سربات مشاركة راعت فيها وحدة اللباس والتشويرة والتسليمة وحركة البنادق وطلقة البارود والانطلاقة الجماعية الموحدة كل في تناغم جميل· وقد بدأ عرض الفارسات بإيقاع بطيء في صفوف على صهوة الجياد، ثم انطلقن عدواً في ربوع المحرك يثرن نقع الغبار تحت صيحات الفارسات وأوامر القائدة، وأطلقن النار في الهواء من بنادق تقليدية قديمة تحت وهج من الزغاريد والتصفيقات في توليفة رائعة لقصيدة نظمت أبياتها في عشق المرأة والحصان· حصادهن الذهب ومن الفارسات المتوجات بالذهب في هذه البطولة الرحالي فاطمة 19 سنة، التي تنتمي لفرقة القنيطرة، وهي تقول إن بدايتها كانت سنة 2002 بعد أن تلقت التشجيع من والدها على الخصوص، ومن جميع أفراد العائلة التي تعتبر الحصان جزءاً من ذاكرتها، كما تؤكد أن المرأة لا ينقصها شيء من الإقدام والجرأة والمغامرة· أما إكرام بلعروسي 17عاماً التي تنحدر من عائلة بدوية بسيطة تحب الخيول حد التبجيل، فتؤكد أنها لن تتخلى عن هذه الهواية التي تعشقها حتى الوله· ومن الفائزات مريم العريبي 15 سنة، التي يؤازرها والدها وهو ذو باع طويل في فن الفروسية التقليدية الرجالية، تعتبر نفسها محظوظة كونها تنتمي لعائلة تملأ بيوتها الخيل، تلقت التشجيع في سن صغيرة، وحازت على الذهبية مع فريقها بعد ستة أشهر فقط من انتمائها للمجموعة، ومن أعز أمانيها أن تمتلك حصاناً خاصاً بها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©