الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفضول قتل القطة وذبح العيوز

الفضول قتل القطة وذبح العيوز
24 يناير 2006

تحقيق ـ خديجة الكثيري:
قالوا أن الفضول هو أول بوادر التعلم والبحث والاكتشاف ومعرفة الحقيقة، وقد أثبتت هذه المقولة صحتها في عالم الاكتشافات الكونية والعلمية، فكان الوصول إلى الفضاء وكانت الثورات العلمية المختلفة··· إلا أن تلك المقولة فشلت بشكل كبير في عالم البشر، فليس هناك من يحب أن يطلع الناس على أسراره أو يدسوا أنوفهم في خصوصيات حياته مهما كانت بسيطة· وليس هناك من يحق له بأن يتطفل على أفكار الغير ومشاريعه الخاصة إلا بإذن منه، وقد يحدث ذلك عادة من قبيل طلب الاستشارة أو المساعدة أو حتى من باب الفضفضة التي غالباً ما تكون الدافع وراء الكشف عن أمور البيت والعائلة والحياة الاقتصادية وغيرها·
وقد يهون الأمر لو توقف التدخل والفضول وحب الاستطلاع عند هذا الحد، ولكن كيف سيكون الوضع فيما إذا كان الفضول في العمل، هل هو مرغوب ومسموح به؟
وهل يقف الشخص الفضولي عند حد التدخل في مجال اختصاصه فقط، أم يتدخل ليقحم نفسه ومعرفته لامور عمليه خارجة عن نطاق قسمه وتخصصه؟
وأخيراً، كيف يجب التعامل معه؟
كل هذا وغيره في التحقيق التالي:
تقول شيخة عبيد من العلاقات العامة بجمعية النهضة الظبيانية: 'الفضول يعد من الصفات الطبيعية التي يتصف بها كل إنسان بنسب متفاوتة، ولولا هذه الصفة لما كانت المعرفة ولما كان الاكتشاف، لكن عندما تبدأ هذه الصفة تأخذ منحى سلبياً وليس إيجابياً ينبغي القيام بتحجيم الجانب السلبي، وخاصة في مجال العمل الذي يعد من أخطر مجالات الحياة، لأنه مجال لا يتعامل فيه الفضولي مع شخص أو اثنين في قسمه ودائرته، وإنما يمتد إلى التعامل المباشر وغير المباشر مع الجمهور والمجتمع والوطن، وعليه فإن حب استطلاعه المبالغ فيه على أمور الغير سوف يكون على حساب أمور المؤسسة وبالتالي على حساب المجتمع والدولة وهو شخص غير مخول لذلك· بالنسبة لي يمكن أن أتقبل الفضول في حالات معينة مثل: الفضول بين الزوج وزوجته من باب الغيرة والشك، والفضول عند الآباء نحو تصرفات الأبناء من باب التوجيه والتوعية، والفضول بين طلاب المدارس وطلبة العلم كدافع للتنافس العلمي وتحقيق الدرجات العالية، ولكن أن يصل الفضول إلى العمل واكتشاف أمور التعيينات والترقيات والمهمات وخطط سير العمل والتقارير الدورية والسنوية والرواتب والامتيازات وغيرها من خصوصيات العمل والموظف، فهذا مما يثير المشاكل وهنا بالفعل يمكن أن نفرق بين الفضول بمعناه السلبي وحب الاستطلاع المفيد'·
لست فضوليا
ويقول سالم أحمد البريكي: 'الفضول سمة من سمات معظم البشر، في كافة مراحل حياتهم ومجالاتها، لا سيما في مجال العمل، حيث نجد بعض الفضوليين يتدخلون في جميع الأمور مهما كان حجمها ومهما بلغت أهميتها، وأعتقد أنه لا ضير إذا كان الفضول من أجل المعرفة والتعلم وخدمة العمل، أما إذا كان الإنسان فضوليا بطبعه وبشكل زائد عن حده فذلك سينقلب ضده، إلا أنه من الجائز للموظف المسؤول أن يتدخل في أمور العمل وفي ما يتعلق بخصوصيات عمل الموظفين لديه، وهذا لا يسمى فضولا، وإنما حرص على سير العمل والتأكد من تقيد جميع العاملين والموظفين في هذا القسم بقوانين العمل ونظامه وإنجازه· وبالنسبة لي أقوم بذلك حيث أن طبيعة عملي تفرض علي أن أراقب كل موظف وأتعرف على ما يفعل، وهل هو مجتهد في عمله أم لا، إلا أني لست فضوليا· وبشكل عام، أعتقد أن على كل موظف أن يحافظ على أسرار عمله وأن يبعد الفضوليين بقدر الإمكان وبشتى الطرق عن عمله، لأن العمل أمانة يجب على الإنسان الإخلاص فيه والمحافظة عليه'·
تأثير سلبي
ويوافقه حمد أحمد عبد الله البريكي الرأي، ويقول: أنا لست من الفضوليين في العمل، حيث أنجز واجباتي ولا أتدخل في خصوصيات الغير بل لا يهمني ذلك أصلاً· وإذا حاول أحد الموظفين الفضوليين الخوض في خصوصياتي المهنية، أحاول بلطف ودون أن أحرجه أن أنصحه بالابتعاد عن هذا السلوك، مبيناً له أن معرفة هذا الأمر لن تفيده في مجال عمله، وأعتقد أن الفضول يؤثر سلباً على العمل وينشر الفتن بين الموظفين، لأن الموظف إذا كان كثير الأسئلة والفضول فسيكون منبوذا من الجميع، ففي العمل أسرار يصعب أحياناً اخبارها حتى للقريب'·
بيئة للمشاكل
ويؤكد خالد أحمد البريكي على أن 'الفضول في العمل موجود بين أغلبية الموظفين· ويرى أنه يظهر بشكل خاص لدى الذين تجمعهم نفس الدرجـة ونفس مستوى العمل، حيث يحاول الشخص الفضولي معرفة جهد وإنجاز كل موظف ليتنافس معه· ويعتقد خالد أن وجود الفضول لهدف التنافس الشريف بين الموظفين شيء جميل، لكنه يشترط أن لا يتعدى حد الخوض في خصوصيات وأسرار العمل لئلا يتسبب في المشاكل ويتضرر منها الجميع'·
يفشون الأسرار
ولا يبتعد رأي هيا محمد كثيراً عما سبق، فهي ترى أن الفضول الزائد عن حده لا محالة سينقلب إلى ضده، وخاصة في مجال العمل، حيث ان المجال خصب للقيل والقال وكثرة السؤال، وبالتالي كثرة المشاكل· وتضيف: شخصيا أتجنب معرفة الزملاء الفضوليين في العمل، فقد حدث لي موقف محرج معهم، وذلك أنني أعمل سكرتيرة لمدير القسم، ولي زميلة 'حشرية' تأتيني يوميا لتأخذ تقرير المدير، وتعرف ماذا يقول؟ ومن زاره؟ وماذا قرر؟ وأين ذهب؟ وهل سيسافر للمهمة؟ وماذا فعل مع الموظف إياه؟ ولماذا أنذر المظف الآخر··· وغيرها من الأسئلة· وكنت أعتقد أنها تفعل ذلك على سبيل الدردشة والرغبة في المعرفة ليس إلا، لكن الطامة الكبرى حدثت عندما أخبرت أحد الموظفين أنه سيحصل على إنذار، فغضب وذهب إلى المدير شاكياً من كونها تعرف بذلك وأنها نشرت الأمر بين موظفي القسم مما سبب له الكثير من الحرج، وكانت النتيجة أن المدير وبخني· وعندما أخبرته أن تلك الزميلة هي من فعلت ذلك، أنذرني لأنني أفشيت خصوصيات العمل لديه· وبعد ذلك عرفت أن كل ما كنت أقوله لهذه الزميلة كان يصل مباشرة إلى جميع موظفي القسم، لأنها شخص فضولي من الدرجة الأولى، فقطعت علاقتي بها'·
مزعجون ومملون
وأكدت نهى قايد أن مجال العمل مجال لا يستهان فيه مع الفضوليين، لأنهم أشخاص متى ما عرفوا أسراره قاموا بإفشائها بطريقة عكسية تسبب البلبلة والمشاكل الكثيرة· ناهيك عن أن الشخص الذي يسأل كثيرا في مجال العمل وفي أمور لا تتعلق بواجبات عمله، يعد من الأشخاص الذين لا يمكن الوثوق بهم، وهم غير مؤتمنين أيضاً لأنهم يثيرون الشكوك حولهم: فلماذا يسألون كثيرا، ويلحون بطرق كثيرة لمعرفة أمور لا تعنيهم، لا سيما إذا كانوا لا يسألون في المقابل عن واجبات عملهم حتى يؤدونها بالشكل الصحيح'·
فضول معرفي
وتعترف عائشة البلوشي أنها فضولية لكنها تستدرك قائلة 'في المعرفة فقط'، لتضيف: 'لا يهمني معرفة ما لا يعنيني، ولكن إذا كان الحديث عن مجال عملي وكيفية الارتقاء به، أو في أمر قد يجعلني أتفوق في أدائي، فإنني كثيرة الأسئلة والتركيز لمعرفة ما يقوله من حولي عن هذه المواضيع ولا أعتقد أن هذا النوع من الفضول في العمل ممل أو قد يزعج'·
فضول مفيد
وتؤيد رأيها فاطمة محمد فتقول: 'الفضول في العمل مفيد، حيث يدفع إلى التنافس والاجتهاد· وعندما أتحرى وأتدخل في معرفة ما يجري في العمل، فهذا دليل حرص واهتمام وليس من الفضول·
أما صديقتها مريم راشد فتقول أنا لا أحب الفضوليين وأجدهم أشخاصا مزعجين ومملين، ولا يفكرون إلا في تغذية عقولهم بكم من المعلومات التي لا تعنيهم، فقط ليتسببوا لنا بالمشاكل، ولا يتحججون بالاهتمام والحرص لأن المعلومات العامة سوف تعمم ويعلم بها الجميع، ولكن المعلومات الخاصة هي ما لا يجب معرفتها أو التدخل بها·
ويجد عبدالله عمر البريكي أنه من الطبيعي أن يتواجد الفضولي في بيئة العمل أكثر من غيرها، لأن الفضول في العمل يدفع في كثير من الأحيان إلى المعرفة والاكتشاف ومن ثم التطوير وهو أمر مرغوب، أما الذين يسعون بالفضول إلى معرفة كل شيء فهؤلاء ممن يبحثون عن الأمور الخاصة لغيرهم سواء في العمل أم في خارجه·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©