الغذاء النباتي.. معتقدات خاطئة تحتاج إلى مكملات

يحاول النباتيون تجنب المنتجات الحيوانية من لحوم وألبان وأجبان ومشتقاتها. لكن هل هذا يعني أنهم لا يتناولون الوجبات السريعة عندما يكونون على عجلة من أمرهم؟ وهل ذلك يعني أنهم ينعمون بصحة أفضل من غيرهم من آكلي جميع المنتجات الغذائية؟ تقول ليزا جيبسون، استشارية الأنظمة الغذائية، إن ممارسة النباتيين هذه غير سليمة، فهم بكل بساطة يحرمون أنفسهم من عناصر غذائية يحتاجها الجسم يومياً، وأي نقص فيها يسبب للجسم انعدام توازن يؤدي بدوره إلى مضاعفات لا تحمد عقباها. إذا ألقينا نظرة على عادات الناس الغذائية نجد أن غالبيتها يحتاج إلى إعادة نظر ومراجعة. فقد تجد زوجين يعيشان مع بعضهما تحت سقف واحد بينما يتباين نظامهما الغذائي، فأحياناً تجد المرأة نباتية والرجل نباتياً-لحمياً، وتارة تجد كليهما نباتيين-لحميين، وتارة أخرى تجد أن الشخص يدعي كونه نباتياً ولا يجد غضاضة في أكل مشتقات اللحوم من ألبان وأجبان، في حين قد تجد آخر يحلل لنفسه أكل السمك ويحرم ما دونه من المنتجات الحيوانية. وعند الحديث عن الأنظمة الغذائية التي يتبعها من اختاروا أن يكونوا نباتيين نجد أن غذاءهم يقتصر على تناول الخضار والفواكه الطازجة والجبن النباتي مثل “توفو” وأنواع الحبوب جميعها. لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو هل سيجد النباتيون دوماً ما يأكلونه وسط زحمة الحياة ووتيرة العمل وضغوطه؟ إذ قد يؤدي ضيق الوقت وعدم التخطيط لما سيحدث خلال اليوم إلى تنازل النباتيين عن نمط غذائهم الصارم. تضحية بيئية يعيش تود بريبوسكي البالغ 31 سنةً مع زوجته ذات 22 عاماً، يطبخان عشاءهما أحياناً في البيت، فواتسون تحرص على تناول غذاء نباتي يتوفر للأسف على كميات قليلة جداً من البروتين والكالسيوم. ولا أحد منهما يتناول كل ما يحتاجه جسمهما من الفيتامينات والمعادن، بل إن حتى بعض الأطعمة النباتية التي يفضلانها تفتقر إلى العناصر المغذية الرئيسة. وتقول واتسون التي تعمل موظفة استقبال “أفضل أن أكون نباتية حتى أسهم في تقليل الأضرار التي تلحق بالبيئة. أفضل أكل الخضاراوات من خلال زرعها بنفسي في حديقة البيت أو بجلبها من أسواق المزارعين، وأشعر بالراحة لفعل ذلك. فكوني نباتية يجعلني أنعم بصحة أفضل”. ثلاجة نباتية يكفي إلقاء نظرة على محتويات ثلاجتهما وخزائن المطبخ لمعرفة قدر الجهد الذي يبذلانه سعياً إلى الالتزام بالأكل النباتي. إذ قد تندر فيها ما بين الفينة والأخرى الخضار والفواكه، لكنها لا تخلو أبداً من المنتجات النباتية المجمدة مثل الجبن النباتي، وعلب حليب اللوز، والمايونيزا النباتية، والخِطْمِيَّة (نبات من فصيلة الخبازيات‎) وسندويتشات برجر بدون لحم، وكعك الزبيب المحلى والهوت دوج النباتي. ويقول بيروبسكي الذي يعمل في شركة لتركيب الكوابل والأسلاك إضافة إلى عمله طبالاً في إحدى الفرق الموسيقية “الالتزام بنظام غذائي نباتي مثالي لكنه ليس سهلاً”. بدائل نباتية إن ما يبدو صحياً للوهلة الأولى قد لا يكون كذلك، كما تقول استشارية الأنظمة الغذائية ليزا جيبسون، إذ إن منتجات مثل حليب اللوز لا تحتوي إلا على كميات قليلة من البروتين، كما أن بعضها مثل الجبن النباتي تفتقر إلى الكالسيوم بشكل تام. وتضيف جيبسون “يعتقد الناس في أوقات كثيرة أن البدائل النباتية التي يتناولونها ستجعل صحتهم أفضل، لكن هذا الأمر غير صحيح. إذ يمكن أن تسوء حالتهم الصحية نظراً لأنهم لا يزودون الجسم بالعناصر المغذية الرئيسة التي يحتاجها. وتحرص واتسون كل الحرص على قراءة ملصق مكونات كل ما تشتريه، وعلى التأكد من أنها خالية من المنتجات الحيوانية ومشتقاتها. وتوضح جيبسون أنه ينبغي الانتباه جيداً إلى مكونات هذه الأغذية ومقارنة كمياتها بحاجات الجسم الغذائية اليومية. فمحتويات ثلاجة واتسون وبريبوسكي وخزائنهما جيدة، إذ تحتوي على دقيق القمح والعدس والبازلاء الخضراء والفاصوليا وحلوى محشوة بقرع اليقطين وشوكولاته. عشاؤنا مما نزرع يتوفر بيت واتسون وبريبوسكي على حوض نباتات مليء بالمزروعات النباتية مثل الخس والطماطم والفلفل الأخضر والأعشاب والفلفل الحار. ويكفيهما قطف بضع أوراق الخس وبضع طماطم من هذا الحوض كافية لإعداد طبق سلاطة، بالإضافة إلى الوجبة الرئيسية المكونة من طبق سباجيتي وكرات فطر مفروم والصويا وقمح بروتيني، والاستمتاع بعشاء لذيذ. وتعد وجبة العشاء هذه أفيد غذائياً بكثير مما يتناولانه خلال النهار. فأكل واتسون في النهار يقتصر على أصابع بطاطس وبسكويت ومواد أخرى غير ذات قيمة غذائية، وهي تقول إن الوجبات الثقيلة تجعلها تشعر بالإعياء. غير أن جيبسون تشير إلى أن هذه الوجبات الخفيفة لا تتوفر على ما يكفي من العناصر المغذية، وتؤدي بالتالي إلى مشكلات في مستوى السكر في الدم. وتوصي بأن يضاف إلى الوجبات الخفيفة كاربوهيدرات مركبة وبروتينات، وبالقيام ما أمكن بحشوها بفواكه، أو تناول قطع خبز من القمح الكامل مدهونة بزبدة الفول السوداني. الحاجات اليومية تقول جيبسون إن جسم الإنسان يحتاج إلى ما بين 46 إلى 54 جراماً من البروتين يومياً، فهو ضروري للكتلة العضلية والشعر والدم. وإذا لم يتناول الشخص ما يكفيه من الأحماض الأمينية، فإن جسمه يصبح غير قادر على تكوين خلايا دم جديدة”. وبعد الاطلاع عن كثب على النظام الغذائي الذي تتبعه واتسون لمدة ثلاثة أيام متتالية، تعتقد جيبسون أنهما يحصلان على ما يكفي من السعرات الحرارية، لكن أكلهما يفتقر إلى الكالسيوم، وهو ما قد يؤدي إلى إصابة واتسون بمرض تخلخل العظام لاحقاً. وتقترح جيبسون على واتسون والحالة هذه تناول مكملات غذائية تحتوي على فيتامين بي 12 والمكملات الغذائية التي تحتوي على الحديد. وعلى الرغم من وجود فيتامين بي 12 والكالسيوم في حليب الصويا ودقيق الشوفان مثلاً، فإن معظم الناس يحصلون على فيتامين بي 12 من خلال اللحم. كما يحصلون على الحديد من الخضار الداكنة اللون وأوراق الخضار الخضراء، علماً أن الجسم لا يمتص الحديد بشكل جيد دائماً بسبب بعض التوليفات الغذائية التي يستهلكها البعض والتي تحول دون امتصاص الجسم للحديد بشكل كامل. لا يزيد فطور بريبوسكي عن فنجان قهوة وقطعة يتيمة من الفواكه. وفي الغذاء، يتناول شربة الحساء المعلبة عندما يكون في البيت، أما عندما يكون في العمل فإنه يضطر إلى تناول الوجبات السريعة. وتقترح جيبسون على بريبوسكي تناول دقيق الشوفان مع الجوز في الفطور للحصول على ما بين 71 إلى 80 جراماً من البروتين يومياً. وتنصح جيبسون أيضاً متناولي الوجبات السريعة على اختيار أكثر الوجبات من حيث القيمة الغذائية. أما بالنسبة لوجبات العشاء، فيستحسن وضع برنامج أسبوعي لها مسبقاً لتلافي حيرة “ماذا نطبخ للعشاء؟”، بحيث تشمل ست وجبات رئيسة على الأقل، ولا بأس من الاستعانة ببرامج الطبخ التي تعرض في التلفزيون أو المتوافرة على الإنترنت لتعلم فنون الطبخ. عن “لوس أنجلوس تايمز”