الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البيوت أسرار

البيوت أسرار
29 يوليو 2010 21:12
يا بني تجنب أخطائي نورا محمد (القاهرة) - جاءت زوجتي لتخبرني وهي مسرورة بأن ابننا الذي أنهى دراسته الجامعية يعيش حالة حب منذ فترة، ويريد أن يتوجها بالزواج، ويخشى أن يأتي عريس جاهز فيخطف منه محبوبته وهو يقف مكتوف اليدين، ويريدني أن أذهب لوالدها لأطلب يدها ونعقد اتفاقا مبدئيا ولو بخاتمي الخطبة وقراءة الفاتحة، وتهللت أسارير زوجتي وهي تخبرني بذلك وكأنها تزف إليّ بشرى، بينما كان وقعها في اذنيّ كالرصاص، فكيف يفكر هذا الولد؟ وهل جن وفقد عقله؟ ألا يعرف أنه لم يلتحق بعد بعمل وليس له أي دخل ولا يملك مسكناً، ثارت ثائرتي وانا ألقي التساؤلات تباعا وكأن أيا منها لم يرد على تفكير زوجتي، حتى كدت اخرج عن شعوري واتصرف بشكل لم اعتده من قبل، لولا أنها انسحبت مصدومة، فقد كانت تعتقد أنني سأفرح مثل فرحتها واسارع باستدعاء ابني واخبره بأن يضرب موعدا مع والد محبوبته لنلتقي ونتفق ونضع النقاط على الحروف، ويبدو ان الاسئلة كانت واقعية خاصة وانها تعلم انني بالكاد استطعت ان انفق عليه حتى ينهي تعليمه وهو الابن الاكبر ومازال ثلاثة آخرين من البنين والبنات في مراحل التعليم وليتني استطيع أن أصل بهم كما وصلت به، ليشق كل منهم بعد ذلك طريقه في الحياة. الأمر لم ينته عند هذا الحد، ولم يمر مرور الكرام، بل اعتقد أن ابني قد يعيش دور المظلوم المحروم قسرا وعنوة من حبيبته وسيعاني كثيرا من ذلك، وأنا لست ضد رغبته في حد ذاتها وإنما قلة حيلتي هي السبب الأول فليس معي من المال ما يمكنني من مساعدته وتلبية نداء قلبه، فكل أب يتمنى أن يرى أولاده في حال أحسن منه ويحقق لهم كل امنياتهم مهما كانت عزيزة ويحرم نفسه من الضروريات ليوفر لهم الكماليات ويود ألا يواجهوا أي مشكلة وأي مصاعب في حياتهم، لكن هذا الموقف ذكرني بتصرفاتي في سن المراهقة والشباب وأولها عندما كنت في الخامسة عشرة وقد انهيت لتوي الدراسة بالمرحلة الإعدادية، وأفصحت عن رغبتي في الزواج من ابنة عمي التي تصغرني بثلاث سنوات وشعرت حينها كأنه حب او اعجاب أو مشاعر لا اجد لها تفسيرا ولم أصل إلى تعريف دقيق لها، وكل ما استطيع قوله إنني وجدت مني ميلا نحوها، وكلي أمل في ذلك الوقت ان تبقى بجواري، وما ان تفوهت بهذه الكلمات حتى ظهر المارد من القمقم من خلال ثورة عارمة أعلنتها أمي وهي تهدد وتتوعد إن نطقت بكلمة مرة ثانية في هذا الموضوع، فلن اكون ابنها ولن تكون أمي والسبب العجيب ليس لانها ترفض مطلبي مع صغر سني وانما لانها لا تطيق سماع اسم عمي ولا زوجته، فكيف يمكن بعد ذلك ان تكون بيننا مصاهرة، ولو حدثت فإنها ستكون قد خسرتني إلى الأبد لأنه إما ان يأخذني عمي، وإما أن يحرموها بتصرفاتهم من دخول بيتي، هكذا كانت التخيلات التي دارت برأسها، شعرت بالخجل من نفسي لانني تسببت في اظهار هذه الكراهية الكامنة بين أبي وأمي من ناحية وعمي وزوجته من ناحية أخرى وقد كانوا من قبل ذلك يتعاملون مع بعضهم دون إظهار ما في النفوس، وحينها قلت لا داعي لهذه السخافات الطفولية، وندمت. لم يمض عامان على هذه الواقعة حتى كانت جدتي تقوم بزيارة لاحد اصدقاء أبي واصطحبتني معها وشاهدت ابنتيه وكانت كبراهما تصغرني بعامين، ووجدتني مشدودا نحوها، فقد كانت صاحبه جمال هادئ جذاب، وثقافة عالية ومتفوقة في دراستها، على عكس ابنة عمي التي لم تحصل على اي قسط من التعليم وفي ذلك الوقت شعرت بالفارق الكبير بينهما لكني رأيت أنني كنت مخطئا في مشاعري نحو الفتاة الجديدة، وما كانت مشاعري إلا من ناحيتي وان جاز أن نسميها حبا، فهو حب من طرف واحد، وان كنت أتوهم انها تبادلني نفس الشعور، رغم أنه لم يكن بيننا غير أحاديث عابرة في موضوعات عامة، ولم يصدر منها ولا كلمة تدل على صحة أوهامي، وأنا ايضا لم اجرؤ على الحديث في هذا الامر معها، خوفا من تكرار أزمة التصرف السابق ولو بشكل آخر لكن ما حدث كان أبدع من الخيال، إذ عرجت جدتي وهي تتحدث معها نحو الكلام عني وابدت رغبتها في ان تكون بيننا مصاهرة تحافظ على علاقة الود والمحبة القديمة بين الأسرتين وكي لا تضيع الصداقة مع الاجيال الجديدة، ورشحت جدتي هذه الفتاة لي، وغمرتني السعادة وأنا اتمنى الا تتوقف عن الحديث في الموضوع، بل أريدها ان تدخل في التفاصيل أو بمعنى آخر اود ان تضع الاسرتان في ورطة وتحصل من كل منهما على وعد بهذا، وتمضي في التنفيذ ولكنها توقفت عن الكلام، ولم أدع الفرصة تضيع من يدي وامسكت بطرف حديثها، وواصلت الزيارات لهذه الأسرة الصديقة متحججاً بأواصر الصداقة، وفي نفس الوقت أشعت بين الشباب وأقراني انني سأخطب هذه الفتاة، ولكن دون تحديد موعد، فأنا مازلت في المرحلة الثانوية، وكان لهذه الحماقة تبعاتها إذ أن والد الفتاة عندما علم بذلك غضب غضبا شديدا واستنكر تصرفي وكدت اتسبب في قطع الصداقة القديمة، وبالفعل أحدثت فيها شرخا ولم تعد بعد إلى طبيعتها، اما ما علمته بعد ذلك فقد احدث شرخا في نفسي، لأن أباها كان يرى ان الفارق بين الاسرتين كبير فهو تاجر يلعب بالملايين وأبي مجرد موظف يعتمد على راتبه الذي ينتظره في بداية كل شهر، وأن أباها يرفض من الأصل أن يزوج ابنته لواحد مثلي، أبرم عقداً مع الفقر - على حد تعبيره - وان كانت كلماته جعلتني انزل من الخيال إلى أرض الواقع. ولم تخل سنوات الجامعة من قصة حب مثل الكثيرين وارتبطت عاطفيا بواحدة من الزميلات، معتقدا ان مشاعري قد اصبحت أكثر نضوجا واستطيع الحكم على الامور بعقلانية ولكن لم يسلم تفكيري من الجموح وهو يحلق بعيدا، ويبني قصوراً من رمال، وسنحت لي فرصة زيارة الزميلة في بيت اسرتها، عندما علمت انها مريضة واعتزمت استغلال المناسبة وان لم تكن سارة في التعرف عليهم، وحملت طبق الحلوى والتقيت مع ابيها وامها واستشعرت من المقابلة انهما يعرفان ما بيننا، ولم أتجاهل هذه المعرفة وتعاملت معهما في ضوئها، وكررت الزيارة بأسباب مختلقة وعندما حان وقت التخرج، خضعت لتحقيق قاس من حبيبتي حول ما سأفعل معها بالضبط في المرحلة القادمة، ولم أجد عندي إجابة ولا استطيع ان اتقدم خطوة واحدة، فقط طلبت منها ان تصبر إلى حين ميسرة، عندما أجد عملاً وأمتلك مسكناً، فتساءلت ومتى يتم ذلك؟ قلت: لا أعرف، قالت: يعني سأنتظر المجهول، قلت: ليس بيدي، قالت: ولا أنا بيدي، وبطبيعة الظروف مضى كل الى غايته، وسار كل منا في طريق مغاير وشعرت انني اكرر نفس الأخطاء بنفس الاسلوب تقريبا، وتأكدت انني اتصرف بلا حسابات، بل بجنون، خاصة عندما علمت انها تزوجت وانجبت قبل ان احقق أي شيء مما يجب أن أحققه. اما الحماقة الحقيقية التي ارتكبتها، فهي عندما توجهت مع صديقي لاخطب فتاة لا اعرفها ولم اسمع إلا أنها صديقة خطيبته، فتوجهنا ثلاثتنا إلى منزل الفتاة وتحدثنا وقضينا عدة ساعات، وبعد ما علمت اسرتها بظروفي جاء الرفض منهم جميعا، واعترف ان هذه حماقة لانها تكررت مرة اخرى مع صديق آخر بنفس الصورة، ولأنني على خطأ واعرف انني مخطئ لم اخبر اسرتي بهذه الحماقات فما جرأت على ذكرها حتى بعد ان مضى زمن طويل، لانني اعتبرها من النقائص. وعندما التحقت بوظيفة حكومية استشعرت ان الوضع مختلف حيث لي دخل خاص، ويمكنني أن أدخر من راتبي وأحصل على مسكن الزوجية واستطيع أن اتحمل مسؤولية أسرة، بل جاءني الفرج من أوسع الابواب عندما تحركت مشاعري نحو فتاة جمعتني بها الصدفة، وها هو الحظ يطرق بابي بقوة ولأول مرة، فالفتاة لديها شقة وكل ما علينا ان نتشارك في تأثيثها، لكن الفرحة لم تتم لأن أبي رفض هذه الزيجة خشية ان تتحكم الفتاة فيّ وتمن عليّ لانها صاحبة المسكن، بل وقد يتعدى الامر ذلك وعند أقل خلاف تعيرني بهذا، وقد تطردني إن لم اخضع لأوامرها، وهكذا لم تلتق وجهة نظري مع رؤية أبي، وعندما وجد مني تصميماً واصراراً على الارتباط بها لحبي الشديد لها، حتى كدت اضرب عن الطعام، واصبت بالهزال والاكتئاب، وخوفا من ان تتطور حالتي الى الاسوأ وافق ابي عن غير اقتناع، ولأول مرة من بين تجاربي تتم الخطبة رسميا، وفي الاسابيع الاولى تأكدت من صدق توقعات ابي، فخطيبتي تتحدث عن الشقة بضمير المتكلم الفرد، فتقول شقتي، بيتي مطبخي وغرفتي، فهي التي تملك فعلا لكنها، تجرح كبريائي ورجولتي ولم استطع ان احولها عن هذا الاسلوب، ولم اتمكن من مجاراة مطالبها، فظهر الشقاق مبكراً، وخسرت ما خسرت في التجربة فقد تم فسخ الخطبة بعد اشهر قليلة. كانت هذه بعض اخطائي وحماقاتي وتصرفاتي التي استطعت ان اتذكرها، عندما اراد ابني ان يتزوج فكأنه يكررها بنفس الصورة، ومن شابه أباه فما ظلم، ومسحت بيدي على رأسي اتحسسه، فإذا بالكثير من الشعر قد تساقط، والقليل الذي تبقى قد غلب عليه البياض، قلت لنفسي إذن هذا هو الذي يقولون عنه صراع الاجيال، ولكن في الحقيقة لم يكن صراعا، وإنما اختلاف في وجهات النظر، كل واحد يتصرف في الموقف حسب خبرته في الحياة وسنه وتجاربه، وفي النهاية اتخذت قرارا اعتقد انه شجاع، قررت ان اخبر ابني بتجاربي وأن أشاركه اتخاذ القرار بدلاً من الثورة التي لا تجدي ولا تفيد ولست ادري ماذا سيفعل. ميزان العدالة قيود من ذهب أحمد محمد (القاهرة) - فقد العجوز «جورج» الامل في بيع المزيد من المجوهرات اليوم، خاصة بعدما اقتربت عقارب الساعة من العاشرة مساء، وبدأت المحال غلق الأبواب، وقلت حركة المارة في الشوارع، كان يجلس وحيداً يطرقع أصابعه، ويتحسس فمه الذي اصبح خاليا تماما من الاسنان، يرتدي بذلته التي عفى عليها الزمن ويصر ان تكون معها ربطة عنق بينها وبين الموضة خصومة قديمة، وقبل ان يستعد لجمع القطع الذهبية لوضعها في الخزينة الكبيرة كما اعتاد كل يوم، وقعت عيناه على شاب وفتاة كالعصفورين، تتأبط ذراعه بعشق وتلتصق بجسده، وهما يشيران من خلال الواجهة الزجاجية الى عدد من القطع المعروضة، والعجوز بخبرته الطويلة تأكد من انهما في طريقهما للزواج، لكنه لم يكن متأكدا هل سيشتريان الآن أم لا، وقطع الشاب والفتاة حبل افكار وتخيلات «جورج» الذي كان يمني نفسه بصفقة في آخر النهار لعلها تعوض الركود في ذلك اليوم، دخلا عليه فرحب بهما كعادته في الحديث مع أمثالهما، وقدم التهاني والتبريكات والدعوات والامنيات بحياة سعيدة هانئة، وازداد سرورا عندما وجدهما يتحدثان لهجة عربية غير مصرية، فهذا يعني له انهما سيشتريان كمية كبيرة، فبالغ في الترحيب، وبالغ اكثر في الاتيان بالقطع الثمينة والاطقم الباهظة الثمن كي يغريهما بالشراء وهو يعدد مزايا هذه القطعة ويؤكد حداثة تصميم تلك، وحتى لو اضطر للكذب عندما يذكر ان الممثلة فلانة اشترت منها لتتزين بها في حفل عيد ميلادها أو افتتاح فيلمها الجديد، وخرج ليحضر مقعدين للزبونين، لكنهما أكدا له انهما لا يريدان الجلوس ويفضلان الوقوف للتعرف على المزيد من القطع التي رصها أمامهما وهما يفاضلان بينها ويتبادلان الحديث والرأي والمشورة. وعندما تجمعت قطع كثيرة وكبيرة أمامهما تغير الموقف من الود والرقة والوداعة إلى الغلظة والحدة، إذ طلب الشاب من الفتاة أن تضع كل هذه القطع في حقيبتها وهو يلمها بذراعه، والعجوز ينظر إليهما في ذهول غير مصدق ما يحدث امامه، وعندما اعترض جاءه الرد لكمة في وجهه فاستدار ليضغط على زر الإنذار الذي يبعد عنه عدة خطوات، فأمره هذا الوديع الذي تحول الى وحش كشر عن انيابه والفتاة الى افعى تستعد لنفث سمها القاتل، وبنبرة حادة وكلمات حاسمة أن يبقى مكانه وإلا أجهز عليه وأنهى حياته فتملكه الرعب ولم يقو على الحركة، فقد سمع كثيرا عن مواقف مثل هذه وراح الذين يدعون البطولة ضحايا لها وفقدوا حياتهم، أما ما أخرسه تماما وعقد لسانه، فهو ان الشاب اخرج من جيبه مسدسا واطلق رصاصة في الهواء، جعلت العجوز يستكين ويقبع في مكانه، بل ويرجوه ألا يقتله وليذهب بالمجوهرات إلى حال سبيله، وكأن هذا كان اتفاقا بينهما وخرج اللصان الجميلان يترقبان الطريق، واختفيا في ظلام الشوارع الجانبية. حاول الجواهرجي ان يستجمع قواه وادار قرص الهاتف ليبلغ الشرطة بحادث اطلاق الرصاص والسطو المسلح الذي تعرض له، وهو غير مصدق أنه نجا بحياته، ويحضر رجال الشرطة ويجرون معاينة لمسرح الجريمة ويعثرون على المقذوف الفارغ من أثر الرصاصة التي تم اطلاقها، ورغم صعوبة الموقف فإن الضابط أطلق ضحكة عالية ساخراً من العجوز وهو يؤكد له أن المسدس «فشنك» فهو ليس حقيقياً، بل هو مسدس صوت لا يصيب ولا يميت، وكانت تلك علامة على ان اللصين ليسا عصابة مسلحة، وانما من قليلي الخبرة بعالم الجريمة لكن في نفس الوقت فإن هذا يجعل مهمة رجال الشرطة فيها بعض الصعوبة لانهم سيبحثون عن مجرمين ليسا من المعروفين. بدأ الخبراء في الأدلة الجنائية رفع البصمات من مسرح الجريمة وتفريغ محتوى كاميرات المراقبة التي تسجل كل الاشخاص الزائرين والمتفرجين والمشترين والمتعاملين مع محل المجوهرات، وتم استخراج صورتي اللصين الوديعين وقد سجلت الكاميرات صورهما وحديثهما مع الجواهرجي وكل الأحداث بتفاصيلها والقطع التي استوليا عليها وهما لا يدريان ومن خلال لهجتهما وصورهما، تم التوصل إليهما في غضون ست ساعات، وتحديد محل إقامتهما وعلاقتهما ببعضهما، فألقي القبض عليهما وهما يعدان حقائبهما وفيها المجوهرات المسروقة، قبيل ان يغادرا ويهربا بها إلى الخارج وقد اعتقدا انهما افلتا بالغنيمة الثمينة، لم يصدقا وهما يريان رجال المباحث يضعون في ايديهما القيود ونظر كل منهما إلى الآخر نظرة ذات مغزى، وكأنه يسأله كيف عرف هؤلاء مكاننا؟ وكيف توصلوا الينا؟ ولا مجال للانكار. وفي قسم الشرطة جلس «أيوب» يعترف وقال عمري سبعة وعشرين عاماً، من بلد عربي كنت اعمل مذيعاً في قناة فضائية نصف مشهورة وتم فصلي منها، ومع وقت الفراغ الطويل أدمنت هذا الجهاز الملعون الحاسوب وأدمنت الانترنت أجلس بالساعات في غرف الشات والتجوال بين المنتديات او في الألعاب وكان ذلك قبل ثلاث سنوات عندما تعرفت على «سناء» من بلد عربي آخر، المسافات بيننا بعيدة على الارض، لكنها قريبة في الانترنت نلتقي كل يوم، فتاة تجيد اختيار الكلمات التي تقولها لي، رغم انها ليست فائقة الجمال لكنها سحرتني، فهي بحكم عملها «كوافيرة» تتفنن في الزينة فتبدو في كل يوم كأنها امرأة أخرى، فوجدتني امام فتاة متجددة جذابة ساحرة، فأحببتها، واشتعلت نار الحب وتأججت في قلبي، يحركني الشوق لرؤيتها على الطبيعة، فلم احتمل المزيد من الاعتماد على الصور ولابد من لم الشمل، فدعوتها الى بلدي، فرفضت وبعد شد وجذب اتفقنا على الزواج على أن يتم ذلك في القاهرة ونبحث عن عمل ونستقر فوافقت وخلال أسابيع كان اللقاء وتم الزواج، فقد كانت السنوات الثلاث كافية للتعارف ولا داعي لتضييع المزيد من الوقت. استأجرنا شقة في منطقة متوسطة، وعملت وسيطاً في تجارة العقارات كي انفق على بيتي وزوجتي التي لم توفق في الحصول على فرصة عمل تناسبها، ولم يكن عائد مهنتي كافياً للنفقات والمتطلبات فاضطررنا للاستدانة لسداد إيجار الشقة وبقية المصاريف حتى اضطرت زوجتي لاقتراض مبلغ من والدتها لكي تفتح محلاً للتجميل، لكن المبلغ لم يكن كافياً ولم يتم المشروع، وتم إنفاق المبلغ في النثريات، وزادت الديون وضاقت بنا السبل، وتأزم الموقف عندما طلبت حماتي استرداد المبلغ الذي أرسلته لابنتها بحجة احتياجها إليه، وفوجئت بزوجتي تحكي لي بعض أحداث المسلسل العربي «عصابة بابا وماما» بطولة هاني رمزي ونيكول سابا، وكيف انهما يسرقان محلات الذهب بالقوة ويسطوان عليها تحت تهديد السلاح وقد نجحا في تنفيذ العديد من العمليات ثم خرجت من هذا الحديث الدرامي إلى فكرة تنفيذه في الواقع كي نخرج من أزمتنا ونسدد ديوننا ونحل كل مشاكلنا، في البداية رفضت وترددت لكنها ألحت وهي تؤكد إحكام الخطة والتنفيذ واستحالة كشف الجريمة، وايضا استحالة التوصل الينا وان الشبهات لن تقترب منا لاننا غريبان، ولاننا سنغادر ونهرب خلال ساعات من التنفيذ فاقتنعت ووافقت واشتريت مسدس صوت وترددنا على محل الذهب وراقبناه ثلاثة أيام ورصدنا حركة الشارع، وتأكدنا من أن صاحبه عجوز لا حول له ولا قوة. وأمرت النيابة بحبس الزوجين وتقديمهما لمحاكمة عاجلة، وإذا «بسناء» تعتذر «لأيوب» عن فشل خطتها، لكنها تعده بأن هذه آخر مرة تدفعه فيها إلى السرقة وهي لا تدري أن عقوبتهما تصل إلى السجن خمسة عشر عاماً، وتم اقتياده إلى سجن الرجال، وهي إلى سجن النساء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©