الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

آخر مهندسي بريتون وودز يتهم البنوك بالتسبب في الأزمة العالمية

آخر مهندسي بريتون وودز يتهم البنوك بالتسبب في الأزمة العالمية
13 نوفمبر 2008 02:09
في الوقت الذي يجتمع فيه زعماء القوى الكبرى في مطلع الأسبوع المقبل سعيا لإنقاذ النظام المالي العالمي، يقول أحد المهندسين الأصليين لهذا النظام الذي يعود إلى 64 عاماً مضت إن النظام القديم ليس هو المشكلة· ويقول جاك بولاك وهو آخر من بقي على قيد الحياة ممن شاركوا في مؤتمر بريتون وودز عام 1944 إن عدم كفاية الإشراف على البنوك وليس النظام المالي نفسه هو السبب في الأزمة المالية العالمية التي تدفع بالعالم إلى هاوية الكساد· وقال بولاك (94 عاما) الذي حضر ''بريتون وودز'' كعضو في الوفد الألماني ''المهمة الآن ليست إنشاء نظام جديد تماما يتمتع بجاذبية سياسيا ولكنه ليس ما يصفه الطبيب''، ومن بين 20 زعيما يشاركون في اجتماع واشنطن، يريد رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون وزعماء أوروبيون آخرون التوصل إلى اتفاقية لإصلاح النظام المالي الذي أرسيت قواعده في ''بريتون وودز''، ومن جانبها تميل الولايات في الفترة الانتقالية بين إدارتين إلى التحفظ· واعترف بولاك بأن التحديات التي تواجه زعماء اليوم هائلة، ولكن قال إنها مختلفة تماما عن تلك التي كانت تواجه زعماء العالم في عام 1944 عندما كانت بؤرة التركيز هي خلق نظام جديد بعد الحرب العالمية الثانية· وسعت اتفاقية ''بريتون وودز'' إلى تفادي تكرار الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي من خلال إنشاء البنك الدولي لإعادة بناء أوروبا بعد الحرب وصندوق النقد الدولي للإشراف على نظام مالي يرتكز على أسعار صرف ثابتة· وعقد الاجتماع الذي استمر ثلاثة أسابيع قبل عام من انتهاء الحرب العالمية الثانية وشاركت فيه 44 دولة في وقت كان التعاون التجاري والمالي قد توقف تماما· وقال بولاك إن أزمة اليوم ستتطلب التوصل إلى إجماع على اللوائح والاشراف العالمي على الأسواق المالية، فضلا عن منح اقتصادات الاسواق الناشئة دورا أكبر في صندوق النقد والبنك الدولي· وقال لرويترز في منزله بواشنطن ''ينبغي أن توزع القمة مهمة التفكير بشأن الرقابة على المسائل التنظيمية والتي تمثل أهمية بالغة· ثم تأتي المسألة الأخرى وهي ما الذي ينبغي أن نفعله بشأن إعطاء دولار ملائم للهند وروسيا والصين''· ومنذ شارك في مؤتمر ''بريتون وودز'' غزا الشيب رأس بولاك ووهن صوته الذي تغلب عليه اللكنة الالمانية ولكنه ما زال يذكر بوضوح كيف أحس 700 مندوب تجمعوا في فندق ماونت واشنطن الفاخر في ولاية نيو هامبشاير بالمغزى التاريخي لتلك اللحظة· وقال ''كانت هناك قناعة بيننا جميعا بأننا نريد بدء عملية أفضل وكانت كل الوفود مستعدة لتقديم تضحيات وتنازلات بشأن الأفكار التي جاءت بها لأنها كانت مقتنعة بأنه لابد من خلق نظام جديد''، ومضى قائلاً ''كانوا مقتنعين بأن هذا المؤتمر لا بد أن ينتهي ببنود اتفاقية لإنشاء صندوق النقد الدولي· ببساطة لم يكن من المقبول السماح للمؤتمر بالفشل وكان الناس مستعدين للعمل وفقا لهذا''· ووفقا لمؤرخ صندوق النقد جيمس بوتون، فإن هذا من أوجه الشبه بين الوضع في عام 1944 واليوم، ويشير بوتون إلى أن تجمع 20 زعيما عالميا خلال أسابيع قليلة يظهر أنهم يتعاملون مع الأزمة بجدية· وقال ''مثلما حدث في ''بريتون وودز'' فإن حقيقة أن الجميع يدرك أن عواقب الفشل هائلة تخلق الارادة السياسية التي يمكن من خلالها إجراء تغييرات كبرى''، واضاف ''ونحن الآن عند هذه النقطة· إنها فرصة ونحن بحاجة لانتهازها والاستفادة''· وقد انهار نظام ''بريتون وودز'' القائم على أسعار صرف ثابتة مرتبطة بالاحتياطيات الذهبية والدولار مع تحول الدول الصناعية لتعويم عملاتها وتنامي تأثير أسواق رأس المال· ومع انحسار نفوذ صندوق النقد وتحول اهتمامه إلى الدول النامية والناشئة، حيث رتب صفقات إنقاذ كبيرة في الأزمة المالية الآسيوية في عامي 1997 و ·1998 وكرر هذا الدور في الأزمة الحالية بمد يد العون لايسلندا والمجر واوكرانيا· وقال بولاك الذي كان من كبار الاقتصاديين في صندوق النقد طوال ثلاثة عقود إن الاقتصادات الناشئة يجب أن تتمتع بسلطة تصويت أكبر في مجلس الصندوق المؤلف من 24 عضوا· وذكر أنه ينبغي لدول اليورو أن تدمج مقاعدها الثمانية في مقعد واحد لإفساح مكان للآخرين· كما قال إنه جرى تحذير الحكومات بل وحتى الان جرينسبان الرئيس السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بشأن الأزمة المالية المتفاقمة ولكنهم لم يصغوا· وأضاف ''الاتجاه العام للإدارة الأميركية الحالية كان الاعتقاد بأن هذه الأمور تتلاشى من تلقاء نفسها وأنه ينبغي للحكومة أن تظل بعيدة عن المسألة كلها لكن اتضح أن هذا خطأ قاتل''· ويرى بولاك أن صندوق النقد الدولي نفسه ليس منزها عن الخطأ، فهو لم ينصت لكل النصائح التي قدمت له، ولا يزال بولاك يذهب إلى مكتبه في مقر صندوق النقد بواشنطن أربعة أيام في الاسبوع· وسيعقد صندوق النقد مؤتمره السنوي اليوم وغداً، حيث سيتم تكريم بولاك على مساهماته في الابحاث الاقتصادية التي تمثل ''نموذج بولاك'' الذي يشرح ميزان مدفوعات أي دولة بمصطلحات نقدية والذي ساعد في التخطيط لقروض صندوق النقد طوال أكثر من أربعة عقود·
المصدر: واشنطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©