الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ماضي الأزواج» يزرع بذور الشك بين الطرفين ويدمر الأسرة

«ماضي الأزواج» يزرع بذور الشك بين الطرفين ويدمر الأسرة
16 مايو 2011 20:03
البحث في ماضي الزوج أو الزوجة سبب رئيسي في دمار الحياة الزوجية، فالماضي العاطفي لا يؤدِّي فقط إلى لوم مستمر، بل إلى فتح باب سوء الظن والشك السلبي مستقبلاً، ولا يحلّ المشكلات التي نعايشها في الوقت الراهن، وقد يزيد من تعقيدات الحاضر، هذا ما أكدته العديد من الدراسات والأبحاث، حيث أشارت في مجملها “أن نبش الماضي من أبرز أسباب تدمير الحياة الزوجية، فبعض الأزواج قد يكون لهم علاقات قبل الزواج، والخوض فيها ـ مهما كانت الأسباب ـ قد يكون وسيلة فاعلة في القضاء على الحياة الأسرية، ومهما كانت بساطة هذه العلاقات فإنَّها قد تسبب كوارث إذا أُستدعيت إلى الحاضر”.. فكيف يمكن التصرف حيال بعض هذه النماذج.. وماذا تكون ردة فعل الزوج تجاه زوجته في حال اكتشافه ماضيها العاطفي.. وهل يكون الحل في الانفصال..؟ أسئلة نبحث لها عن إجابات في السطور التالية.. ما يقلق أبوحسين الذي مر على زواجه أكثر من 4 سنوات، أنه اليوم يعيش حالة متناقضة بين ماضي زوجته العاطفي ومشاعرها تجاهه، فهو دوماً يتذكر لحظات اعتراف زوجته بتاريخها العاطفي ويقول “منذ فترة دار بيننا حديث مزاحي انتهي في نهاية المطاف بكابوس مزعج حين اعترفت زوجتي المصونة بحبها لأحد الشباب في الماضي، ولكن اعترافها لم يكن كاملاً ودقيقاً بكل تفاصيله. ويتذكر أبوحسين تلك اللحظات المؤلمة قائلاً “لحظة قالت لي إنها خرجت معه مرتين وجدت نفسي كمن سكب ماء حاراً على رأسي، وتمنيت في هذا اللحظة أن أتخلص منها بالطلاق لكن تأكيدها المستمر خلال الحديث إنه لم يحدث شيء بينهما وبات أمراً لا يعنيها - حسب قولها - جعلني أعيش حالة تردد، فمرة أشعر بصدقها وأخرى أحس بأنها تتلاعب بعواطفي ومشاعري”. عدم نبش الماضي يقول خليفة المحرزي، رئيس المجلس الاستشاري الأسري بدبي، “نجد بعض الزوجات ينبشن في ماضي الأزواج والنزوات السابقة لهم، فتحاول الزوجة استدراج زوجها حينما تسأله عن أوصاف من كان ينوي الزواج بها قبلها، مؤكدة له أنَّها لن تغضب، ولن يؤثر ذلك على علاقتهما الزوجية، ولكن كل تلك الكلمات المعسولة التي تلقيها المرأة على زوجها اعتباطاً، فما هي إلا مجرد معرفة حقيقية لماضي من أرتبطت به “. في مقابل ذلك يحذر المحرزي الزوجات ويوضح “لا يتوجب على الزوجة فعل ذلك نهائياً، فما حصل في الماضي يجب أن يدفن ولا ينبش إلا عند الضرورة، لأن الأخطاء إذا وقعت من الشخص نفسه مع أشخاص آخرين، فهي أعمال خاطئة بين العبد وربه”. موضحاً “فيما يتعلق بالأسرار والماضي القديم هو ملك للإنسان، وليس من حق النصف الآخر أن يتجرأ ويسأل عنه، فلا يتوجب على الزوج التعرف إلى ماضي شريكته ومعرفة تاريخها مذ لحظة ولادتها”. فالماضي يندرج في باب الأمور الشخصية وليس من الصواب أن يقوم أحدهما بسؤال الآخر عن ماضيه، فإذا ما رغبت الفتاة أو الشاب في الإفصاح فكل حسب رغبته في ذلك، وفي حال أفصح الشاب عن ماضيه لفتاته فلا يتحتم عليها فعل ذلك في المقابل، أو أن يطالبها بذلك من باب المصارحة، بل يترك كلٌ حسب رغبته”. حدود الصراحة يواصل المحرزي ويلفت إلى ضرر الاعتراف بماضي الأزواج ويقول “من الأفضل عدم التحدث عن الماضي سواء كان سلوكيات أو ممارسات أو تجارب عاطفية، فالإعلان عنها لن يفيد أي طرف، كما أنها قد تكوّن في ذهن الطرف المستمع سواء الزوج أو الزوجة، صورة ذهنية معينة عن الطرف الآخر، مثل كونه لا يحفظ الأسرار، أو لا يحسن التصرف في بعض الأمور”. لافتاً أن هناك أيضاً علاقات سابقة للزواج من الممكن الحديث عنها بشكل عابر، لكن من دون الدخول في التفاصيل. فيجب أن تكون هناك حدود للصراحة وإلا تحولت إلى نقمة تدمر العلاقة الزوجية، خاصة إذا كان الزوجان ليسا على درجة كافية من التفهم والوعي والثقة المتبادلة”. ويضيف: نجد بعض الأزواج يستجيبون لإلحاح زوجاتهم فيتفاخرون بماضيهم، ويتناسون أنَّ نبش الماضيُّ من أبرز أسباب تدمير العلاقة الزوجية، فأيّ اعتراف للرجل بماضيه وعلاقاته السابقة أشبه بقنبلة يضعها في حياته الأسرية”. مشيراً “لا داعي للمصارحة ولا الخوض في التفاصيل، فتلك صفحة طويت والمستقبل كفيل بطي هذه الصفحات بحلوها ومرّها بفضل التفاهم والعشرة الحسنة”. فسخ الخطوبة لكن على أرض الواقع هناك الكثير من القصص المؤلمة والحقيقية، فهذه فتاة، تدعى سميحة، تؤكد أن اعترافها لخطيبها بماضيها تسبب في فسخ خطوبتها. تتنهد سميحة مرزوق “ربة بيت” وتحكى معاناتها بألم قائلة “الكثير من الأزواج يرى معرفة ماضي الزوجة حقاً من حقوقه ويجب على الزوجة أن تبوح به”. وتقول في لحظة تأنيب ضمير: وجدت نفسي في الأيام الأولى من “عقد القران” اعترف لخطيبي بعلاقتي بزميل لي في العمل، لكن تلك العلاقة لم تستمر طويلاً ولم تنته كما حلمت بها” . تصمت سميحة قليلاً وتحكي ردة فعل خطيبها: “لم أصدق ما حدث فقد أمسك يدي بقوة ووضع بها خاتم الخطوبة، وأنهى قصتنا التي لم تبدأ إلا منذ 4 أشهر. فكل الرجال يريدون أن تكون المرأة التي يرتبطون بها صفحة بيضاء نقية، وكأنها إنسانة ليس لها قلب تحب وتكره، في حين يسمح لنفسه بأن تكون لديه علاقات كثيرة ومتعددة مع فتيات أخريات” مؤكدة “برغم ما حدث لست نادمة فمن حق الزوج أن يعلم ماضي زوجته وشريكة عمره، لأن أموراً كهذه يمكن أن تنكشف في أي وقت، وبالتالي لا مجال لإخفائها وبرغم ما جرى سأستمر في المصارحة حتى لو كلفني ذلك البقاء في بيت أهلي من دون زواج”. ماضٍ وانتهى ليس لي الحق في محاسبة زوجي في علاقته السابقة قبل الزواج هكذا قالت عبير عمر (33عاماً)، موضحة “من منا لم يمر بعلاقة عاطفية لم تدم طويلاً، نتيجة لظروف قاسية حالت أن تكون النهاية هي الزواج. تواصل عبير وتقول “أي شاب قبل زواجه لابد أن تكون له علاقات سابقة، لكن المرأة الحكيمة التي تريد أن تستمر حياتها الزوجية بأمان لابد أن تنسى الماضي ولا تحاسب زوجها على ماضيه، فتلك التفاهات كفيلة أن تزعزع العلاقة الزوجية وتنتهي بها إلى طريق مسدود” الطلاق”، وقد يكون الأبناء هم الضحية بسبب شكوك واهية لم تجن منها الزوجة سوى الحسرات والندم، معترفة عبير بعلاقات زوجها “لا أخفى أن لزوجي ماضياً وعلاقات كثيرة مع الفتيات قبل الزواج لكن أعتبره ماضياً وانتهى ولا يشكل لي أهمية تذكر، فإخلاصه بعد الزواج وحسن تربيته لأبنائه يجعلانني لا أفكر في ماضيه، وفي طرح أسئلة قد تزيدني ألماً وقلقاً وتوتراً طوال حياتي معه”. أسرار شخصية من جانب آخر أجمعت دراسات خبراء علم الاجتماع أن ليس هناك أي ظرف يستدعي أن تفصح الزوجة عن ماضيها لزوجها، فلا توجد أي فائدة من هذه المصارحة، وعن ذلك يقول عمر مصطفي، متزوج منذ 9 سنوات، “لا يهمني ماضي زوجتي، فمجرد استمرار علاقتنا الزوجية طوال هذه الفترة هو دليل على تخطينا لكل ماضٍ دفين “، مؤكداً “أعتقد كرجل شرقي ليس من حق الزوج معرفة ماضي زوجته فهي أمور شخصية، تترك لرغبة المرأة في الإفصاح عنها أو إخفائها، فهي ملك خاص بها”، معترفاً عمر” لو جاءت لي زوجتي واعترفت بماضيها فإن ذلك لن يزعزع الثقة والمحبة التي تربطنا ببعضنا بعضاً، ومهما كان هذا الماضي، فهذا لن يمنعني من حبي لهذه الإنسانة التي أرتبطت بها”. الحب الحقيقي وأخيراً، يتمنى الدكتور عقيل كاظم، اختصاصي علم الاجتماع بجامعة الإمارات، أن يكون ماضي الأزواج خلف الذاكرة، وفي صندوق الدفاتر القديمة، فالنبش فيه قد يؤثر على العلاقات الزوجية، فحين تتحدث الزوجة، خاصة عن ماضيها، قد تسبب مشاكل كثيرة هي في غنى عنها، وهذا ما أكدته الكثير من الدراسات الاجتماعية التي أشارت إلى أن الماضي الخاص بالزوج أو الزوجة يؤذي الطرفين، مؤكداً كاظم “الحب الحقيقي يبدأ من لحظة عقد الزواج، والماضي لا يقدم شيئاً، بل العكس قد يدمر علاقة الأزواج، فيصبح مثل الفتيلة التي يمكن أن يتم نزعها فتنفجر في أي لحظة، لذلك مهما كان ذلك الماضي لابد أن يظل ملكاً لكلا الزوجين وفي طي النسيان، فليس هناك إنسان معصوم من الخطأ”. وحول شعور الرجل أن الفتاة التي لها ماضٍ قد تطاردها لعنة الشك، يلفت كاظم إلى ذلك ويقول:”هذه النظرة خاطئة جداً وفيها الكثير من التجني على الزوجة، فالزوجة حين تشعر بالأمان والاستقرار مع الزوج الذي قبلت به زوجاً وأحبته بإرادتها، لا أعتقد أنها سترجع إلى ما كانت تفعله في الماضي، خوفاً على سمعتها أولاً، وثانياً أنها تربي أجيالاً بين يديها تزرع فيهم الصراحة والثقة بالنفس”. نصيحة تولستوي تشير بعض دراسات علماء النفس إلى أن أيّ اعتراف من الرجل بعلاقاته الماضية أو بشعوره تجاه بعض النساء، أشبه بقنبلة موقوتة تهدد حياته العائلية، ومن الممكن أن تشعلها ناراً في أي لحظة؛ فالمرأة لا تنسى أموراً هكذا!! وهذا ما حدث مع روائي روسي كبير في قامة ليون تولستوي، والذي اعترف ذات يوم قائلاً “كانت تلك الذكريات أشبه بفتيلة وضعتُها بنفسي في ثنايا حياتنا الزوجية، فقد اشتعلت غيرة زوجتي من دون مبرِّر، وبدرجة أحالت حياتنا الحلوة الصافية إلى جحيم متأجج”. ناصحاً “على الزوجة ألا تنبش في ماضي زوجها خصوصاً فيما يتعلق بالنواحي العاطفية، لأنَّ الجهل بتلك الأمور أفضل من العلم بها. وعليها أن تحاول معرفة ما يرغب فيه زوجها أو ما يجذبه في المرأة، وعندما تسأله عن ذلك فلتسأل عن الأفعال والصفات، لا عن فاعليها أو حامليها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©