الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوسف الهرمودي مصور يقدم إبداعاته على هيئة لوحات تشكيلية

يوسف الهرمودي مصور يقدم إبداعاته على هيئة لوحات تشكيلية
13 مايو 2012
يوسف الهرمودي مواطن عشق التصوير الفوتوغرافي وعمره لا يتجاوز 12 سنةً، واحترفه عند بلوغه 19 سنةً. نظم مجموعةً من المعارض الشخصية مثل «الطواف» و«وجوه» و«سكة». لكل معرض سمته وثيمته، لكن ما يجمع معارضه هو عشق البيداء والاعتزاز بتراث الأجداد. ويتميز الهرمودي بعرض أعماله مطبوعةً على لوحات يُخيل لك عند رؤيتها أنها مرسومة بفرشاة، لكنها في الواقع مأخوذة بعدسة مصور فنان. قواعد التصوير يقضي الهرمودي في تجميع مواد كل معرض ما بين 6 أشهر إلى سنتين وأحياناً ثلاث. وهو يستعد حالياً لإطلاق معرض جديد يمزج فيها تجارب تصويرية مختلفة ومتنوعة. ويعتبر الهرمودي تطور التقنيات الرقمية في التصوير تحدياً لقدرة المصور المحترف على تقديم صورة ذات جودة أفضل، لكن دون تدخل سافر في الصورة أو تعريض عناصر وحدتها للتشويه والمسخ. ويتميز الهرمودي بعرض أعماله مطبوعةً على لوحات يُخيل لك عند رؤيتها أنها مرسومة بفرشاة، لكنها في الواقع مأخوذة بعدسة مصور فنان. رحلة الهرمودي بدأت بتعلم قواعد التصوير من المجلات المتخصصة في فترة اليفاعة وتطبيقها، فكسر هذه القواعد عند الرشد مع تكوين أرشيف كامل، ثم تجميع الصور واتخاذ قرار الانطلاق بمعارض والتسويق الذاتي لها. بنبرة هادئة وتحديق في أفق كل لوحة من لوحاته، يقول الهرمودي، المعروف في المنتديات الاجتماعية ومدونات التصوير بيوسف بن أمين، إن حبه للتصوير كان من بين الأسباب التي جعلته يختار التخصص في الإعلام. ويعتقد أن التصوير الصحفي هو أصعب أنواع التصوير وأخطره. فكل لقطة يؤمل منها أن تحوي الكثير من العبارات والدلالات والرسائل. كان الهرمودي في بداياته يراقب المصورين بشغف، تأثر ببعض المصورين العالميين مثل ديفيد هول ومايكل فريدوم وجون ماكولي. تعلم منهم أن يبحث دوماً عن وحدة العناصر في كل صورة يلتقطها، ثم بدأ في تجميع أرشيف خاص به، قبل أن يتخذ قرار إخراج مشاريعه للعلن بدعم وتشجيع من والده أمين الذي يقول إنه كان له الدور الكبير في تشجيعه على احتراف التصوير بعصامية. عشق الصحراء أول معرض لأعمال يوسف كان بعنوان «الطواف»، تغنت فيه عدسته بسحر الصحراء وصمتها الصارخ، وبجمال جُبَيْلاتها المتناثرة هناك وهنالك. يشرح الهرمودي خطته في كل معرض باختيار محور ما والتقاط ما بين 200 إلى 300 صورة خاصة به، ثم غربلة هذه الصور وجعلها 100 فـ50 ثم عشرين في نهاية المطاف. وهو يفعل ذلك حتى يُتحف الجمهور بزبدة إنتاجاته من الصور ويحترم ذوقه المتطلب بطبعه. أما معرضه الثاني، فكان عنوانه «وجوه»، وهو يركز على الوجوه الإماراتية، على كبار السن والكاريزما الحاضرة الغائبة التي يتمتعون بها، يسلط الضوء على تفاصيل تقاطيع وجوههم التي تختزل آلاف المعاني والمشاعر والتجارب الحياتية والخبرات، يُسافر بالمُشاهد إلى سنوات ما قبل قيام الاتحاد، ويروي سير من عاشوا مخاضه، ثم أحوال جيل الدلال ما بعد الاتحاد. ويؤكد أن ما يميز الإماراتيين شيباً وشباباً هو تعلقهم بتراث الأجداد رغم حداثة نمط عيشهم الذي تطغى عليه مظاهر الحضارة المعاصرة المعولمة والمتفاعلة مع كل ما هو جديد. ويعتبر الهرمودي انتعاش مجال التصوير الفوتوغرافي في الإمارات مظهراً صحياً يبشر بخير، ولعل أبرز دليل على ذلك هو وصول بعضهم إلى العالمية مثل المصور المحترف عبدالعزيز بنعلي، الذي حاز المركز الثاني عالمياً في تصوير الطبيعة. لكنه لا يستسيغ مبالغة بعض المصورين الشباب في استخدام تقنيات تجويد الصور الرقمية كالفوتوشوب وغيرها بشكل يطمس إبداعهم الذاتي في كل صورة، لأنهم يكونون بذلك، وفقه، قد انسلخوا من أخلاقيات الإبداع الحقيقي الذي يُفترَض أن يلازم ضمير كل مصور حتى يستطيع الدفاع عن حرية ملكيته لهذه الصورة أو تلك. غياب التمويل لا يخفي الهرمودي تذمره من غياب تمويل مشاريع معارض التصوير الفوتوغرافي للشباب، ويقول إن كل معرض يكلفه نحو عشرة آلاف درهم فقط للطباعة، ويغطيها كاملةً من مدخوله الشخصي. وهو يعطي دورات تدريبية في كلية التقنية العلــيا بالشارقة لطلبة الوسائط المتعددة والتصـوير الفوتوغرافي بشكل عام. كما شارك في مشاريع إنســـانية عبر تقديم دورات تدريبية لذوي الاحتياجات الخاصة كالبكم بالتعاون مع نادي الثقة للمعاقين في الشارقة. يعتمد على نفسه في تسويق أعماله في المراكز التجارية وحتى السفارات. فقد سبق له أن عرض أعمال معرض «وجوه» في السفارة الفرنسية، وكان هدفه آنذاك تعريف الفرنسيين وزوار السفارة الفرنسية بالتراث الإماراتي، وتوصيل رسالة للجميع مفادها «نحن لدينا رؤية خاصة في التصوير ولنا ما نقدمه ونضيفه». ويخطط الهرمودي حالياً لتنظيم معارض على نطاق أوسع وتناول تيمات جديدة، واضعاً أوروبا نصب عينيه كوجهة مستقبلية. ويختم بالقول إنه لا يقتصر في التسويق لأعماله على المعارض، وإنما يستخدم المنتديات الاجتماعية، ويحاول تعزيز وجوده وحضوره في المواقع العالمية الجادة المتخصصة في التصوير الفوتوغرافي حتى يواصل تطوير مهاراته، ويصل إلى العالمية هدفه المنشود. «موناليزا» صانع السلال من الصور التي يعتز بها يوسف الهرمودي صورة صانع السلال، وهي لقطة أُخذت لمسن بحريني أعمى ظل متشبثاً بممارسة مهنة صناعة السلال حتى بعد أن فقد حبيبته وانفض عنه أبناؤه، ولم يتخل عنها رغم ما ذاقه من قسوة الحياة ووحدتها. يقول الهرمودي إنه سمع بهذا الرجل المسن عندما كان يحضر لمعرض «وجوه» سنة 2008، وقرر الذهاب إليه حيث يسكن، وظل يبحث عن مكانه خمسة أيام إلى أن وجد القرية النائية التي يعيش فيها. استأذن الهرمودي المسن بتصويره فأذن له بإيماءة حزينة برأسه ودون أن يهمس بأي كلمة. حاول الهرمودي أثناء التصوير وبعده استدراجه للكلام وتبادل أطراف الحديث، لكنه فشل، فقد كان صمته شبيهاً بصمت القبور. وبعد أن تملك الهرمودي اليأس وأيقن بصوم الشيخ عن الكلام وهم بالرحيل، قطع صانع السلال ذلك الصمت وأجهش ببكاء مر عرف الهرمودي بعده أن عينا الشيخ ذرفتا ذلك الدمع لفرط المعاناة من الهجر وضيق ذات اليد والضيم المغلف بسكون سرمدي مهجور. يقول الهرمودي إن هذا المشهد كان بحد ذاته صورة ولوحةً تحتاج إلى توثيق وتأريخ وسرد للأجيال المتعاقبة، فقرر أن يُقصي باقي الصور التي كان قد خطط لتقديمها بمعرض «وجوه» وأفرد المعرض لصانع السلال البحريني عبر أربع صور تروي بقسمات الوجه فقط فصولاً من معاناة شيخ وحيد. وما زالت لصور هذا الشيخ مكانة خاصة لديه. ويقول إن رمزيتها لديه لا تقل عن لوحة الموناليزا.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©