الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما من اللوا

13 نوفمبر 2008 03:57
يوم الخميس الماضي أعلنت حكومة الجنوب عطلة رسميه احتفاءً بفوز السيناتور باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة، الذي اعتبر انتصاراً تاريخياً يمثل لحظة مصالحة إنسانيه نادرة أتت والسودان أحوج ما يكون للمصالحة مع الذات والعبور إلى الضفة الأخرى من ضفاف المواطنة المتساوية· وفي رساله خطية للرئيس الأميركي المنتخب، أعرب رئيس الحركه الشعبية - النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق سلفاكير عن سعادته وشعب السودان بهذا الحدث التاريخي العميق المدلول واستعداده للتعاون معه لمصلحة وخير البلدين· وتجرى الآن الاستعدادات لتحضير ''احتفال جماهيري '' كبير بحقوق المواطنة المتساوية واحترام التنوع والتعدد، سيقام بالخرطوم لإرسال رسالة محبة لشعب الولايات المتحدة وتهنئته باختيار المرشح ''الديمقراطي'' باراك أوباما باعتباره ينحدر من شعب (اللوا) الذي يتكون من إحدى قبائل الجنوب القاطنة في السودان وشرق أفريقيا ويتحدث لغة واحدة· وفي بيان صادر عن ''الحركه الشعبية لتحرير السودان'' وقعه ياسر عرمان نائب أمينها العام، نجد إشارة إلى (أن السودان يجب أن يحتفي بالاختيار باعتباره في لحظة تاريخية دقيقة من عمرها وتاريخها، يعود إلى سبعة آلاف عام من التنوع التاريخي الهائل وكم هائل من التنوع المعاصر وثقافات وأديان وريف وحضر ومهمشين )· وبمتابعة ما نشر وأذيع من أحاديث وتعليقات في السودان حول فوز المواطن الأميركي المنحدر من جذور أفريقية يرى المرء موقفين يعبران عن ''تعدد الرؤى '' السياسية والفكرية السودانية حول هذه الخطوة التاريخية النادرة التي تمثلت في صعود أوباما إلى سدة الرئاسة الأميركية··· وفي جانب هذا الفرح وهذه السعادة الغامرة التي مثلتها الحركة الشعبية وكثير من المعلقين السياسيين، هناك رؤية لا تخلو من عاطفة قد يتجاوز الناس الحقيقة الموضوعية القاسية التي شكلت وستشكل - إلى أمد قد يطول - سياسات الولايات المتحدة وعلاقاتها الخارجية بالسودان وغيره من بلدان العالم، وهي حقيقة نابعة من ''رؤية قومية أميركية '' لا يختلف ''الديمقراطيون'' و''الجمهوريون'' فى مضمونها رغم تباين الوسائل· وهى رؤيه تُعلي المصالح الوطنية الأميركية على كل ما يُقال عن المصالح الإنسانية، وهي مصالح قد يتوجه لتحقيقها رئيس أميركي وهو يلبس قفازا من حرير ناعم، وربما يسعى رئيس آخر لتحقيقها بقفاز من حديد صلب· فالملف السوداني (الذي افتتح في مطالع الخمسينيات على يد أول ضابط اتصال أميركي وخط الأسطر الأولى فيه ضابط مخابرات أميركي وتراكم على مر العهود على أيدي ''الخبراء الاستشاريين''، حافل بالكثير من الأخطاء التاريخية السياسية والجغرافية· وهناك من يرى أن الرئيس الأميركي المنتخب المنحدر من أبناء شعب ''اللوا'' الذين يقطنون ضفاف النيل والراغب عن صدق فى التغيير، لن يستطيع أن يحدث التغيير الذي يطمح فيه المتفائلون بالعلاقات الأميركية- السودانية، لأنه هو مجرد ترس داخل ماكينة كبيرة هي التي تصنع القرار والسياسة في واشنطن· وصحيح أن ''الحركة الشعبية'' استطاعت وبجهد كبير أن تؤسس لنفسها وللسودان الجديد قاعدة من المتعاطفين منذ منتصف ولاية الرئيس كلينتون وتابعه فى عهد الرئيس بوش، مما أسفر عن مشروع سلام السودان الشامل الذي ينسب إلى الرئيس جورج بوش وإدارته وبعض النواب ''الجمهوريين'' ··· لكن ''الأمل والتغيير''، الذي رفع راياته هذا الفتى المنحدر من شعب (اللوا) عندما يُترجم سودانياً يبدو غاية المنال··· ومع هذا ثمة ''أمل''في أن توظف الحركة الشعبية علاقاتها وتفاؤلها لمصلحة وخير الشعبيين السوداني والأميركي لتحقيق ''التغيير''، الذي يريده الشعب السوداني··· وأن تتمكن بالحوار الإيجابي مع الأطراف المسؤولة عن الملف السوداني في الإداره الأميركية ''الديمقراطية'' الجديدة من تأسيس فهم مشترك يبلور رؤية قومية للمصالح السودانية الشاملة· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©