الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطفل في حاجة إلى أب «صديق وحازم»

الطفل في حاجة إلى أب «صديق وحازم»
22 يونيو 2018 01:11
خورشيد حرفوش (القاهرة) يكاد يتفق خبراء التربية بأن خير توصيف نفسي واجتماعي لطبيعة العلاقة المثالية التي يجب أن تربط الأب وأبناءه، هي علاقة الود والصداقة المبطنة بالحب والحزم معاً. فليس هناك من تأثير مباشر على بلورة اتجاهات الطفل ونمو شخصيته في مسارها السليم، أقوى من تأثير شخصية الأب، وطريقة تفاعله وتعاطيه مع أبنائه ذكوراً وإناثاً. وبالرغم من تعدد مصادر التنشئة الاجتماعية، وتراجع دور الأسرة نسبياً في ظل المتغيرات العصرية ووسائل الاتصال، يبقى تأثير الأب، والرعاية الوالدية في مقدمة المكونات التي تشكل عجينة الطفل في مراحل نموه الأولى. ويظل الأب النموذج، أهم المؤثرات في تلك المكونات الموروثة والمكتسبة. علاقات متبادلة الاستشارية النفسية الدكتورة إشراق المنوفي، توضح أن العلاقة المتبادلة بين الأبناء والآباء تخضع لكيمياء خاصة جداً لكل حالة على حدة، ولا يجوز فيها التعميم والتشابه ولا التكرار. فكل طفل يرتبط بأمه أو أبيه بنوع خاص للغاية من العلاقة وطبيعة التفاعل المشترك. حتى بين أفراد الأسرة الواحدة. لكن كي تكون هذه العلاقة على قدر كبير من الإيجابية، فالأطفال «إناثاً أوذكوراً» على السواء بحاجة ماسة إلى أن يتاح لهم المزيد من الفرص كي يكونوا قريبين من آبائهم. غير أنه من سوء الحظ أن الأب عادة ما يعود في أغلب الأحيان إلى البيت وهو يشعر أنه فقط يحتاج إلى الراحة. أو ينشغل في معظم وقته إن تواجد بأمور عديدة أخرى، ولا يدرك مدى قيمة رفقته مع أطفاله، ومدى حاجتهم النفسية إليه. حاجات نفسية وتؤكد الدكتورة المنوفي أهمية التفاعل التلقائي اليومي بين الوالدين والأبناء مهما كانت مشاغلهما في الحياة. فلا شيء يعوض الطفل عن قرب أبيه منه. هذا الاقتراب بمعناه النفسي والمعنوي يمثل أهم احتياجات الطفل النفسية. بل وأهم المؤثرات في تكوين وبلورة اتجاهاته كشاب ورجل في المستقبل. فمن الأفضل مثلاً أن يمضي الأب مع أبنائه وقتاً يومياً - مهما كان قصيراً - مليئاً بالمتعة والبهجة، ولا غبار أن يقول لهم بعدها أنه مضطر أن ينشغل عنهم، هذا سيكون أفضل بكثير من الذي يقضي وقته معهم فقط على مائدة الطعام، ثم يمضي اليوم كله معهم في حديث حانق ومنحرف المزاج. ولا يجيد سوى لغة الأوامر والتخويف والمحاسبة والعقاب. ففي بعض الأحيان يتطلع الأب بلهفة شديدة أن يرى ابنه يتصدر مرتبة التفوق والكمال مثلاً، لكن هذه اللهفة كثيراً ما تقف عقبة في وجه انسجامهما واستمتاعهما بالوقت الذي يمضيانه معاً. فالأب المتلهف كي يجعل من ابنه شاباً رياضياً قد يصحبه معه وهو بعد في سن مبكرة لتدريبه على إحدى الألعاب الرياضية، ومن الطبيعي أن يرافق اللعب دائماً أخطاء. فإذا كان الأب دائم الانتقاد لابنه كلما أدى حركة من حركات اللعبة حتى ولو انتقده بطريقة ودية، فإن الابن يشعر في قرارة نفسة بعدم الارتياح. فاللعبة التي يمارسها لم تعد جميلة ولا مسلية. إن موقف الأب هنا يجعل الطفل يشعر بأنه فاشل في نظر أبيه، بل وفى نظر نفسه أيضاً. يشير الكاتب والخبير التربوي كامل رحومة، إلى أن الطفل لا ينضج روحياً أونفسياً، وتكتمل رجولته لمجرد أنه ولد ذكر، فالشيء الذي يجعله يشعر أنه رجل، ويتصرف كرجل، هو أن يكون قادراً على أن يتشبه بالرجال. وأهم نموج يتمثل أمامه هو الأب، والفتيان الكبار الذين يكن لهم شعوراً ودياً وإيجابياً، فهو لا يستطيع أن يتشبه بإنسان ما إذا لم يشعر أن هذا الإنسان يحبه ويثق به، وأنه راض عنه. فإذا كان أبوه حاد المزاج والطبع، وفاقداً للصبر معه دائماً، ولا يعرف غير لغة النقد والزجر والتوبيخ والانتقاص، فلا عجب في أن يهيمن علي الطفل شعور بالانزعاج والعجز. ليس عندما يكون قريباً من أبيه وحسب، بل كذلك حينما يكون قريباً من الرجال والأقران الآخرين أيضاً. وفى هذه الحالة نجده يتقرب إلى أمه - في اتجاه بديل - ليكتسب ويقتبس منها طباعها وملامح سلوكها وميولها. وقد يؤدي ذلك إلى انحراف كامل في توجهاته. كسب الثقة يكمل رحومة: الفتاة أيضاً لا تقل أهمية عن الولد الصبي، فهي في حاجة ماسة إلى أب ودود وحازم أيضاً. فمن السهل أن يلاحظ الإنسان أن الصبي بحاجة إلى أب يتشبه به ويقتفي أثره، لكن كثيرين لا يدركون حاجة الفتاة إلى هذا الأب الذي يلعب دوراً مهماً في حياتها، وفي تشكيل شخصيتها وتوجهاتها، وإن كان ذلك على نحو مختلف. فهي وإن كانت قريبة من أمها، ولا تتشبه تماماً بوالدها فإنها تكتسب الثقة في نفسها كفتاه وكامرأة من خلال شعورها بأنها تتمتع برضا أبيها عنها. التشجيع والمودة إن الأب الذي يريد أن يساعد ابنه الصغير لكي يشب رجلاً، ينبغي ألا يتعامل بقسوة أو يسخر منه حين يبكي أو عندما يراه يلعب أحياناً بألعاب شقيقته، بل قد يكرهه على ممارسة ألعاب أو هوايات معينة. على الأب في مثل هذه المواقف أن يقترب من ولده أكثر، وينبغي أن يبدي رضاء - ولو بقدر- عما يفعله الطفل، ويحاول أن يجذبه إليه بالتشجيع والمودة والتسامح، وأن يجعله يشعر دائماً أن والده فخور به، بل ليته يشاركه بعض الأعمال والمسؤوليات البسيطة أحياناً، ويصطحبه معه في الخروج والتنزهات والسفريات من وقت لآخر، ويحاول دائماً أن يكون قريباً منه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©