الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

النفايات.. «ظلمة» تهدد العالم والإنسان.. والحل في «الترشيد» وإعادة التدوير

النفايات.. «ظلمة» تهدد العالم والإنسان.. والحل في «الترشيد» وإعادة التدوير
16 يناير 2014 21:52
تشير تقارير عالمية إلى أن ما يتراوح بين 30% و50% من المواد الغذائية في العالم تذهب إلى مكبات النفايات، وتصل كمياتها إلى نحو ملياري طن، في الوقت الذي تتوقع فيه الأمم المتحدة أن يصل عدد الأشخاص المحتاجين إلى الطعام إلى 3 مليارات نسمة في السنوات القادمة. وفي حين من المتوقع، نمو عدد سكان العالم إلى 9,5 مليار نسمة بحلول 2075، يتم حالياً إهدار نصف الطعام المنتج، ما يحث المهندسين على البحث عن طرق تكفل خفض معدل المخلفات من المزارع إلى المراكز التجارية ومن ثم للمستهلك، وكذلك مواجهة البشر لقضايا مختلفة من اجتماعية واقتصادية وبيئية وسياسية ينبغي التصدي لها اليوم لتوفير مستقبل مستدام للجميع، فيما تتزايد حاجة العالم للاتجاه نحو إعادة تدوير النفايات للحد من انعكاساتها السلبية على العالم. وتؤكد التقارير الواردة من المنظمات العالمية ومعاهد البحوث، أن هناك مجموعة من الأسباب وراء ذلك، من بينها صرامة التشديد على تواريخ الانتهاء وعمليات الترويج وطلب المستهلك الغربي للسلع الغذائية عالية الجودة، وضعف الممارسات الهندسية والزراعية، بجانب البنية التحتية غير الملائمة و سوء المرافق وعمليات التخزين. وعلى الجانب الآخر، صدرت دراسة جديدة أعدتها مبادرة حل مشكلة النفايات الإلكترونية التابعة للأمم المتحدة، تؤكد الارتفاع السريع في حجم النفايات الإلكترونية التي تشمل كل شيء من البطارية إلى سلك الكهرباء، والتي جاء ما يقارب نصفها في السنة الماضية من الصين وأميركا. وفي يناير من العام الماضي، تم إطلاق مبادرة “وورلد كلين أب” في عاصمة ستونيا تالين بمشاركة 83 دولة في أكبر تظاهرة طوعية لجمع النفايات في العالم، وهدفت المبادرة لحشد نحو 300 مليون فرد لجمع 100 مليون طن من النفايات خلال ستة أشهر، وانتشرت هذه المبادرة في عدد من دول العالم من بينها ليتوانيا ولاتفيا وروسيا وكذلك ميدان التحرير في مصر إبان أيام الثورة. ومن القضايا الأساسية، كيفية إنتاج طعام كاف في ظل موارد غير كافية، ويقدر إنتاج العالم الحالي من المواد الغذائية، بنحو أربعة مليارات طن سنوياً، يذهب ما يقارب نصفها للنفايات، علاوة على ذلك لا يعكس هذا الرقم حقيقة أن أجزاء كبيرة من الأراضي والطاقة والأسمدة والمياه، يتم فقدانها في مسيرة إنتاج هذه المواد الغذائية المهدرة، وينبغي عدم استمرار مأساة المخلفات، إذا أراد العالم توفير طعام يكفي لاحتياجاته. منتجات زراعية مفقودة وفي دول جنوب شرق آسيا على سبيل المثال، تتراوح كميات القمح المفقودة بين المزرعة وطاولة الطعام بين 37 إلى 80% من إجمالي المنتج اعتماداً على مرحلة التطوير، ما يضيف للمجموع الكلي للنفايات التي تخلفها المنطقة عند 180 مليون طن سنوياً، وتقدر النسبة في الصين التي تشهد عملية نمو سريعة 45%، بينما تناهز 80% في فيتنام الأقل تطوراً. أما في الدول المتقدمة مثل المملكة المتحدة، تسهم عمليات الزراعة ذات الكفاءة العالية وتحسن سبل المواصلات ومرافق التخزين والمعالجة، في إيصال قدر كبير من المواد الغذائية المنتجة إلى الأسواق والمستهلك. لكن بعض الصفات المرتبطة بطبيعة المستهلك المعاصر، تسهم في إهدار المواد المنتجة من خلال عمليات تجارة التجزئة وسلوك العملاء، ونتيجة لرفض المراكز التجارية لبعض المنتجات لشكلها أو حجمها، تتعرض 30% من المحاصيل في المملكة المتحدة للرمي أو عدم الحصاد، ويقدر نصيب تجارة التجزئة من النفايات حول العالم، بنحو 1,6 مليون طن من المواد الغذائية سنوياً. ويتطلب التصدي لمشكلة النفايات عدداً من العوامل مثل الاستغلال الفعال للأراضي، ويكمن أحد التحديات في تربية المواشي التي تتطلب مساحة أكبر من الأراضي، علماً بأنه وفي حين ينتج الهكتار محصول أرز أو بطاطس يكفي ما بين 19 و 22 شخص سنوياً، تنتج نفس المساحة من الماشية أو الأغنام ما يكفي لشخص واحد أو اثنين فقط، ونسبة إلى أن 40% من ناتج المواد الغذائية في العالم يتم الحصول عليها من الأراضي المروية، يعني ذلك الحاجة في المستقبل للمزيد من التقنيات الخاصة باستخدامات الماء وطرق إدارتها وتدويرها وتنقيتها، بغرض تقليل النفايات. وفي ما يتعلق بدور الطاقة في النفايات، تعتبر الطاقة ضرورية في دورة إنتاج المواد الغذائية، حيث تشير التقديرات لاستهلاك بين 7 و 10 سعرات حرارية لإنتاج سعر حراري واحد من الطعام، ويختلف ذلك حسب اختلاف المادة الغذائية، حيث تتطلب المحاصيل الزراعية 3 سعرات، بينما تستهلك لحوم البقر 35 سعرا حراريا، وحيث إن معظم هذه الطاقة يتم توليدها من الوقود الأحفوري، فإن إهدار الطعام يساهم في الاحتباس الحراري وفي عدم كفاءة استغلال الموارد. ويتم إهدار نحو 550 مليار متر مكعب من الماء سنوياً حول العالم لإنتاج محاصيل لا تجد طريقها للمستهلك أبداً، بينما من المتوقع أن يبلغ استهلاك قطاع إنتاج المواد الغذائية بين 10 و 13 مليار متر مكعب سنوياً بحلول 2050، ويسعى الخبراء إلى توفير ما بين 60 و 100% من المواد الغذائية من خلال التصدي لعمليات فقدان المياه والحد من المخلفات، في ذات الوقت الذي يتم فيه تحرير الأراضي الزراعية والطاقة وموارد المياه. كما يترتب على الحكومات ووكالات التنمية والمنظمات مثل الأمم المتحدة، العمل معاً للمساعدة في تغيير مفاهيم الناس حول النفايات وحث المزارعين ومنتجي المواد الغذائية والمراكز التجارية والمستهلكين، على التخلي عن الممارسات التي تقود لهذه المخلفات. نفايات إلكترونية وعلى جانب المخلفات الإلكترونية، فإن حجمها يفوق المقدرة على جمعها وتدويرها، ومن المتوقع بحلول 2020، أن يبلغ حجم النفايات الإلكترونية التي يخلفها الأوروبيون نحو 12 مليون طن سنوياً، وينتهي مصير العديد من هذه الأجهزة إلى المكبات أو المحارق، حيث تتعرض المياه الجوفية والمناخ لمواد شديدة الخطورة، والأسوأ من ذلك، تهريب بعض هذه الأجهزة التي انتهت صلاحيتها للدول الفقيرة، حيث يقوم الأطفال بتمزيق بعضها بأيديهم للحصول على ما يمكن بيعه منها، وفي تقرير نشرته الأمم المتحدة، من المتوقع ارتفاع حجم النفايات الإلكترونية العالمية بنسبة قدرها 33% سنوياً بحلول 2017. وبالإضافة إلى المخاطر البيئية والصحية، تواجه أوروبا نقصاً حاداً في المعادن النادرة المطلوبة لصناعة هذه الأجهزة مثل، الكوبالت والزئبق والرصاص. ومع أن قادة الدول الأوروبية يولون اهتماماً كبيراً لجمع هذا النوع من النفايات وتدويرها، حيث تم سن القوانين الخاصة بها منذ 2004، إلا أنها تعتبر غير فعالة ومثيرة للخلط وتخضع الآن لإعادة صياغتها. وصوَّت البرلمان الأوروبي في 2011 لصالح زيادة كمية النفايات الإلكترونية، لكن على الدول الأعضاء جمعها بطرق آمنة. كما ينبغي تصدير الأجهزة القابلة للتدوير فقط لتعود فوائد التدوير للمنتجين وتجار التجزئة. واشتكت الدول الأعضاء من الأعباء المالية المترتبة على هذه العمليات، حيث أبدى تجار التجزئة تخوفهم من طمر الأجهزة المنزلية غير المرغوب فيها، بينما حذر رجال الأعمال من تحويل التكلفة للمستهلك الذي لا يستحسن الفوائد البيئية التي لا يجني ثمارها أبداً، ومن بين الحلول الأخرى، تصميم منتجات صديقة للبيئة، خاصة أن جزء كبير من الأجهزة مكونة من مواد مختلفة يصعب فصلها ومن ثم تدويرها، وكذلك يمكن منع المنتجين من تعمد صناعة أجهزة إلكترونية لا يمكن إعادة استخدامها أو فصل أجزائها، إضافة إلى تشجيع شركات التصنيع على استشارة خبراء التدوير، حول صناعة منتجات يمكن الاستفادة منها بعد انقضاء عمرها الافتراضي. وتختلف نسبة مخلفات الفرد الإلكترونية حول العالم بشكل كبير، حيث تقدر في الصين بنحو 5,4 كيلو جرام للفرد، ومع تصدر أميركا لقائمة الدول الغنية عند 9,4 مليون طن في 2012، إلا أن دول مثل سنغافورة وسويسرا وهونج كونج ولكسمبورج، تتفوق عليها. وتختلف كذلك، فعالية برامج النفايات الإلكترونية التي طرحتها مبادرة حل مشكلة النفايات الإلكترونية التابعة للأمم المتحدة، بين بلد وأخر. وجاء في بيان أصدره روديجير كوهير السكرتير العام للمبادرة: “رغم المعلومات المتوفرة حول الآثار الصحية والبيئية السالبة الناتجة عن الطرق الخاطئة لطمر النفايات الإلكترونية، فإن عدم توفر البيانات يصعب تحديد حجم المشكلة. ومن المؤكد أن قاعدة البيانات التي يتم تحديثها باستمرار التي تعكس حجم هذه النفايات لكل بلد على حدة بجانب السياقات القانونية، ستساعد كثيراً في الوصول إلى مستوى وعي وسن قوانين أفضل على المستويين العام والخاص”. مصير الإلكترونيات ووجدت دراسة حديثة، أن ثلثي الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في أميركا خلال 2010 تم جمعها، ولم يتم تصدير سوى 8,5% منها للخارج، في حين دخلت نحو 10 مليون طن من الأجهزة الإلكترونية للسوق الأميركية في 2012، وتختلف وجهات النفايات الإلكترونية، حسب اختلاف حجمها، حيث عادة ما ينتهي المطاف بالأجهزة الكبيرة مثل التلفزيونات وشاشات الكمبيوترات، في دول مثل المكسيك وفنزويلا والبرجواي، بينما تحل الهواتف المحمولة في ضيافة الدول الآسيوية أو أميركا اللاتينية، وعموماً، تعتبر دول أميركا اللاتينية والكاريبي، الوجهة الأكثر استقبالاً للنفايات القادمة من أميركا الشمالية، تحل بعدها دول آسيا وأخيراً أفريقيا. وساعدت الدراسات، في إعداد صورة واضحة حول مصير النفايات الإلكترونية العالمية، لكن من الممكن فعل المزيد، ويقول جو كلارك، مؤسس مختبر أنظمة المواد في ماسيشوتس الأميركية: “ليس في مقدورنا التحكم في تدفق عملية النفايات بين الدول لما تتسم به من تعقيد، حتى نملك فهماً أفضل لكمياتها ووجهاتها”، ويقترح الباحثون وضع رموز تجارية على المنتجات الإلكترونية، لتسهيل عميلة رصد حركتها والوصول للبيانات الخاصة بحجم إعادة تصديرها. نقلاً عن: ذي إيكونوميست والجارديان وعالم إدارة النفايات وإي إي إي سبيكتريم ترجمة: حسونة الطيب ترف الشعوب وإهدار الثروات الغذائية يسهم تشجيع المراكز التجارية للعملاء عبر عروض التخفيض، في شراء كميات فائضة من هذه المواد التي يكون مصيرها في نهاية المطاف، مكبات النفايات بنسب تتراوح بين 30 و 50% في الدول المتقدمة، وعادة ما تكون السيطرة وتقليل نسبة النفايات، خارج مقدرة المزارع أو الموزع والمستهلك، طالما أنها تعتمد على عوامل مثل فلسفة السوق وتأمين الطاقة وجودة الطرق وتوفير مراكز المواصلات، وفي حين من المتوقع أن تصبح الشعوب أكثر ترفاً خلال العقود المقبلة، يرتفع معدل استهلاك الفرد من السعرات الحرارية بنحو 40% بحلول منتصف القرن الحالي. أوزان النفايات الإلكترونية بالعالم تعادل 10 أضعاف «أهرامات الجيزة» ولا تبدو في الأفق بوادر تشير لبطء سرعة نمو هذه النفايات، مع أن معدلات الإنتاج آخذة في التراجع، وحتى أجهزة التلفزيونات التي تعودت الأسر على الاحتفاظ بها لفترات طويلة في السابق، لم تعد تتميز بعمر افتراضي طويل، وأصبحت تشكل عبئاً إضافيا للنفايات، وتعني المنتجات الجديدة من الأجهزة الإلكترونية التي تغزو الأسواق باستمرار، بجانب دورة التجديد الدائمة والسريعة، المزيد من النفايات الإلكترونية. وحسب التوجهات الحالية، من المتوقع قفز هذه النفايات خلال الأربع سنوات المقبلة بنحو الثلث، أي بوتيرة سنوية قدرها 65,4 مليون طن، ما يساوي وزن أكثر من 10 من أهرامات الجيزة الكبيرة بمصر، وما يزال معدل جمع قدره 66%، يخلف نفايات مكونة من الهواتف المحمولة والكمبيوترات والتلفزيونات والشاشات، تصل إلى 170 مليون طن في أميركا. وفي ما يتعلق بتدوير المعادن النادرة، التي تسيطر الصين على 97% من إنتاجها في العالم وتفرض قيودا صارمة على تصديرها للدول الأخرى، تدخل هذه المعادن في صناعة العديد من الأجهزة الإلكترونية بما فيها الهواتف النقالة، لكن عملية فصل وجمع هذه المعادن بشكل سليم من الأجهزة، لا يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين فحسب، بل أيضاً استخدام بعض الأحماض والمواد الكيماوية الأخرى، وينتج عن ذلك مخلفات من السوائل السامة، التي تقود لقضايا التلوث البيئي وزيادة التكاليف.وتختلف استخدامات هذه المعادن التي تدخل بنحو 20% في صناعة المغنطيسات عالية الأداء المستخدمة في عدد من الأجهزة ومحركات الأقراص الصلبة وتوربينات الرياح، بينما 20% منها للسيارات وعمليات تكرير النفط و18% لصناعة البطاريات و7% للإضاءة، وتتوزع النسبة المتبقية بين طيف واسع من الصناعات من معالجة المياه إلى إنتاج الصواريخ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©