الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«صندوق النقد» أكثر تشدداً تجاه الديون السيادية في أوروبا

«صندوق النقد» أكثر تشدداً تجاه الديون السيادية في أوروبا
16 مايو 2011 21:58
مهما تكن النتائج المترتبة على اتهام دومينيك ستروس كان مدير صندوق النقد الدولي بالاعتداء الجنسي، فإن من المرجح أن يتخذ الصندوق موقفاً أكثر صرامة تجاه مشكلة الدين السيادي في أوروبا، وينأى عنها أكثر في ظل قيادة جديدة. وقد ساعد ستروس كان في تخفيف الانطباع المأخوذ عن الصندوق بالتزامه بالصرامة في الميزانيات وتحرير الأسواق منذ عام 2007، وقاد الصندوق للالتزام بإنقاذ الدول الأوروبية المثقلة بالدين وليس العملاء التقليديين للصندوق. وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يعود الاشتراكي الفرنسي إلى بلاده في يوليو المقبل، سعياً للفوز بترشيح حزبه في الانتخابات الرئاسية التي تجري في العام المقبل، وذلك قبل إلقاء القبض عليه على متن طائرة تابعة لشركة إير فرانس، وتوجيه الاتهام إليه بالاعتداء الجنسي على عاملة بفندق في نيويورك. وقال محاميه إنه سيدفع ببراءته وذكر صندوق النقد الدولي في بيان إنه “يعمل بكامل طاقته”، ولكن من الصعب تصور بقاء ستروس كان في منصبه لفترة طويلة، وهو يدافع عن نفسه في قضية اعتداء جنسي. وربما يكون المدير القادم للصندوق غير أوروبي في ضوء ضغط قوي من دول ناشئة مثل الصين والهند والبرازيل لكي يعكس الصندوق الذي يتخذ من واشنطن مقراً ثقلها الاقتصادي المتنامي وأولوياتها. ويزيد من تعقيد الأمور أن جون ليبسكي نائب ستروس كان الأميركي أعلن يوم الخميس الماضي أنه سيترك الصندوق عند انتهاء فترة خدمته في أغسطس المقبل. ومن ثم تواجه المؤسسة المالية العالمية فراغاً محتملاً في القيادة في وقتٍ حرجٍ. وقال جان بيساني فيري مدير مؤسسة بروجل البحثية الاقتصادية “الاحتمالات تشير إلى أن خليفته لن يكون أوروبيا، وأنه سيرغب في إعادة ترتيب أولويات صندوق النقد بعيداً عن التزامها الضخم في أوروبا”. وتفاوض ستروس كان بشأن زيادة تمثيل الأسواق الناشئة في صندوق النقد، ودعا لتطبيق لوائح مالية أكثر صرامة، وأطلق خطوط ائتمان جديدة لمساعدة الدول، قبل أن تحل بها الأزمات وأقام شراكة غير مسبوقة مع الاتحاد الأوروبي في إطار برامج الإنقاذ بمنطقة اليورو. وحين اندلعت الأزمة المالية العالمية في عامي 2007 - 2008 دعا ستروس كان إلى برامج إنفاق جريئة لتحفيز الاقتصاد، وتفادي كساد كبير آخر، وأعاد صياغة صندوق النقد لكي يصبح مؤسسة لإخماد الحرائق المالية لديها درجة أكبر من الوعي الاجتماعي لتفادي ما اعتبرها أخطاء ارتكبت في أميركا اللاتينية وآسيا خلال الثمانينات والتسعينات. فعلى سبيل المثال، تفاوض مسؤولو صندوق النقد والمفوضية الأوروبية لإعداد برنامج لإنقاذ لاتفيا في عام 2009، وضغط الصندوق من أجل توزيع أكثر عدالة للأعباء الضريبية في دول البلطيق جراء مخاوف من أن تكون ضريبة الدخل الموحدة ظالمة للفقراء. وقال بيساني فيري “كان أكثر مديري الصندوق التزاماً بالوحدة الأوروبية، والأكثر انخراطاً في النقاش الأوروبي، يؤمن بشدة بضرورة اتباع أوروبا منطق الوحدة النقدية وبناء وحدة سياسية”. وحث ستروس كان الاتحاد الأوروبي مراراً على تبني موقف أكثر جرأة وشمولية لمواجهة تحدي الدين، محذراً من أن المنهج التدريجي في إدارة الأزمة غير كافٍ وغير مجدٍ. وفي الأحاديث الخاصة، أوضح مساندته لإصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو، وهو ما تعارضه ألمانيا بشدة، بهدف خفض تكلفة الاقتراض الباهظة التي تتحملها الدول الأضعف في الاتحاد الأوروبي مقابل إصلاحات اقتصادية أقوى تحت إشراف الاتحاد الأوروبي. وتعهد صندوق النقد بتقديم ثلث جميع القروض الطارئة الممنوحة لليونان وأيرلندا والبرتغال، فضلاً عن تقديم تمويل للمجر ولاتفيا ورومانيا الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي وخط ائتمان مساند مرن لبولندا. وخصص الصندوق نحو 100 مليار يورو “142,9 مليار دولار” لهذه البرامج. لكن الخبراء يقولون إن صندوق النقد أذعن للأوروبيين في بعض النقاط الرئيسة لأزمة الدين السيادي بدلاً من الإصرار على وصفاته التقليدية. وتخلى الصندوق عن مطالبة لاتفيا بخفض قيمة عملتها، وكذلك عن المطالبة بمشاركة حملة السندات في البنوك الأيرلندية في تحمل الخسائر الضخمة مع دافعي الضرائب، كما استمر في تأييد صرف قروض لليونان رغم أن أثينا لم تحقق المستويات المستهدفة في الميزانية. وثمة اختبار رئيس في الشهر المقبل، حيث من المقرر أن تحصل اليونان علي الشريحة التالية من المساعدات التي تبلغ قيمتها 12 مليار يورو، وهي ضرورية لسداد ديون بقيمة 13,7 مليار يورو تستحق في يونيو المقبل. واكتشف مفتشو صندوق النقد والاتحاد الأوروبي الموجودون في أثينا حالياً ثغرات جديدة في دفاتر أثينا، حيث أحدث الركود والتهرب الضريبي فجوة كبيرة في الإيرادات من شأنها أن تبعد البلاد أكثر عن المسار المحدد. ومع خروج ستروس كان من الصورة ربما يقل ميل الصندوق لمواصلة صرف أموال لليونان دون تغيير كبير في السياسة التي تنتهجها البلاد. وربما يكون ثمة ميل أكبر أيضاً لتحدي وجهة نظر المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي بشأن استمرار تمتع أثينا بملاءة مالية، وعدم حاجتها لإعادة هيكلة الدين. وقال مسؤول يوناني لـ”رويترز” إن القبض على ستروس كان قد يقود بالتأكيد للتأجيل لبعض الوقت على المدى القصير، ولكن لن يغير سياسة صندوق النقد الدولي تجاه اليونان. وقد يثير ذلك اضطراباً في الأسواق الأوروبية، ويزيد العلاوة المرتفعة على عائدات السندات اليونانية مقارنة بالسندات الألمانية، ويرفع تكلفة شراء الحماية من العجز عن سداد الدين. وستصبح مثل هذه التحركات في السوق أكثر جلاء إذا اتضح أن القرارات الخاصة بالشريحة التالية من القروض المقدمة لليونان ربما تؤجل. وقال ديفيد بويك من بي. جي. سي بارتنرز للسمسرة ومقرها لندن إن القبض على ستروس كان قد يترك أثراً سلبياً على اليورو على المدى القصير ولكنه أضاف أن أنشطة إعادة الهيكلة الاقتصادية التي ينفذها البنك ربما لن تعاق بشكل كبير. وتابع “ربما يهز الأسواق قليلاً وربما ينخفض اليورو سنتاً أو اثنين، ولكن مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي لديها أساس قوي جداً”. وخلال الأزمة، حافظ اليورو على صلابته بفضل التزام البنك المركزي الأوروبي بتشديد السياسة النقدية لمكافحة التضخم.
المصدر: باريس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©