الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشاعرة حليمة مظفر: يحاولون إخراس المثقفين بعدما خرجوا من عزلتهم الإجبارية

الشاعرة حليمة مظفر: يحاولون إخراس المثقفين بعدما خرجوا من عزلتهم الإجبارية
5 فبراير 2009 02:21
لم يكن الشعر خيارها الوحيد· حليمة مظفر الشاعرة والإعلامية السعودية، كتبت للصحافة ولازالت، وشاركت في الكثير من المهرجانات الأدبية والثقافية· تحمل في داخلها هاجساً لوعي جديد ورؤى مختلفة حول الشعر والحياة ومشهدنا الثقافي العربي· في الماجستير كتبت بحثا حول المسرح سيصدر قريبا، ولازالت تكتب عمودا صحفيا اسبوعيا يناقش ويطرح قضايا إنسانية وطارئة وإبداعية·· تتحدث حليمة مظفر في هذا الحوار عن قضايا الشعر والأدب، وما هو خارجهما·· من ذلك في أمسيتها الأخيرة التي كان مفترضا أن تقام لولا ماحدث! ؟ قبل أيام أحرق مجموعة من المتطرفين قاعات وخيام أمسية شعرية، كانت ستقام في نادي الجوف الأدبي، احتجاجا على وجودك كشاعرة ما هو انطباعك عما حدث؟ ؟؟ حقيقة تفاجأت كثيرا بالحدث، فهذه المرة الأولى التي يجرؤ فيها هؤلاء على تخريب مؤسسة ثقافية اعتراضا على اسم ثقافي خاصة وقد اعتدنا على أساليب همجية أخرى لاحتجاجهم، وعند إبلاغي بإلغاء الأمسية وأنا في صالة المسافرين أنتظر إقلاع الطائرة، لم أتوقع أن سبب الإلغاء هو حريق النادي احتجاجا على وجودي كشاعرة، وحين حدثني زميلنا الشاعر عبد العزيز الشريف وتساءلنا عن سبب الإلغاء المفاجئ توقعنا أنه بسبب كوننا شعراء حداثيون، ولكن أن يحرقوا النادي وأن يتلقى رئيس النادي الأدبي إبراهيم الحميد وأعضاء النادي اتصالات متشنجة من بعض المتطرفين في المحافظة ضد مشاركة المرأة في الأمسيات الثقافية ومشاركتي خاصة أمر لم أتوقعه· لكن يظهر أن هؤلاء المتطرفين وصلوا إلى مرحلة الإفلاس فهم غير قادرين على الحوار، ولا يملكون الحجة على تطرفهم الديني ولهذا يلجأون إلى هكذا طرق إجرامية وهمجية لإخراسنا، خاصة وقد عاد المثقفون إلى تواصلهم مع شرائح المجتمع بعد أن عاشوا عزلة إجبارية بسبب سيطرت خطاب واحد وفكر ضيق الأفق على المنابر· ضد مجهول؟ ؟ كيف ترين أن يواجه هذا النوع من العنف وخصوصا أنه يصل إلى واحدة من أهم شرائح المجتمع تلك الشريحة المثقفة والمبدعة؟ ؟؟ لابد من الإمساك بهؤلاء، وهي النتيجة التي نأملها من التحقيقات التي تتم حاليا وننتظر نتائجها، لا أن تخرج التحقيقات ضد مجهول، فهذا مؤشر خطير جدا ينبغي التوقف عنده والحذر منه، إنه عمل تخريبي وإهدار لأموال الدولة وجنائي، وأنت تعرف أن هذه نتيجة متوقعة بعد إهمالنا لما كان يتعرض له بعض المثقفين السعوديين في بعض الأنشطة الثقافية، فعادة تنتهي تلك التهديدات والأفعال الهمجية التي يقوم بها هؤلاء المتشددين بعد انتهاء الأمسية الثقافية، ولا يتعرض أصحابها للمحاسبة والعقاب، ولهذا تجرؤوا الآن، وربما يتجرؤون غدا بشكل شخصي على المثقف ويصادرون حياته بدم بارد· ؟ أنتن جيل من المثقفات الآن في السعودية، وفي زمن تنويري جميل بدأ يشق طريقه إلى مساحات أوسع·· هل يؤدي مثل هذا الحرق ولغة العنف إلى تراجع البعض؟ ؟؟ مؤكد سيؤثر، خاصة أن بعض المثقفات والمبدعات السعوديات مرتبطات بأسرهم التي تمتلك وصاية كبيرة عليهن في ظل مجتمعنا الذي لا يؤمن بأهلية المرأة بشكل كامل، ودعني أخبرك أن كثيرا منهن ما يزلن في خطابهن الفكري ومواقفهن مترددات حين يتناولن قضاياهن، وغير قادرات على الدفاع عن حقهن ورغبتهن في أن تنشر صورة لهن في إحدى الصحف، بسبب اعتراض زوج أو أخ أو أب فما بالك حين يحاول هؤلاء المتطرفون إرهابهن بطرق همجية وتطاولهم العنيف الذي يصل لدرجة القذف والإلقاء التهم الشنيعة بسمعتهن أحيانا؟! جرأة الرأي ؟ أطروحاتك الأخيرة ونقدك لبعض السياقات والخطابات الفكرية عبر مقالاتك ألا يجعل مثل هذا التصرف في توقعك المسبق مبررا؟ ؟؟ ربما تحمل التحقيقات التي تجريها شرطة الجوف نتائج أخرى وأسبابا أخرى لهذا الحريق، ولا يكون اسمي أو مشاركتي سببا له وهذا بالفعل ما أتمناه، ولكن إن كان ما تم تناقله صحيحا وهو اعتراض هؤلاء على مشاركتي في الأمسية فهم اعترضوا عليه ككاتبة أكثر منه كشاعرة بسبب قلة ما أنشره من نصوص شعرية لمنع الرقيب لها· وما أثار استغرابي أنه قد أقيمت قبل هذه الأمسية أمسيات ثقافية شاركت فيها بعض المثقفات عبر الصالة النسائية، وبالتالي لم تكن مشاركتي هي الحضور الأول للمرأة في نادي الجوف الأدبي· وأنت تعرف أني صريحة جدا في مقالاتي بجريدة ''الوطن''، وربما بعضهم يجدها جريئة بالنسبة لأطروحات امرأة رغم أني لا أراها كذلك· فأن تطالب امرأة بمقاضاة ومحاسبة رجال الهيئة الذين صادروا أرواحا نتيجة أخطاء ارتكبوها مما تناقلته الصحف لدينا أمر غير مقبول، أو أن تطالب بإعادة قراءة النص الديني لإعادة النظر في أحكامنا القضائية التعزيرية وقضايانا الفقهية وشؤون حياة المرأة المدينة أمر مرفوض، باعتباري امرأة والمرأة ناقصة عقل ودين لدى هؤلاء، أو أن أطالب بتدريس الموسيقى بمدارسنا في زمن أصبح الفن لغة من لغات الحياة الإنسانية أمر مرفوض بسبب توتر علاقتنا بالفنون بشكلها العام· مثل هذه الأطروحات تتجاوز مواقفهم المعلبة والتي تم تدجينهم عليها منذ أكثر من ثلاثين سنة مضت، وربما كان ذلك سببا من أسباب اعتراضهم على مشاركتي· ؟ أنت إعلامية بارزة الآن وعملت في الصحافة وفي تقديم بعض البرامج التلفزيونية، هل ترين أن ذلك وجه آخر للشاعرة؟ ألا تخشى الشاعرة فيك أن يأخذها الإعلام بعيدا عن وهج الشعر؟ ؟؟ صحيح أن الصحافة تأخذ من وقتي 90 % فيما يحتل الشعر أقل القليل، وهذا ما يبرر قلة ما أكتبه في الشعر· وحقيقة الصحافة والعمل التلفزيوني تعلمت منه الكثير عن الحياة، فالصحافة مدرسة كبيرة جدا حين تتناول تلك القضايا الاجتماعية والإنسانية التي تقبع في الظلام وتتغذى عليه، وأنا لم أعتبر الصحافة يوما كمهنة بقدر ما وجدتها سببا للتعلم، وهذا أعطاني الكثير من التجارب التي تعايشت معها إنسانيا وتعلمت في 11 سنة صحافة ما كنت سأحصل عليه في اثني وعشرين سنة من حياتي بعيدا عنها، وهو ما تغذت عليه الشاعرة داخلي ونجحت فيه، فالشاعر يحتاج إلى ذلك الكم الهائل من التجارب والاحتكاك الإنساني كي تنضج تجربته الفنية والشعورية والفكرية· بلا ورود ؟ جيلكم الشعري جيل وصفه الناقد المتابع بجيل أكثر وعي مما قبله، خصوصا في تفهمه لواقعه وفي مضامينه البعيدة عن العائم مثلا·· كيف ترين مستقبل الشعر وكيف ترين الشاعرة السعودية في كل هذا؟ ؟؟ جيلنا من أكثر الأجيال الشعرية تعبا، فالشاعرات الأوائل وجدن الطريق ممهدا لهن ومليء بالورود، في ظل خلو الساحة الثقافية من أسماء نسائية واعتبار اسم المرأة في ذلك الوقت عورة فكان الاحتفاء حليفهم بتجربتهم مهما كان مستوى ما تقدمه، وفي ظل نمو النقد والنقاد وبحثهم عن تجارب تتغذى عليها نظرياتهم الحداثية وغير الحداثية، أما جيلنا الشعري فطريقه صعب جدا، في ظل انشغال النقاد بأسماء قديمة وقفوا عندها ولم يتجاوزوها قراءة، وفي ظل كثرة المتشاعرات وفي ظل طغيان الرواية وكاتباتها، ولهذا فإن الشاعرة السعودية الآن تتعب كثيرا حتى تصل بتجربتها لتلك المرحلة التي يمكن فيها الاعتراف بها كمبدعة· ؟ تطرحين في مقالاتك مواضيع حول قضايا حقوق الإنسان، وبلغة المحامية تدافعين عن قضايا اجتماعية شائكة في حوار مع الفكري والآيديولوجي واليومي العابر، كيف رأيت قبول القارئ لحليمة مظفر وهي التي تلامس شؤونهم وقضاياهم بقلم جريء وواثق؟ ؟؟ على مستوى القارئ العادي، فمما يصلني عبر بريدي الالكتروني وما أجده من تعليقات وما تبلغني به الجريدة مما حذفته منها كونها تسيء لشخصي ولا تتسم بأخلاقيات الرأي المخالف، أرى أنه ما تزال شريحة كبيرة من القراء في مجتمعنا غير واعية لبعض الحقائق في خطابنا الفكري والديني والحضاري ممن تم تدجينهم على خطاب أيديولوجي واحد خلال سنوات طويلة، وهم لا يحيدون عنه ولا يريدون أن يتعبوا أنفسهم في البحث عن تفاصيل مسائل خلافية، ولهذا بالطبع ستجد الرفض، وأحيانا الشتم وهذا لا يعني أن الرفض فقط ما تواجهه أطروحاتي ومقالاتي، على العكس فهناك من هو متفق معي ويشعرني بالقبول ويحضني على الاستمرارية من القراء الذين يتواصلون معي، ناهيك عن النخب الفكرية والثقافية التي أحظى بشرف قراءتها ومتابعتها ودعمها· ؟ اشتغلت في أطروحة الماجستير بالمسرح السعودي نقدا والتي نوقشت كأول رسالة على مستوى الجامعات السعودية تعتني بالمسرح السعودي، وقريبا سيصدر لك كتابك الأول المعنون بـ''المسرح السعودي بين البناء والتوجس'' فلماذا النقد المسرحي رغم أنك شاعرة؟ ؟؟ لأنني مؤمنة جدا بالمسرح كمنقذ فكري كما فعل يوما في أوروبا وساهم في تنمية وعي المجتمع الأوروبي حين أدرك الفلاسفة أنه أداة إصلاح وتطوير وحوار خاصة أننا مجتمع نام، ونحن بحاجة إليه خاصة الآن كوننا ننشد الإصلاح الفكري وتقبل المختلف ونبحث عن أداة للحوار، والمسرح يوفر ذلك في مجتمعنا الذي ما يزال حتى الآن يمانع بناء دور مسرحية ويمارس النشاط المسرحي على استحياء· وسبب آخر جعلني أبتعد عن الاشتغال النقدي في الشعر، هو إيماني بتجربتي الشعرية التي لا أريد أن يطغى فيها دور الناقدة على المبدعة داخلي والتي قد تتدخل فيما بعد بلغة المبدعة وتفسدها، فأنا لا أكتب المسرح نصا، ولهذا لن يؤثر على اعتباري ناقدة في مجاله·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©