الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا وفرنسا... خلافات حول «التقشف»

ألمانيا وفرنسا... خلافات حول «التقشف»
13 مايو 2012
هنري تشو - لندن آرون فينر - برلين كيم ويلشر - باريس كان الأنصار المبتهجون مازالوا في الخارج يحتفلون بانتخاب فرانسوا هولاند كرئيس لفرنسا عندما بدأت أول الشقوق تظهر في المحرك الفرنسي- الألماني الذي يُسيِّر بقية أوروبا. ورغم أن المسؤولين من جانبي نهر الراين تعهدوا بمواصلة تعاونهم السياسي الوثيق، فإن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كشفت يوم الاثنين الماضي عن رفض صريح لتعهد "هولاند" بإعادة التفاوض حول اتفاقية مالية أوروبية تقضي بكبح الدين العام. كما أنها لا توافق على الاستدانة من أجل تعزيز النمو الاقتصادي الذي تعد أوروبا في أمس الحاجة إليه، مما يثبط وعداً آخر من وعود حملة هولاند الانتخابية. فالنمو لا يمكن أن يأتي إلا عبر "إصلاحات بنيوية"، تقول ميركل المحافظة. لقد كانت بداية خرقاء بالنسبة لأحدث وأهم ثنائي في الاتحاد الأوروبي: زعيما أكبر اقتصادين فيه وقائدان سياسيان من الوزن الثقيل يحملان معاً مفتاح كيفية تعامل القارة مع أزمة ديونها الخانقة. والاقتصاد العالمي يعتمد الآن بشكل رئيسي على ما سينتج عن الصدام بين الإلحاح الألماني المتصلب على الانضباط المالي وموجة معارضة التقشف التي تجتاح أوروبا، والتي يركبها الآن الاشتراكي "اليساري" فرانسوا هولاند. غير أن بعض المحللين يقولون إن توافقاً سيتم التوصل إليه في الأخير على الأرجح، بل إنه حتمي. فرغم كل خطاباتها غير المذعنة، ستجد ميركل أنه من الصعب تجاهل المعارضة الشعبية المتصاعدة عبر أوروبا لما تدعو إليه ألمانيا من خفض كبير في الإنفاق العام. وبالمثل، فإن "هولاند" سيكتشف من دون شك أين ينتهي ترف خطابات الحملة الانتخابية، وأين تبدأ الحقائق الصعبة للحكم. وتعليقاً على هذا الموضوع، تقول "دانييلا شوارزر" من المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية: "ألمانيا، وعلى غرار فرنسا، تعرف أن على البلدين أن يدخلا في علاقة وثيقة في أقرب وقت ممكن. وبالنظر إلى أزمة الديون السيادية، فإن الضغط جد مرتفع بحيث لا يستطيع أي منهما إظهار أي خلافات كبيرة بخصوص السياسات"، مضيفة "إذا بدت ألمانيا وفرنسا منقسمتين، فإن مصداقية وعود إعادة بناء منطقة اليورو ستتضرر". كما أن الأسواق، المتيقظة إلى أول إشارة للتراجع، من غير المرجح أن تمنح هولاند وميركل كثيراً من الوقت لترتيب وتسوية خلافاتهما، ناهيك عن الزخم القادم مع "هولاند" بعد أن هزم يوم الأحد الماضي الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي، الذي كان حليفاً وثيقاً لميركل لدرجة دفعت بعض المراقبين إلى إطلاق لقب "ميركوزي" على الثنائي. ويذكر هنا أن هولاند سينصب في الخامس عشر من مايو الجاري، ليصبح بذلك أول رئيس اشتراكي لفرنسا منذ 17 عاماً. وإلى جانب فرنسا، رمى الناخبون في اليونان الغارقة اقتصادياً بوزنهم وراء الأحزاب المعارضة للإجراءات التقشفية يوم الأحد الماضي، كما ظهرت احتجاجات شعبية ضد التقشف أيضاً في كل من إسبانيا وإيطاليا والبرتغال التي تواجه مشاكل مالية كبيرة. والمثير للاهتمام كذلك أن الدعوات إلى تركيز أكبر على إعادة إحياء النمو الاقتصادي في أوروبا صدرت أيضاً عن رئيسي البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. كما يقول بعض الخبراء إنه حتى قبل انتخابات الأحد الماضي، كانت ميركل قد بدأت تعرف أن شيئاً ما بات على وشك الحدوث. وفي هذا الإطار، يقول "أولرايك جيروت"، رئيس مكتب "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" في برلين: "هذه المرأة براجماتية جداً. وأعتقد أنها تشعر بالعزلة"، مضيفاً: "ميركل تستطيع أن تشعر بأن ثمة حجة أوروبية تقول "كفى من التقشف" ولا ترغب في السباحة عكس التيار. والواقع أنها بدأت منذ بعض الوقت تسبح مع التيار". فخلال الأسابيع الأخيرة، ألمحت ميركل إلى أنها قد تنظر على نحو إيجابي إلى بعض التدابير الرامية إلى تعزيز النمو. وقبل أسبوعين، أشرت إلى دعمها لتقوية بنك الاستثمار الأوروبي وصناديق الاتحاد الأوروبي لمشاريع البنى التحتية. ويذكر هنا أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي أوصوا بأن يقوم البنك بزيادة قدرته الإقراضية بـ13 مليار دولار إضافية. ومن جانبه، دافع "هولاند" أيضاً عن دور أقوى لبنك الاستثمار الأوروبي، كما دعا إلى خلق سندات أوروبية مشتركة من أجل تمويل البنى التحتية. وفي سعيهما إلى إيجاد أرضية مشتركة، سيتعين على ميركل وهولاند التغلب ليس فقط على آراء مختلفة بشكل جوهري بشأن كيفية حل أزمة الديون في منطقة "اليورو"، وإنما أيضاً على توتر شخصي ممكن. ذلك أنه قبل الانتخابات، دعمت ميركل زميلها ساركوزي المحافظ علانية من أجل ولاية ثانية وترفعت على هولاند، حيث رفضت رؤيته أو التحدث إليه خلال الحملة الانتخابية. غير أنها حاولت إصلاح العلاقة يوم الاثنين الماضي إذ قالت للصحفيين: "إنني سأستقبل فرانسوا هولاند في ألمانيا بذراعين مفتوحتين. وأن التعاون الفرنسي- الألماني مهم وأساسي بالنسبة لأوروبا، ولأننا نريد جميعاً لأوروبا النجاح، فإننا سنشرع في العمل معاً بشكل سريع جداً". ومن جانبه، حاول "ستيفان سيبرت" المتحدث الرسمي باسم ميركل أيضاً إصلاح الأمور حيث قال إن المستشارة تركت الباب مفتوحاً للحوار نافياً أن يكون رفضها لإعادة التفاوض بشأن الاتفاق المالي الأوروبي- الذي لم تصادق عليه فرنسا بعد- يضعها في خلاف مباشر مع هولاند. وقال سيبرت: "سنرى ما لديه من مقترحات وأفكار وسننطلق من هناك"، مضيفاً "أن النمو ليس موضوعاً جديداً، بل إنه يمثل الركن الثاني في سياستنا المالية، وليس منذ الأمس فقط". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©