الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

وقفات بعد شهر رمضان

21 يونيو 2018 21:43
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه أجمعين... وبعد، ، ، أخرج الإمام الترمذي في سننه عَنْ أَبِي ?سُفْيَانَ،  عَنْ أَنَسٍ،  قَالَ: (?كَانَ ?رَسُولُ ?اللَّهِ ?-صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ- ?يُكْثِرُ ?أَنْ ?يَقُولَ:? يَا ?مُقَلِّبَ ?الْقُلُوبِ ثَبِّتْ ?قَلْبِي ?عَلَى ?دِينِكَ، ?فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ ?اللَّهِ ?آمَنَّا ?بِكَ ?وَبِمَا ?جِئْتَ ?بِهِ ?فَهَلْ ?تَخَافُ ?عَلَيْنَا؟ ?قَالَ: ?نَعَمْ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ ?أصْبعَيْنِ ?مِنْ ?أَصَابِعِ ?اللَّهِ ?يُقَلِّبُهَا ?كَيْفَ ?يَشَاءُ) (?أخرجه الترمذي)?. وَدَّعنا قبل أيام ضيفنا الكريم شهر رمضان بعد أن مَرَّ بنا سريعاً، مَر بخيراته وبركاته، مضى من أعمارنا وهو شاهدٌ لنا أو علينا، شاهدٌ للمُجِدّ بصيامه وقيامه، وعلى المُقَصِّر بغفلته وإعراضه، ولا ندري هل سندركه مرة أخرى، أم يحول بيننا وبينه هادم اللذات ومفرّق الجماعات، فسلام الله على شهر الصيام والقيام. فمنذ أيام غادرنا شهر رمضان، شهر القرآن والإيمان، فودعه المؤمنون بقلوب يملؤها الحزن العميق، ونفوسٍ يعتصرها الألم على فقده وفراقه وبعده، والمؤمنون يتمنون أن يكون رمضان العام كلّه، لما يعلمون فيه من الخير والبركة، وغفران الذنوب والرحمة، وصلاح القلب والأعمال. الاستمرار في الطاعات إن الثبات والاستمرار على الطاعة من أخلاق المؤمنين، فقد كان نبينا- صلى الله عليه وسلم - يدعو قائلاً: (يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ ?قَلْبِي ?عَلَى ?دِينِكَ) (?أخرجه الترمذي)، ?ومن ?دعاء ?الراسخين ?في ?العلم?: {?رَبَّنَا ?لاَ ?تُزِغْ ?قُلُوبَنَا ?بَعْدَ ?إِذْ ?هَدَيْتَنَا ?وَهَبْ ?لَنَا ?مِن ?لَّدُنكَ ?رَحْمَةً ?إِنَّكَ ?أَنتَ ?الْوَهَّابُ} (?سورة آل عمران الآية 8)?، ?أي ?لا ?تزيغ ?بعد ?الهداية، ?ولا ?تنحرف ?بعد ?الاستقامة ?، ?لذلك ?كان ?رسولنا- ?عليه ?الصلاة ?والسلام - ?يحث ?المسلمين ?على ?وجوب ?الاستمرار ?في ?الطاعات ?لقوله- ?صلى ?الله ?عليه ?وسلم- ?: «أَحَبُّ ?الأَعمَالِ ?إِلى ?اللهِ ?أَدوَمُهَا ?وَإِنْ ?قَلَّ» (?أخرجه الشيخان)?. ومما يُؤْسف له أن بعض المسلمين الذين حافظوا على الطاعات خلال شهر رمضان المبارك من صلاة وصيام وصدقات وتلاوة للقرآن الكريم، قد هجروا المساجد وانقطعوا عن الطاعات، ومن المعلوم أن راحة المؤمن في طاعة ربه، وأن عمله لا ينقضي حتى يأتيه أجله، لذا أمرنا الله سبحانه وتعالى بوجوب الثبات على الطاعات والخيرات: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (سورة الحجر الآية 99). فإذا كان رمضان قد صَنَعَ من المسلم الصائم إنسانًا نبيلاً عفَّ اللسان ليس مغتاباً ولا فاحشاً ولا بخيلاً ولا مقتراً، فما أحرانا بعد رمضان أن نظل بأخلاق رمضان، طلاقة في الوجه، وابتسامة على الشفاه، واستقبال حسن، وعطاء طيّب لوجه الله، لأنه جزء من زكاة عمل الإنسان، وهو الثروة الباقية التي أنعم الله بها على من اختصهم بقضاء حوائج الناس. نفحات الخير لا تنقطع لقد مضى هذا الشهر المبارك، وَسُنَّةُ الله تعالى في هذه الحياة الدنيا تعاقب الليل والنهار، وهكذا الحياة شهر يعقبه شهر، وعام يخلفه عام، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ} (سورة النور الآية 44)، وهذه الأيام تتوالى علينا، كما قال الشاعر: تَمُرُّ بنا الأيـــــــــام تَتْـــــرى وإنمــــا نُسَاقُ إلى الآجال والعين تنظر فلا عائدٌ ذاك الشباب الذي مضى ولا زائلٌ هـذا المشـــيب المكَدر إن نفحات الخير تأتينا نفحة بعد نفحة، فلئن انقضى صيام شهر رمضان فإن المؤمن لن ينقطع عن عبادة الصيام، وإذا ما انتهينا من أداء الصلوات المفروضة تأتي النوافل المتعددة المذكورة في كتب الفقه، ولئن أدينا الزكاة المفروضة فإن أبواب الصدقات النوافل مفتوحة طيلة العام، ولئن أدينا فريضة الحج فإن أداء العمرة مُيَسَّرٌ طيلة العام، وهكذا الخير لا ينقطع وهذا فضل من الله ونعمة. إن آخر يوم من رمضان يعقبه أول يوم من أشهر الحج! وهذا معناه أننا نخرج من فريضة الصوم لندخل في فريضة الحج، فنحن ننتقل من عبادة إلى عبادة، وإن شئتَ فقل: نتقلب في العبادات، وذلك علامة واضحة على عبوديتنا الكاملة لله عز وجل، وهو أمر يحتاج إلى تدبر وتفكر! نداء لمن قَصَّر في رمضان نقول لكل من فرّط وقَصَّر أو ضاع منه شهر رمضان: لا تيأسْ من روح الله سبحانه وتعالى ولا تقنط من رحمته، فربك الغفور ذو الرحمة لكل من تاب إليه وأناب، فارفع يديك إليه وتضرع بين يديه، وأكثر من الاستغفار والدعاء، فإن الله غفور لمن تاب وعمل صالحاً ثم اهتدى. وعلينا أن نتذكر دائماً قول الله تعالى: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (سورة إبراهيم الآية 7)، وقوله سبحانه وتعالى أيضاً: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} (سورة البقرة الآية 152)، فأين هذا من أولئك الذين ينسون الله سائر العام، ولا يذكرونه إلا في شهر رمضان، ويعصونه ويكفرون نعمه، ويجحدون فضله أحد عشر شهراً، ثم يَمُنُّونَ على ربهم أن عبدوه شهراً واحداً، هذا جهل وتفريط، جهل بحق الله على عباده، وتفريط بواجبهم نحوه سبحانه وتعالى. تقبل الله منا ومنكم الطاعات، ونسأله سبحانه وتعالى أن يعيد علينا شهر رمضان باليمن والخير والبركات، وقد جمع الله شملنا وَوَحَّدَ كلمتنا وألف بين قلوبنا، إنه سميع قريب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©