الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحديات استخلاص الهوية من براثن العولمة

27 يناير 2006

صدر منذ أيام باكورة أعمال سلسلة الإصدارات الخاصة والتي تصدرها مكتبة الإسكندرية، حيث أعد أول أعمال السلسلة الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة، تحت عنوان 'الثقافة والتنمية ··· التحدي والاستجابة'· بدأ الكتاب بتصدير من السيدة سوزان مبارك حرم رئيس الجمهورية ورئيس أمناء مكتبة الإسكندرية·
واستهل الدكتور سراج الدين كتابه بكلمة عن الهوية الثقافية في عالم متغير ذكر فيها العولمة كمفهوم لأحد التحولات العالمية وكيف أدت العولمة في بعض الأحيان إلى الشعور بفقدان الهوية المحلية الأمر الذي أدى إلى زيادة الهوية بين الدول وفي داخلها، مما يجعلنا نطرح العديد من الأسئلة التي تبحث عن الذات لتقودنا لمحاولة فهم طبيعة العلاقة المعقدة والمتشابكة بين الثقافة والتنمية· ثم بدأ الدكتور سراج الدين بتعريف الثقافة على أنها خليط من المكونات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز أي مجتمع، طارحاً التساؤل عن كيفية تحديد تلك الثقافة بصورة دقيقة في أي مجتمع في مواجهة العولمة· ثم طرح رؤية للتنمية بمعناها التغيير ليس بالحفاظ على كل ما هو جديد أو الابتعاد عنه ولكن من خلال إعادة توظيف القديم وإعادة تشكيل الماضي ليناسب الحاضر·
الجزء الاول من الكتاب بدأ بتقديم للحياة العلمية في مكتبة الإسكندرية القديمة، حيث كانت ثروات الكتب الموجودة بمكتبة الإسكندرية أداة لا غنى عنها في أيدي العلماء، لأنها جمعت الخبرات الفكرية لكل من اليونان والشرق الأدنى القديم· وفي حديثه عن الإسكندرية كعاصمة قديمة لمصر؛ جاءت سطور الكتاب لتؤكد على أن الإسكندرية كانت أعظم المؤسسات بلا منازع حيث قدر لها أن تكون مدينة مستقلة وعاصمة جديدة لمصر وميناء ومركز تجارة جديدا ومركزاً للعلم والمعرفة·
جاء وصف مدينة الإسكندرية في الكتاب ليعبر عن مدينة متكاملة بحق حيث ذكر الدكتور سراج في فصل الإسكندرية اليوم معالم الإسكندرية كمدينة تاريخية عريقة وكميناء متميز لموقعها المثالي في ملتقى الطرق بين الشرق الأوسط وأوروبا، بالإضافة إلى ذكره لعدد من الأبنية التي تجمل شاطئ الإسكندرية ـ الذي لم يسلم هو الآخر من التجديد والتحديث ـ مثل جامع المرسي أبو العباس الذي تم تشييده عام 1775 كمعلم سياحي تاريخي، وأيضاً كوبري الإسكندرية المشيد حديثاً كمعلم سياحي جديد، وأخيراً ضرب الدكتور سراج الدين بمسرح محمد علي احد المراكز الثقافية والفنية القديمة بالمدينة والذي تم تحديثه وتطويره أيضاً خلال عام ·2004
قدم الكتاب في فصل كامل لمكتبة الإسكندرية ودورها الرائد كمجمع ثقافي ضخم يسعى إلى إحداث تنمية شاملة للمجتمع من خلال إثارة قضايا ثقافية واقتصادية وعلمية، كما تسعى إلى إحداث اهتمام عام بالمعرفة كأداة للتقدم، حيث أصبحت المكتبة منذ افتتاحها عام 2002 قوة هامة لتعزيز العقلانية والتوجه العلمي والقيم المستنيرة في مصر والمنطقة العربية·
ثم خاض الدكتور سراج في التحديات التي تواجه التنمية فتعرض لموضوع التراث المهدد، مشيراً لموضوع العولمة وفقدان الهوية في معترك ما يسمى بالثقافة المعاصرة· فذكر أن العولمة بما لها من قوة ضاغطة في كافة المجالات تتسبب في حدوث انهيارات اجتماعية، حيث تؤدي إلى تماثل المعايير الأمر الذي يطمس الصفات المميزة للأفراد ويهدد سمة التفرد في مختلف أرجاء العالم· ويؤكد الدكتور سراج خلال صفحات الكتاب أن من الممكن الاستفادة من العولمة دون التأثر بالجانب السلبي منها من خلال السعي للتقدم دون المساس بالتراث·
وسرد الدكتور سراج قائمة التراث العالمي والتي تضم حتى الآن 552 منطقة حول العالم تتمتع كلها بحماية الميثاق الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) (والمعروف بالميثاق العالمي للتراث بوصفه وسيلة لحماية التراث الطبيعي والثقافي) حيث تبذل على أساس هذا الميثاق جهوداً مضنية لحماية تلك المناطق من التآكل والتلوث والاندثار، حيث يهددها أخطار التلوث والزحف الحضري والتآكل الطبيعي·
وعلى هذا يعرض الدكتور سراج الدين في فصل بعنوان 'الاستجابة: الرؤية والتجارب المتنوعة' كيفية الاستمرار في الحفاظ على التراث الثقافي وتجديده وذلك عبر تسجيل التراث والطقوس الآخذة في الاندثار وذلك بحفظ كل صور التميز التاريخي والفني، بالإضافة إلى احترام الخواص الثقافية في زمن العولمة وأيضاً تشجيع التنوع وخلق مساحة للحوار مع الأقليات والمعارضة وفي ذات الوقت دعم الترابط الاجتماعي·
وعدد الدكتور سراج الدين خلال صفحات الكتاب للشراكات والائتلافات التي قامت من اجل الحفاظ على التراث مثل: اليونسكو، ومعهد جيتي للحفاظ على التراث، المجلس الأوروبي، مؤسسة الأغاخان للثقافة، وغيرها من المؤسسات الدولية المعنية بموضوع التراث·
وفيما يلي عرض مختصر للتعريف بهذه المنظمات:
منظمة اليونسكو (التزام عالمي نحو التراث الثقافي والتنمية): والتي تضطلع بحماية التراث الثقافي والحفاظ عليه ودعمه، ولها خبرة كبيرة تصل إلى 50 عاماً في تنفيذ مشروعات لحماية التراث الثقافي حول العالم· ولليونسكو عدد من المشروعات القائمة في هذا المجال تشمل 27 حملة دولية للحفاظ على التراث· وتعمل منظمة اليونسكو في هذا المجال أيضاً على تعبئة الموارد البشرية والفنية والمالية من خلال، تدريب الأخصائيين الفنيين المحليين، ونشر الوعي العام وتشجيع المشاركة في جهود الحفاظ على التراث·
البنك الدولي: الذي ينشط دوره في ثلاثة مجالات هي؛ تحليل مفهوم إسهام الثقافة في التمكين من خلال ربط جدوى الاستثمار الاقتصادي بالمجالات الثقافية، وإدراك القيمة الجوهرية لوجود الثقافة، وأيضاً مجال تنفيذ المشروعات من خلال الدعم المالي والفني عن طريق التحالف مع بعض الجهات الأخرى وذلك من أجل حماية التراث الثقافي الطبيعي والمستحدث ودعم الثقافة المحلية والمشاركة المدنية للحد من الفقر·
المجلس الأوروبي: يعد التراث الثقافي مجالاً أساسيا ومهماً بالنسبة لأنشطة المجلس كما يعد محوراً من محاور التنمية المستديمة التي يدعمها المجلس الأوروبي من اجل إنعاش وحماية البيئة في أوروبا· عمل المجلس في أكثر من 55 مشروعاً للحفاظ على التراث في 25 دولة أوروبية بمشاركة أكثر من 320 خبيراً حيث بدأ تنفيذ المشروعات منذ عام 1998 في كل من ألبانيا، وبيلاروس، وكرواتيا، والبوسنة والهرسك، ومالطا، والبرتغال، والاتحاد السوفيتي، وسلوفانيا·
مؤسسة الأغاخان للثقافة: من أجل التأكيد على أهمية وضرورة دعم البيئة المبنية في العالم الإسلامي وتحسين مستوى المعيشة ودعم الفهم لقيم المجتمع ولزيادة فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المستقبل قامت مؤسسة الأغاخان بوضع برامج لدعم المجالات التالية؛ التميز في مجال العمارة المعاصرة والمجالات المتصلة بها، تقوية ودعم التعليم في مجالات العمارة والتخطيط والحفاظ على التراث، تبادل الأفكار عالمياً لدعم الوعي بالترابط الوثيق بين الثقافة والبيئة المبنية في تاريخ وثقافة الحضارات والمجتمعات الإسلامية المعاصرة·
الصندوق العالمي لحماية الآثار: تعود فكرة إنشائه إلى الوعي بأهمية حماية الآثار من الدمار الذي حل ببعض الكنوز الفنية في العديد من مناطق العالم، وقد ساهم الصندوق حتى الآن في أكثر من 165 مشروعاً ضخماً في 52 دولة· ويهدف الصندوق إلى دعم قدرة المنظمة الفريدة على تحديد مواقع التراث الثقافي الواقعة تحت الخطر وتوفير الدعم الفني والمالي للحفاظ عليها، وقد بلغ إجمالي المنح التي وفرها الصندوق العالمي لحماية الآثار أكثر من خمسة ملايين دولار أمريكي لإنقاذ 71 موقعاً تراثياً في 43 دولة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©