الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رهان «التشـاور» في السودان

30 يوليو 2010 22:29
مع اقتراب موعد استفتاء الجنوبيين على مصيرهم الذي لم يبق عليه إلا نحو خمسة شهور، يتضح أكثر فأكثر، كم هو مهم وخطير ومفصلي ذلك التاريخ. إنه في الواقع أبلغ تأثيراً من يوم الاتفاق على إعلان استقلال السودان، فذلك في النهاية كان اتفاقاً على مواصلة واقع قائم وموحد بعيداً عن الوحدة مع مصر، ولكن هنا إذا وقع الانفصال فإن ذلك سيعني نهاية لواقع إنساني قائم على الأرض استمر لنحو ثلاثة قرون، وسيعني أن السودان الذي عرف ببلد المليون ميل مربع سينقسم، لا سمح الله، إلى قسمين هما السودان الشمالي والسودان الجنوبي! ويبدو أن الحزب الحاكم "حزب المؤتمر الوطني" قد أدرك أبعاد خطورة الأمر فدعا هذا الأسبوع زعماء المعارضة السياسية في الشمال لعقد اجتماع موسع أو سلسلة اجتماعات متواصلة للتوصل إلى ما يمكن أن يكون طرحاً قوميّاً لمواجهة نتائج الاستفتاء، وحدة كانت أم انفصالا. وقد رحبت أغلبية أحزاب المعارضة بدعوة الحزب الحاكم للقاء من حيث المبدأ. ولكن هذه الأحزاب رأت أن تكون المشورة كاملة وتغطي كل المشاكل الكبرى التي تواجه السودان. وقالت تلك الأحزاب إن شرطها للقبول بالحوار هو أن يشمل القضايا التالية: - دارفور فهي أيضاً أزمة قومية استعصت على الحل على رغم مرور سبع سنوات على اندلاعها. - قضايا الحريات العامة. ومن أهم أسس الاستفتاء أن يتم في جو من الحريات، وكذلك لابد من توفر الحريات العامة ليقول كل رأيه دون خوف أو وجل. - طرح أسباب تدهور الأحوال المعيشية وارتفاع تكاليف الضروريات بصورة لم تعرف من قبل خلال الشهور الثلاثة الأخيرة. ومن مظاهر ذلك مثلا أن كيس (جوال) السكر الذي كان يباع للمستهلك بنحو 100 جنيه سوداني بلغ ثمنه الآن 150 جنيها دون أن تكون لذلك مبررات. هذا هو الموقف عشية دعوة "حزب المؤتمر الوطني" لأحزاب المعارضة للحوار، وعلى رغم أن من الواضح أن بعض قادة الحزب الحاكم لا يوافقون على ما طرحته الأحزاب المعارضة لتوسيع سلة التشاور، ويرون ضرورة اقتصار الأمر على إجراءات الاستفتاء وحدها، على رغم ذلك فإن الحوار بين حزب الحكومة والمعارضة مستمر، وقد يتمكن الطرفان من التوصل إلى قرار ما خلال الأيام القليلة المقبلة. إن عدم الثقة بصورة كاملة أو ضعفها في العلاقة بين "حزب المؤتمر الوطني" أو الحزب الحاكم في الشمال وأحزاب المعارضة الشمالية أمر لا يحتاج إلى دليل. ومن أبرز مظاهر عدم الثقة أن أحزاب المعارضة الشمالية، وأحياناً معها "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، كثيراً ما ناشدوا الحزب الحاكم أن ينضم إلى مداولاتهم المشتركة حول قضايا الوطن الكبرى. ولكنه ظل يرفض باستمرار، بل ويرمي الأحزاب المعارضة أحياناً بالعمالة لجهات أجنبية إلى غير ذلك من التهم التي لا يمكن إثباتها. وللحقيقة فإن قادة المعارضة ما زالوا حريصين على مواصلة السعي للمشاركة في التشاور لاسيما حول القضايا الكبرى مثل دارفور، والجنوب، ومياه النيل... إلخ. إن الحزب الحاكم قد يكون أكثر استعداداً لقبول إشراك الآخرين معه هو و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" في موضوع استفتاء الجنوبيين لأن هذه القضية بالذات، كما أوضحنا، تعتبر بكل المقاييس قضية مصير. وقد يكون منشأ هواجس بعض قادة "حزب المؤتمر الوطني" هو القناعة بأنه خير لهم ولتاريخهم في المستقبل أن يقولوا إنهم واجهوا موضوع الاستفتاء بقدر من الوحدة الوطنية. هذا بالطبع إذا حدث الانفصال حتى لا يكون وزره عليهم وحدهم. ولكن هذا مجرد احتمال يمكن أن يكون صائباً، وقد لا يكون كذلك أيضاً. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©