السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

خبيـر أميركي: لماذا نكتفي الآن بالتفـاوض مع طهران؟!

27 يناير 2006
نيويورك - أحمد كامل:
دخل الملف النووي الإيراني مرحلة غير مسبوقة من التصعيد باعلان إيران استئنافها للأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم· وأسفر القرار الإيراني - كما هو متوقع - عن ردة فعل دولية فورية، من تهديدات رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إلى اعتراضات الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى الانذار الصريح الذي وجهته وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قبل أيام·
ولكن ما هي الخطوة التالية؟ هل ستنجح العقوبات وقرارات مجلس الأمن في حمل إيران على وقف برنامجها النووي، أو بالأحرى وقف تخصيب اليورانيوم؟ أم أن الأمر سينتهي إلى استخدام القوة؟ وما هي تداعيات الأمرين، العقوبات واستخدام القوة؟
واشنطن لا تزال تناقش الخيارات المطروحة، على الأقل في دوائر مراكز الدراسات والباحثين الذين يشكلون 'البحيرة' التي تمد الادارة بالعمق الاستراتيجي -إن جاز التعبير- لقراراتها· وعقب اعلان طهران لقرارها شهد معهد 'هيريتيج فاونديشن' المحافظ ندوة شارك فيها عدد من المسؤولين والخبراء لبحث جوانب مختلفة في قرار طهران الأخير·
وبدأ بول ليفينثال رئيس معهد منع الأسلحة النووية النقاش بمداخلة قال فيها: 'إن العواصم الدولية الأساسية تراخت في مواجهة البرنامج النووي الإيراني في فترة مبكرة· وأضاف ليفينثال 'انتاج اليورانيوم المخصب عالي النقاوة يحتاج إلى آلاف من وحدات الطرد المركزي ولا يمكن للإيرانيين تصنيع المواد التي تُبنى منها هذه الآلات ولابد أنهم حصلوا عليها من مكان ما ولا أدري كيف فات رصد ذلك والعمل على وقفه على أجهزة استخباراتنا؟ واذا كان فات علينا فكيف فات على الألمان والبريطانيين والفرنسيين ايضاً؟ إنه سؤال يحيرني'·
وقال ليفينثال: 'يمكن التصرف اذا كان شخص ما يتجه إلى القمة ليقفز من فوقها، ولكن ماذا يمكننا أن نفعل اذا كان قد قفز بالفعل؟ هناك من يقولون إن أمام إيران سنة لانتاج القنبلة وهناك من يقولون أن أمامها خمس سنوات· وفي الحالتين فإن أحداً لا يختلف حول أنها تتقدم في هذا الاتجاه وأن لديها مقومات كافية لانتاج السلاح النووي'·
خطوات فورية
ودعا الباحث الأميركي الذي سبق أن عمل في مجلس الأمن القومي إبان رئاسة رونالد ريجان إلى اتخاذ خطوات فورية لوقف إيران ومنعها من امتلاك سلاح نووي·· وقال إن قيام طهران بهذه الخطوة سيكون بمثابة الكارثة متعددة الجوانب، وأوضح ذلك بقوله: 'لن يكون السلاح النووي الإيراني تهديداً للجميع في ذاته بل إنه سيقود دولاً عديدة أخرى في المنطقة إلى السعي لامتلاك السلاح ذاته· الدول العربية سترى أن من واجبها أن توازن الخلل الاستراتيجي الناجم عن إيران نووية·
وبعد أن كان النقاش يدور حول تجريد اسرائيل من أسلحتها النووية وجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فإن الواقع سيتجه بنا إلى شرق أوسط مكتظ بأسلحة الدمار الشامل، ولن يمكن لأحد الآن اقناع اسرائيل بالتخلي عن سلاحها النووي عند توقيع اتفاقيات سلام مع العرب'·
وقال ليفينثال: 'لقد قمنا بشن الحرب في العراق لأننا اعتقدنا أن صدام يصنع سلاحاً نووياً إلا أن ذلك لم يكن صحيحاً وها نحن نرى الإيرانيين وهم يصنعون سلاحهم النووي أمام الجميع ولا أحد يتحرك طوال الفترة الماضية باستثناء تصريحات الادانة والمفاوضات الأوروبية التي كانت مضيعة للوقت بكل المقاييس'·
وأضاف الباحث الأميركي 'يتعين عقد مؤتمر دولي عاجل تشارك فيه روسيا والصين واليابان والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بالاضافة إلى الولايات المتحدة للاتفاق على قرار يقضي بمنع إيران بكافة الوسائل الممكنة بما في ذلك القوة اذا لزم الأمر من امتلاك سلاح نووي وتوفير الشروط الضرورية لذلك من الزاويتين الأمنية والاقتصادية، إن من زاوية القيام بعمل عسكري مشترك اذا واصلت ظهران تحدياتها والاتفاق على اجراءات مشتركة لمواجهة تبعات ذلك نفطياً واقتصادياً'·
خيارات مفتوحة
وتحدث في الندوة ميتشيل ريس مدير السياسات والتخطيط في وزارة الخارجية في رئاسة بوش الأولى، إن بين 2000 و·2004 وقال ريس إن كل الخيارات ينبغي أن تظل مفتوحة من الناحيتين المعلنة لما في ذلك من اثر ردعي ومن الناحية العملية ايضاً 'إذ لا يمكن الحديث عن هذه الخيارات بجدية اذا كنت لا تملك مقومات تنفيذها جميعاً'·
وأضاف ريس: 'العوامل التي تحدد اختيار أسلوب بعينه تتعلق إلى حد كبير بمدى عزلة إيران على الساحة الدولية· ولا يمكن التقليل في هذا السياق من الجهة الدبلوماسية إذ أنها الشرط الذي يمهد لتطبيق أي خيار'· وقال المسؤول السابق: إن مناقشات مكثفة تجري خلف الأبواب المغلقة في أجهزة الادارة وأن هذه المناقشة لا تبدأ -من حسن الحظ- من نقطة الصفر لأن الواضح الآن أن الولايات المتحدة لا تتحرك بمفردها وأن المشكلة ليست مشكلة أميركية- إيرانية، فما يحدث يؤكد أن هناك دوراً أوروبياً كبيراً، بل إن العالم يراه الدور الأساسي الآن، ويعني ذلك أن هناك جبهة دولية واسعة تتبنى موقفاً رافضاً للتحديات الإيرانية· ويجعل ذلك من السهل تبني اجراء موسع ومشترك ويلقى الدعم الدولي المطلوب'·
رغم ذلك فإن ريس أوضح أنه 'غير واثق' من أن موسكو أو الصين أو الهند 'يتواجدون معاً في القارب ذاته'· وأوضح ذلك بقوله: 'روسيا لديها مصالح كبيرة مع إيران وليس من السهل اقناع موسكو بتبني مواقف حادة تجاه الإيرانيين لهذا السبب· فضلاً عن ذلك فإن الصين باتت تستورد حصة كبيرة من انتاج النفط في العالم، وأن ضربه لإيران ستجعل من هذا الشريان مليئاً بالانسدادات'·
وقال ريس إنه لا يمكن للادارة أن تترك الموقف على ما هو عليه بسبب التحدي الظاهر الموجه إلى العالم من طهران· وأشار إلى أن الحديث عن صعوبة توجيه ضربة عسكرية إلى إيران بسبب وجود القوات الأميركية في العراق هو 'حديث غير دقيق'· وأضاف 'القوات الأميركية تستطيع أن تحمي نفسها وأي تهديد تنفذه إيران ضدها سيقابله ضربات موجعة لأهداف حيوية ذات قيمة في إيران وليس من الصعب تجريد إيران من كل قواتها المسلحة في غضون فترة زمنية قصيرة'·
العقوبات أفضل
غير أن ريس انتهى إلى ترجيح أن تفضل الادارة فرض عقوبات دولية على إيران· وأشار إلى المخاوف من وقف إيران لصادراتها النفطية بقوله إن بالامكان استيعاب ذلك ضمن خسائر محدودة ولكن لفترة لا تتجاوز ستة شهور· وأضاف 'والسؤال هو هل سيتمكن الإيرانيون من العيش لمدة ستة شهور دون أي موارد للدخل'·
إلا أن ريس استبعد أن تصل العقوبات إلى هذه النقطة· وأضاف 'ستشمل العقوبات على الأرجح خطوات تصاعدية تبدأ من منع سفر المسؤولين الإيرانيين إلى الدول الأساسية بالعالم وحظر صادرات بعينها لإيران ومنع الاستيراد منها ما عدا النفط والغاز لأهمية ذلك عالمياً وربما منع تصدير المواد المكررة إلى إيران حيث لا يملك الإيرانيون مصاف ذات طاقة كافية فضلاً عن احتياجهم الدائم لاستيراد قطع الغيار ومستلزمات الصيانة'·
وتناول الجنرال المتقاعد جورج أشفيلد احتمالات توجيه ضربة عسكرية للإيرانيين قائلا: 'إن الأمر في ذاته لا يحتاج إلا لتلقي الأوامر'· وأضاف 'إلا أن القضية تتجاوز اصدار أمر لأسراب من الطائرات أو لبطاريات صواريخ كروز بالضرب· إن ذلك هو الشق السهل من الموضوع· الشق الصعب هو تبعات ذلك'·
نتائج القصف
وقال أشفيلد: 'رغم ذلك ينبغي البدء من سؤال أساسي عند تناول خيار العمل العسكري· هل يمكن أن يؤدي تنفيذ هذا الخيار إلى وقف البرنامج النووي الإيراني؟ أي هل يمكن أن تؤدي الضربة المقترحة إلى تحقيق الهدف الذي يدفعنا من الأصل إلى القيام بها؟· وأجاب الجنرال عن سؤاله بقوله: 'بصراحة إنني لا أعتقد أن هذه الضربة يمكن أن تحقق الهدف منها بصورة ناجزة وتامة· فالإيرانيون تمكنوا من نشر مكونات برنامجهم النووي في مئات المواقع التي لا نعرف شيئاً عن كثير منها· ثم إن البرنامج النووي هو في أساسه معرفة وارادة· التكنولوجيا والأدوات التنفيذية تأتي بعد ذلك· واذا كان الإيرانيون مصممون على انتاج سلاح نووي واذا كانوا قد امتلكوا المعرفة الكافية للقيام بذلك فإن تدمير الأدوات التي تمكنوا من الحصول عليها سيؤخر تنفيذ البرنامج ولكنه لن يوقفه· إنه سيجعلهم يبنونه بصورة أكثر سرية في المرة المقبلة'·
واتفق أشفيلد مع تقدير ريس بأن ضرب إيران لن يؤدي إلى حدوث 'تغييرات كيفية' في الموقف الذي تواجهه القوات الأميركية في العراق، وأوضح ذلك بقوله: 'أولادنا يواجهون موقفاً سيئاً، وضرب إيران سيؤدي إلى زيادة العمليات التي يتعرضون لها وإلى اتساع حجم التمرد· وفي كل الأحوال فإن الجميع يعرفون أننا سنسحب قواتنا، وقد يعجل ضرب إيران من حدوث ذلك'·وقال أشفيلد إن تدمير البنية التحتية العسكرية لإيران قد يستغرق ثلاثة أو أربعة أيام، وأضاف 'المشكلة التي تقلقني لا تقع في هذه المساحة، وإنما تقع في المرارة التي ستخلفها هذه الضربة داخل إيران وخارجها· الشعب الإيراني سيلتف نحو قياداته الحالية التي تعلمون جميعاً طبيعتها ودعوات الانتقام من الولايات المتحدة لابد ستتحول إلى أعمال ارهابية في قلب العواصم الغربية· إننا لا نزال ندفع ثمن اسقاط محمد مصدق حتى الآن بعد أن مضى أكثر من خمسين عاماً على ذلك· ولا أعتقد أن علينا أن ننسى ذلك· فالسلاح النووي هو مسألة تتصل بالمشاعر الوطنية ايضاً مثلما كان النفط في الخمسينات والستينات'·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©