الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا: فخاخ تركة القانون رقم 4

ليبيا: فخاخ تركة القانون رقم 4
13 مايو 2013 23:12
ماثيو جالتير ليبيا أمام مقر رئاسة الوزراء الليبية يلوّح هيثم مختار بورقة صفراء تعود إلى الفترة التي كانت فيها ليبيا تحت الاحتلال الإيطالي، وهي الورقة التي تثبت ملكيته لأرض وسط طرابلس العاصمة تصل مساحتها إلى 2,7 فدان، ولكن مختار الذي يريد استعادة ملكيته لم يعش في هذا المكان قط، ذلك أنه في أحد الأيام قبل قرابة 25 عاماً ظهر مجموعة من الرجال المسلحين ينتمون إلى عشيرة العقيد القذافي، أمام والده وهددوه بترك الأرض لأنهم يريدونها، وهكذا تمت مصادرة الأرض لمصلحة الرجال واستُغل موقعها المتميز لبناء مجموعة من الفلل الفاخرة، وهو ما يوضحه مختار قائلاً: «في عام 1987 جاء مجموعة من الرجال المسلحين لتهديد والدي ليخبروه أن الأرض من الآن فصاعداً أصبحت ملكاً لهم، وبعد فترة وجيزة تحولت إلى فلل يقطنها أصدقاء القذافي ورجاله»! واليوم وبعد رحيل القذافي، وتغير النظام في ليبيا عاد مختار ليطالب بحقه المغتصب، وهي الأرض المصادرة بالإضافة إلى المنازل السبعة التي بنيت عليها، قائلاً «لقد انتزعنا حريتنا بعد الثورة، والآن نريد العودة إلى بيوتنا الأصلية»؛ وحتى يوم الثورة التي أطاحت القذافي لم يكن في وسع عائلة مختار الانتصاف من الغبن الذي وقع عليها واسترجاع ما ضاع منها، ولاسيما في ظل القانون الذي وضعه في عام 1978 المعروف باسم قانون رقم 4 الذي استهدف الأغنياء، حيث جاء في «الكتاب الأخضر» الذي ألفه القذافي أنه «لا أحد يحق له بناء منزل إضافة إلى البيت الذي يملكه، أو الذي ورثه من أقربائه». وعملياً يسمح القانون الذي ينطبق أيضاً على الأراضي والسيارات لمن لا يملك شيئاً أن يصادر الأرض والعقار، أو السيارات، حتى لو تطلب ذلك استخدام القوة، شريطة أن يكون في حوزة المالك أكثر من عقار، فيصبح الملك في حوزة من يصادره وليس الدولة وفقاً لمقولة «البيت لساكنه» في الكتاب الأخضر، ولكن في العمق استفاد من هذا القانون الرجال المقربون من القذافي وأقاربه الذي وظفوه للاستيلاء على ممتلكات الآخرين. وأمام هذا الواقع الصادم والغريب باتت الحكومة الليبية المؤقتة مدعوة للإبحار في خضم معقد من الأوراق وصكوك الملكية لتحديد من يملك ماذا، وهي العملية التي تقول الحكومة إنها ستستغرق ما لا يقل عن عامين على الأقل لتحديد المالكين الأصليين من غيرهم. وهذا الوضع المتسم بالفوضى والتعقيد خلق مصاعب جمة أمام الحكومة لاستقطاب الاستثمارات التي تحتاجها البلاد بعد الحرب الأهلية التي دمرت ليبيا، وعن هذا الموضوع يقول «يانيل بلبشير»، أحد أعضاء شركة ليبية فرنسية للاستشارات القانونية: «يمثل الوضع الراهن عقبة حقيقية أمام الاستثمار في ليبيا، فعندما تريد شركة دولية الاستقرار في البلد وممارسة أنشطتها، فإن أول ما تسأل عنه هو الأرض والعقار الذي ستقيم عليه مشروعها، وما إذا كانت تحف بها مشاكل من أي نوع»؛ وبحسب شاكر محمد دخيل، رئيس جمعية المتضررين من هذا القانون، فقد خسرت ما لا يقل عن 80 ألف أسرة ممتلكاتها بموجب قانون رقم 4 الذي سنه القذافي، وعن ذلك يقول: «ما زال الناس يشعرون بالغضب بعد مرور كل هذا الوقت، ولكننا مع ذلك لا نلجأ إلى العنف لاستعادة الممتلكات، بل نوكل للقانون مهمة القيام بذلك»، وتطالب الجمعية بإلغاء القانون وإرجاع الممتلكات المصادرة إلى أصحابها الحقيقيين. ويضيف رئيس الجمعية أن عدد من يأتون يومياً إلى مقر الجمعية لتقديم طلباتهم وإظهار صكوك الملكية المنزوعة منهم يصل إلى 30 شخصاً، ومن بين الذين خسروا ممتلكاتهم في تلك الحقبة وما زال يشعر بالمرارة، عبدالله أحمد شاجلي الذي صودرت من والده ثلاثة محلات تجارية في طرابلس خلال عام 1987، حيث يقول: «من الصعب أن أمرّ أمام المحال لأرى أناساً آخرين يديرون محال والدي، لقد عمل بجد لكي نستفيد من ثمرة عمله، ليأخذها غيرنا فقط»، ويطالب عبدالله اليوم باستعادة تلك المحال والحصول على تعويض من الحكومة على السنوات التي صودرت فيها ممتلكات والده. بيد أن المحامين والخبراء يشيرون إلى الفراغ القانوني الذي تعيشه ليبيا عقب الإطاحة بالنظام السابق والتعقيدات المرتبطة بسن القوانين، فلم توضع سوى قوانين قليلة جداً منذ قيام الثورة، كما أن القـانون رقـم 4 ما زال نافذاً وهو ما يجعل الناس الذين صادروا ممتلكات الآخرين في عهد القذافي متحكمين فيها حتى اليوم لعدم وجود قانون يشير إلى غير ذلك، كما لم يعد ممكناً اليوم بموجب القانون أخذ الملكية من أحدهم باستخدام العنف، والنتيجة أن الوضع القانوني للممتلكات التي صودرت في عهد القذافي غير واضح. ولعل ما يزيد من تعقيد الوضع أن بعض العقارات المصادرة تم بيعها إلى شخص ثالث، ما يجعل مهمة استعادتها بالغة الصعوبة، أضف إلى ذلك أن مطالب إرجاع الممتلكات إلى أصحابها تخلق مشاكل إضافية تتعلق بالعائلات الفقيرة التي استفادت من قانون القذافي لامتلاك منازل ما زالت تعيش فيها حتى اليوم، فحسب جمعية المتضررين من القانون رقم 4 يظل المطلب الأساسي هو إخلاء هؤلاء من المنازل التي استولوا عليها بمقتضى القانون. ومع أن بعض أصحاب الحقوق قرروا تنظيم أنفسهم في إطار جمعيات تضغط على الحكومة لاستعادة حقوقهم، هناك البعض الآخر أيضاً ممن أبدى استعداداً أقل لانتظار تدخل الحكومة، مصرّين على أخذ الأمور بأيديهم، وهو ما يحذر منه حاتم بنفايد، رئيس هيئة الإسكان الليبية، قائلاً «علينا التحرك بسرعة لأن عائلات المتضررين من قانون القذافي بدأت تحمل السلاح لإرغام السكان على المغادرة». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©