الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

جوردن براون: أبوظبي جعلت التعليم أولوية وطنية واستقطبت جامعات عالمية مرموقة تمد جسور التواصل والمعرفة

جوردن براون: أبوظبي جعلت التعليم أولوية وطنية واستقطبت جامعات عالمية مرموقة تمد جسور التواصل والمعرفة
13 مايو 2012
أكد جوردن براون رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق على أن ما يشهده قطاع التعليم في إمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة من تطوير مستمر إنما يترجم الرؤية الاستشرافية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس أبوظبي للتعليم، وحرص سموهم على أن يتم بناء الإنسان الإماراتي وفقاً لمعايير عالمية تجعله مواكباً للعصر ومتفاعلاً مع متغيراته المعرفية المتسارعة. وأشار براون في حوار مع “الاتحاد” على هامش مشاركته في القمة العالمية للنهوض بالتعليم والتي نظمها مجلس أبوظبي للتعليم الأسبوع الماضي إلى أن مشاكل التعليم في العالم تكاد تكون متشابهة، خاصة في ضوء العولمة التي أصبحت سمة أساسية في العصر الراهن، ولعل أبرز هذه القضايا تتصدرها قضية إعداد وتأهيل المعلم وهي عملية شاقة تعاني منها معظم دول العالم إذ أن جيل الشباب الجديد يعزف معظمهم على الالتحاق بمهنة التدريس لأسباب كثيرة في مقدمتها عدم وجود موارد مالية ومزايا ممنوحة لهؤلاء المعلمين مما يجعلهم أقل كثيراً فيما يحصلون عليه من رواتب وما يتمتعون به من مكانة اجتماعية من نظرائهم في مهن أخرى أصبحت لها السيادة في العصر الحالي في حين تراجعت مكانة المعلم إلى الحد الأدنى من السلم الاجتماعي في مختلف دول العالم. وقال براون لـ”الاتحاد”: لقد عملت سنوات طويلة في الجامعات البريطانية وأُدرك جيداً ما يعانيه التعليم من مشكلات لها صبغة عالمية، ولكنني سعيد عندما أرى واقع التعليم في إمارة أبوظبي، هذه الإمارة التي جعلت من التعليم أولوية وطنية في أجندتها حيث استقطبت جامعات عالمية مرموقة للعمل هنا في أبوظبي وهي بذلك تمد جسور التواصل كمركز أساسي وعاصمة متميزة تجمع مثل هذه المؤسسات في ربوعها بل وتفتح أبوابها لالتحاق طلبة من مختلف دول العالم بتلك الجامعات. وأكد أن سعادته كبيرة وهو يستمع من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس أبوظبي للتعليم لخطط وبرامج تطوير التعليم في إمارة أبوظبي وتوظيف تقنيات متطورة في هذا الصدد وتغيير المناهج بما يواكب العصر وغيرها من المعايير التي تستند إليها خطة النهوض بالتعليم وهذا كله بالإضافة إلى إنشاء فروع لجامعات عالمية مثل السوربون، ونيويورك، ومعهد مصدر وغيرها من الجامعات التي ستجد طريقها إلى إمارة أبوظبي لتستكمل بذلك دورها الحضاري في تقديم العلم ضمن شبكة لا تعرف حدود الجغرافيا، ومن هنا فإنني أعتقد أن أبوظبي أصبحت في الفترة الراهنة جسراً حقيقياً للتواصل الحضاري بين الشرق والغرب بل ومختلف دول العالم من خلال هذه الخاصية المتميزة في مجال التعليم. وأوضح براون لـ”الاتحاد” أن أبوظبي وفقاً لما تقدمه من بيئة متميزة في التعليم قد غيّرت المفهوم التقليدي السائد المتمثل في ابتعاث طلبة للدراسة في الخارج وأصبح الأمر حالياً أن أبوظبي هي التي تستقطب الطلبة من الخارج للدراسة في جامعاتها المرموقة. وأكد براون أن دولة الإمارات التي أنعم الله عليها بالموارد المالية والثروات الطبيعية لم تقف عند هذه الموارد ولم تعتبرها قوتها الحقيقية في بناء المستقبل ولكن قيادتها الرشيدة وجدت مواردها وثرواتها الحقيقية في بناء الإنسان، ولا يأتي ذلك إلا من خلال تعليم متطور يواكب العصر. وأكد براون أن التعليم هو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار في المستقبل وأن ما يشهده العالم حالياً من وجود أكثر من 70 مليون طفل لا يجدون فرصة للذهاب إلى المدرسة إنما يمثل “فضيحة” في الألفية الثالثة، ومن هنا ينبغي تضافر جهود جميع الهيئات العالمية من اليونيسكو واليونيسيف والبنك الدولي وغيرهم لعلاج مثل هذه القضايا وإلا فإننا نقدم للمستقبل أجيالاً “غير صالحة” ونفتح أبواب العالم بمختلف دوله على مشاكل لا حدود لها في البيئة والصحة والرعاية الاجتماعية، باختصار شديد بوجود هذا العدد من الأطفال خارج المدارس فإننا “نبني مشاكل قائمة على الازدراء الذي سيلاحقنا في المستقبل”. وقال براون: إن التعليم هو الطريق الوحيد الذي تتمكن من خلاله الدول من القضاء على الفقر وتشجع التنمية وتبني مستقبلها ولذلك فقد فكرت منذ سنوات في إنشاء صندوق عالمي لدعم التعليم، وبالفعل فقد نجح هذا الصندوق خلال الفترة الماضية في تقديم خدمات تعليمية كثيرة في دول ومجتمعات فقيرة ولكنه لا يزال بحاجة ماسة إلى جهود كل إنسان في العالم للوقوف وراء هذا الهدف النبيل، فمن يرى الأطفال وهم في سن البراءة تحاصرهم أسوار الفقر القاسية وتحول بينهم وبين الانطلاق نحو التعليم لا يجد شيئاً يشعر به سوى الألم وأنا أقول “إن العالم خاصة المتقدم منه يجب أن يشعر بأكثر من ذلك تجاه هذه المأساة”. وأشار براون إلى أن العالم المعروف أينشتاين بعد أن سجل منجزاته وابتكاراته العلمية على مدى 60 عاماً لم يجد أفضل من ذلك سوى أن يكتب كتاباً عنوانه “مستقبل التعليم”، وفي هذا الكتاب سجل أينشتاين مخاوفه من أن يتلاشى الدعم اللازم للتعليم وهو ما يجعل الأمية هي السائدة ويحول دون نجاح الشعوب في تحقيق التقدم المنشود. وأكد براون أن تطوير التعليم يجب أن يستند في المقام الأول على حكمة بسيطة تقول “لا يمكن أن نبني المستقبل في صورة الماضي” ومن هنا فإن تطوير التعليم الذي ننشده يجب أن ينطلق من المستقبل مشيراً إلى أنه في الماضي كان معيار قياس تقدم الأمم ورقيها بما تملكه من ثروة وأموال واليوم تغيّرت هذه الصورة وأصبح المعيار الحقيقي هو قوة النظام التعليمي لهذه الأمم وتنوع فرص التعليم وما يرتبط به من مهارات تواكب العصر وتستشرف آفاق المستقبل وتفتح عيون أبناء هذه الأمة على الإبداع. وحذر براون في حديثه لـ”الاتحاد” من خطورة تنامي اتساع الفجوة بين التعليم والتقنيات المتطورة مؤكداً على أن نظم التعليم التقليدية ستجد نفسها عاجزة في المستقبل القريب عن مواكبة التقنية التي أصبحت العمود الفقري في التعليم المتطور، ومن هنا فإن أزمة الدول الفقيرة ستكون مضاعفة في توفير بيئة تعليم تقنية متطورة للأجيال الجديدة. وحدد براون 5 ركائز أساسية للنهوض بالتعليم في مقدمتها: أولاً: إصلاح حال المعلمين، وأساتذة الجامعات في العالم، ومنح مزايا للمتميزين منهم، مؤكداً على أن المعلم هو الشخصية الأكثر تأثيراً في حياة الطالب وبالتالي ينبغي أن نضمن لهذه الشخصية سلامتها المالية والمهنية والنفسية، ثانياً: إصلاح المناهج بحيث يكون المحتوى التعليمي معززاً لقدرات العقل البشري في التفكير والإبداع وتقديم ابتكارات في مختلف المجالات، ولعل تصدر كتاب “الابتكار” للمبيعات في الولايات المتحدة الأميركية هذا العام ما يفسر حاجة العالم لأجيال مبتكرة. ثالثاً: تعزيز التنوع الثقافي في المدرسة والجامعة، رابعاً: منح صلاحيات واستقلال للمدارس، خامساً: تعزيز مفاهيم الحوكمة والشفافية في تقييم الأداء التعليمي. وأكد براون أن تطور التكنولوجيا سينقل أفضل المناهج التعليمية إلى أفقر المناطق في العالم من خلال شبكات الأنترنت حالياً والهواتف الذكية قريباً حيث بدأت جامعات ومدارس كثيرة في استخدام الهواتف الذكية في التعليم عن بُعد. وحذر براون في الوقت ذاته من خطورة تفشي البطالة في بعض دول العالم نتيجة لتدني مستويات التعليم، وأوضح أن هذه القضية سجلت معدلات مخيفة في دول عربية كثيرة مما يحول دون انطلاق هذه الدول بكفاءة مناسبة في الألفية الثالثة، وعصر المعرفة، كما يحرم هذه الدول من القدرة على تدشين مشاريع تنموية. كما أقر براون بوجود مشكلة في ارتفاع تكاليف ورسوم الدراسة في المملكة المتحدة مما يقلل من أعداد الطلبة الذين يقصدون جامعاتها للدراسة وأكد على أن هذه المشكلة تنمو منذ سنوات وهي ترتبط بصورة أساسية بما يشهده التعليم من تطور وما يتطلبه من تكلفة في تغيير البيئة الصفية والتعليمية والإنفاق على البحث العلمي، وهذا كله ينعكس في النهاية على القدرة المالية للطالب سواءً داخل بريطانيا أو هؤلاء الذين يأتون من خارجها، وعموماً فإن بريطانيا لا تزال حتى الآن مقصداً لمئات الآلاف من الطلبة من مختلف أنحاء العالم للدراسة فيها. وقال جوردن براون: إنه على الرغم من ذلك فإنه يجب أن يحدونا التفاؤل نحو المستقبل ولعل قصيدة اللورد تنس الشهيرة حول الإلهام والعزم والإنجاز واكتشاف المواهب في كل شخص هي المحرك الأساس في عملية البحث عن مستقبل مشرق، هذه القصيدة التي قال فيها الشاعر “علينا أن نسعى وأن نجد ولا نخضع وأن نخرج أفضل ما لدى كل منا بحيث نبني عالم أفضل”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©