في صناعة تكنولوجيا المعلومات، غالباً ما تكون أعمار الأجهزة المكتشفة حديثاً قصيرة جداً· لا تتعدى الأشهر القليلة· ولا يكاد يظهر جهاز جديد وينتشر بين الناس، حتى يأتي آخر لينسخه ويسرق سوقه ويلقي به في الظلال· وبعد أن استأثر الكمبيوتر الشخصي بدور بارز في تشكيل الأسس الأولى لحضارة المعلومات منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي، ظهر الكمبيوتر الدفتري أو (اللاب توب) لذي بدأ يستلب دوره ويستولي على عرشه· وظهرت مؤخراً الطلائع الأولى لأجهزة كمبيوتر جديدة وصفها المحلل والتر موسبيرج في مقال نشرنه صحيفة (وول ستريت جورنال) بأنها تقع من حيث تصنيفها، في المسافة الوسطى الواقعة بين أجهزة (آي فون) و(اللاب توب)؛ وهي التي أصبحت تعرف باسم (نيتبوكس) َمُّقًَُُّ أو (حواسيب الدخول إلى الشبكة) لأنها مصممة أساساً باعتبارها أجهزة متخصصة بالإبحار اللاسلكي في مواقع الإنترنت·
ولا يزيد عرض كمبيوتر (نيتبوك) الذي أطلقته شركة آسوس مؤخراً عن 7 بوصات (أقل من 18 سنتيمتراً)، وحددت سعره بمبلغ 300 دولار·
ويتوقع محللون شركات صناعة الكمبيوتر بيع عشرات الملايين من هذه الأجهزة الصغيرة ذات الاستهلاك القليل من الطاقة والقدرة العالية على الإبحار في الإنترنت· وتتميز الكمبيوترات ذات الحجم الصغير بالفعالية العالية في الأداء إلى جانب انخفاض السعر، بما يجعل منها منافساً قوياً للكمبيوتر الشخصي الذي سجل انخفاضاً كبيراً في هوامش أرباحه خلال السنوات القليلة الماضية·
وكانت شركة (إنتيل) الأميركية سباقة إلى استخدام اسم (نيتبوكس) على هذه الأجهزة الصغيرة؛ وهي التي أطلقته لأول مرة في شهر فبراير من العام الجاري 2008 لوصف أجهزة صغيرة الحجم، وقليلة التكلفة، وسريعة الأداء، ومتخصصة بالإبحار في الإنترنت، إلى جانب قدرتها على القيام بكافة وظائف الكمبيوتر الشخصي بما فيها معالجة المعلومات والبيانات والصور·
وتوقع خبراء أن يرتفع عدد أجهزة (نيتبوكس) المطروحة للاستخدام حتى حلول عام 2011 إلى أكثر من 50 مليوناً·
ويفضّل بعضهم تبسيط مفهوم الـ (نيتبوك) بتشبيهه باللاب توب الصغير المصمم لتشغيل وظائف الاتصالات اللاسلكية والإبحار في الإنترنت· ويبلغ متوسط سعر الجهاز 250 دولاراً فقط مما يجعله أرخص بكثير من كل من الكمبيوتر الشخصي واللاب توب، ويزيد من قدرته على منافسة الجهازين معاً· ويرى خبراء أن أجهزة (نيتبوكس) يمكنها أن تهدد أسواق الكمبيوتر الشخصي إلا أنها لن تؤثر كثيراً على أسواق اللاب توب التي تعيش الآن عصرها الذهبي·
ومن المنتظر أن تشهد أسواق النيتبوكس طفرة كبيرة في الأشهر القليلة المقبلة بحيث تباع منها مئات الألوف شهرياً، خاصة أنها تفي بمتطلبات شريحة عريضة من مستخدمي الأجهزة الإلكترونية الذين لا يبتغون منها أكثر من الدخول السريع إلى الشبكة العنكبوتية·
وتعمل عدة شركات متخصصة بصناعة الكمبيوتر على تصغير أحجام الكمبيوترات الشخصية وتخفيض استهلاكها من الطاقة· ومن المنتظر أن تؤدي هذه الجهود إلى ظهور جيل جديد من الكمبيوتر الشخصي الصغير الذي سيحمل اسم (نيت-توب) net-top ويمكن تعريفه ببساطة بأنه كمبيوتر سطح مكتب صغير متخصص بالإبحار في الإنترنت·
وينشغل خبراء شركة غير شهيرة تدعى (شيريل بال) ويوجد مقرها في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا على بناء كمبيوتر سطح مكتب ذي أداء متفوق وبحيث يباع بسعر 300 دولار فقط، ولا تزيد مساحته عن مساحة نصف ورقة طباعة ويستهلك 2 واط من الطاقة الكهربائية فقط بالمقارنة مع 100 واط لبعض أنواع كمبيوترات سطح المكتب· وتعتزم هذه الشركة الاستفادة من تقنية جديدة بالغة التطور تدعى (الحوسبة السحابية) cloud computing التي يتم فيها تخزين المعلومات في خوادم (سيرفرز) بعيدة بطريق لاسلكية بدلاً من تحميلها على ذاكرة الجهاز·
وقالت مصادر خبيرة إن هذه التطورات لابد أن تنعكس سلباً على شركات عملاقة متخصصة بصناعة كمبيوترات سطح المكتب وبرمجياتها مثل (مايكروسوفت) و(هيوليت باكارد) و(إنتيل)·
عن صحيفة (وول ستريت جورنال) و(إنترناشونال هيرالد تريبيون)
عدد اليوم
 المحمولة تستأثر باهتمام المحللين)
