الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مشاركون في مؤتمر «الإمارات للدراسات» يدعون إلى المصارحة من أجل تعايش سلمي بين الحضارات

مشاركون في مؤتمر «الإمارات للدراسات» يدعون إلى المصارحة من أجل تعايش سلمي بين الحضارات
17 مايو 2011 00:06
دعا مشاركون في فعاليات “مؤتمر الإسلام والغرب: حوار حضاري”، الذي ينظّمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالتعاون مع “جامعة مين” الأميركية إلى تبني نهج من المصارحة في الحوار من أجل تحقيق تعايش سلمي بين الحضارات. وكان الدكتور جمال سند السويدي مدير عام المركز قد افتتح أمس، فعاليات المؤتمر الذي يستمر على مدى يومين في “قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان” في مقر المركز في أبوظبي، بحضور جمع غفير من الخبراء والمتخصّصين والإعلاميين. وذلك لتجسير الهوّة بين الشرق والغرب، وبناء حوار قائم على المصارحة من أجل تعايش سلمي مبني على أسس سليمة بين الحضارة الإسلامية والحضارات الغربية. وفي كلمته، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أكّد الدكتور جمال سند السويدي أن المؤتمر يسعى إلى تبادل الأفكار والآراء، وتقديم نقاش مثمر حول موضوع الإسلام والغرب، لافتاً النظر إلى أن هذا الموضوع يعدّ جزءاً لا يتجزأ من جهود المركز الساعية إلى سيادة الحوار وتقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب، وكذلك تحليل التحدّيات التي نواجهها ليس في منطقة الخليج العربي فحسب، وإنما في بقية أنحاء العالم أيضاً، فضلاً عن متابعة القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية كافة لتقديم رؤى واضحة تمكّن صانع القرار من اتخاذ القرارات الصائبة. وأضاف الدكتور السويدي أن التكنولوجيا تلعب دوراً كبيراً ومهماً في فتح قنوات دبلوماسية جديدة بين الشرق والغرب؛ ولذلك ينبغي على العاملين في حقل الدبلوماسية العامة ورجال الثقافة أن يستخدموا تلك القنوات التكنولوجية لتقريب مسافة الحوار بين الشرق والغرب، مبيّناً أن التطورات الكبيرة في مجالات التكنولوجيا و”الإنترنت” والاتصالات الفضائية رغم أنها عملت على تقديم مزيد من التوعية الثقافية لشعوب العالم وجعلت العلاقات مفتوحة بين الجميع، فإنها خدمت مهام الإرهابيين وأهدافهم في نشر العنف والتطرّف من ناحية أخرى، مشيراً إلى أن الإعلام هو الآخر قد استُخدم في الحرب الأيديولوجية بين الشرق والغرب، ما أدّى إلى زعزعة الاستقرار بين الدول. ولفت السويدي النظر إلى أن هناك تاريخاً كبيراً من التفاعل بين الإسلام والعالم الغربي، ولكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 أثّرت سلباً وبشكل كبير في هذا التفاعل، وكذلك في وضع المسلمين في العالم الغربي، حيث وصف الغرب المسلمين بعد تلك الأحداث بأنهم إرهابيون متخلّفون يميلون إلى استخدام العنف. وفي المقابل، قامت جماعات في الشرق باتهام العالم الغربي باضطهاد الإسلام والمسلمين، ومن ثم بدأت مسافة الحوار تتباعد بين الإسلام والغرب، ومن ثم ظهرت مفاهيم الصراع والعنف. وشدّد السويدي على ضرورة وجود أرضية ثقافية مشتركة بين الشرق والغرب من أجل عودة الحوار من جديد بين الحضارة الإسلامية والحضارات الغربية. مؤكّداً أهميّة قيام الحكومات بتقديم صور إيجابية في ما يتعلق بالتسامح، وتقبّل الثقافات الأخرى، وقبول الآخر. وقال “الإسلام ليس هو العدو للغرب.. كما أن التطرّف موجود في جميع مناطق العالم”. الإمارات نموذج للتسامح وفي الجلسة ذاتها، ألقى السفير تشارلز فريمان، سفير الولايات المتحدة الأميركية الأسبق لدى المملكة العربية السعودية، الرئيس الأسبق لـ “مجلس سياسة الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأميركية”، الكلمة الرئيسة لليوم الأول، التي أشار فيها إلى أن دولة الإمارات تحتفظ بمخزونٍ كبيرٍ لا يمكن الاستهانة به من روح التسامح والحوار مع الآخر منذ بداية نشأة الدولة حتى الآن، لافتاً النظر إلى أن مبادئ التسامح وروح الحوار في دولة الإمارات مستمدّة من فكر المغفور له - بإذن الله تعالى - الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله - الذي أسّس الدولة على مبادئ وقيم عظيمة تقوم على احترام الديانات الأخرى، وكذلك احترام الأعراف الإنسانية. وأضاف “ان مفهوم التسامح جزء لا يتجزّأ من الإسلام”. وأوضح فريمان أن هذا المؤتمر يفتح بوابة جديدة لعودة الحوار بين الحضارة الإسلامية والحضارات الغربية، مشيراً إلى أن الحوار والثقة المتبادلة بين الشعوب والحضارات المختلفة هما اللذان سيغيّران الصورة الخطأ التي أحدثها أسامة بن لادن في العالم عن الإسلام، وأنه لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم دون ترسيخ مبادئ التعايش السلمي القائم على مفهومي “الحوار والثقة المتبادلة” بين الشرق والغرب. وحول مقتل زعيم تنظيم “القاعدة”، أسامة بن لادن، قال فريمان “أسامة بن لادن قتل، وترك العالم أسوأ بكثير مما كان عليه من قبل.. ابن لادن شوّه صورة الإسلام وأضرّ بالمسلمين كثيراً في العالم”. الموروث التاريخي شهدت الجلسة الأولى للمؤتمر، التي حملت عنوان “دور الموروث التاريخي في الحوار الحضاري”، ورأسها الأستاذ عبدالله السويدي مدير “إدارة الدراسات الاستراتيجية” في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، نقاشاً حول تاريخ الإسلام في الغرب، حيث تحدّث الباحث إجناسيو دي تيران، أستاذ اللغة العربية والإسلام في “جامعة مدريد” المستقلة في مملكة إسبانيا، عن دور التاريخ والأيديولوجيا عبر الثقافات، وعن النموذج الأندلسي، وسبل توظيفه لتفعيل الحوار الإسلامي -المسيحي الحديث. وعرض الباحث سبل تدعيم مساعي التقارب بين المجتمعات الإسلامية الشرقية والمسيحية الغربية عن طريق استعادة النموذج الأندلسي، وتوظيف جوانبه الأكثر حداثة وفعالية في الإطار العلمي للمسألة. وقال “لا شكّ في أن أجواء التسامح والتعايش السلمي التي تميّزت بها التجربتان السياسية والاجتماعية في شبه الجزيرة الأيبيرية أثناء فترة زمنية غير وجيزة، تمثل نماذج يمكن الاحتذاء بها في سبيل التأسيس لمسيرة حوارية ثنائية تتعامل مع مشروع الحوار من وجهة نظر عملية مثمرة”، مضيفاً أن “الصورة الحقيقية لطبيعة الثقافات الثلاث في الأندلس ما زالت تثير نقاشات وجدالات عدّة في إسبانيا وأوروبا على حدّ سواء، إذ تصرّ بعض الفئات المتشكّكة أصلاً في مسيرة التلاقي الديني الحضاري، بحسب الباحث، على تجريد تلك الحقبة بالغة الأهميّة لتشكيل الهوية الأوروبية الراهنة من صفاتها الإيجابية البنّاءة، ورفض الأسطورة الأندلسية المصطنعة، في نظرهم، لأغراض مشبوهة تستهدف تبرير حوار ديني حضاري بين مجموعتين دينيتين لا يمكن التوافق بينهما” على حدّ قولهم. من جانبه، تطرّق الدكتور أحمد علي سالم أستاذ الفكر الإسلامي في جامعة زايد إلى مناقشة رؤى المسلمين لمواقف الغرب من وحدتهم، وأثرها في علاقاتهم به سياسياً وفكرياً، سلباً وإيجاباً، من الدولة العثمانية إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، موضّحاً أن قضية وحدة الأمة الإسلامية ظلت قضية بارزة في الفكر الإسلامي، وشغلاً شاغلاً للمسلمين منذ أول شقاق دبّ بينهم في نهاية عهد الخلفاء الراشدين. ولفت الدكتور سالم النظر إلى أنه رغم اتفاق المسلمين على ضرورة وحدتهم، فإن هذه الوحدة ظلت تواجه تحدّيات خطرة منذ أن تفرّق المسلمون إلى شيعٍ وجماعات وضمّتهم كيانات سياسية مختلفة، كان أهمّها -في العصر الحديث- الدولة العثمانية التي ظلّت ترفع شعار الخلافة حتى سقوطها، مبيّناً أن محاولات إعادة الخلافة، أو جمع الدول المسلمة في تنظيم دولي واحد، أو حتى عقد اجتماع لزعماء الدول الإسلامية لمناقشة قضايا أمتهم، لم تنجح حتى حريق المسجد الأقصى عام 1969. وأشار سالم إلى أنه نظراً إلى أهمية الوحدة الإسلامية التي باتت أيديولوجيا يدعو إليها كثير من المفكّرين المسلمين في العصر الحديث، فإن رؤى المسلمين لمواقف القوى الخارجية من هذه القضية الحسّاسة ظلت عاملاً مهماً في صياغة مواقف المسلمين من تلك القوى، وعلى رأسها الغرب الذي فاق غيره من القوى الخارجية في كثافة تفاعلاته مع الأمة الإسلامية، سواء كانت تلك التفاعلات صراعية أو تعاونية. وقال الدكتور سالم إنه لا يوجد هناك تناقض حتمي بين وحدة المسلمين وعلاقتهم الإيجابية مع الغرب، مضيفاً أنه ينبغي على دعاة الحوار الحضاري بين المسلمين والغرب الانتباه إلى حساسية قضية الوحدة بين المسلمين، وبناء أساس قوي لنجاح ذلك الحوار. إشكالات عدة وفي ختام الجلسة الأولى، تطرّق الدكتور حسن حنفي أستاذ ورئيس قسم الفلسفة في جامعة القاهرة في جمهورية مصر العربية إلى مناقشة الإشكال النظري بين الإسلام والغرب، كما بحث في “دور التطورات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في الحوار بين الإسلام والغرب”. وأشار الدكتور حنفي إلى أن ذلك الإشكال بين الإسلام والغرب يلقى رواجاً في الإعلام بعد انتشار الإسلام في أوروبا والهجرة العربية إلى الشمال من أفريقيا، والهجرة الإسلامية إلى الغرب من آسيا حتى أصبح الإسلام الدين الثاني في أوروبا بعد المسيحية وقبل اليهودية، موضّحاً أن هناك إشكالات عدة أُثيرت في ذلك الخصوص مثل العزلة أو الاندماج بالنسبة إلى المسلمين، والهوية والغيرية بالنسبية إلى الغربيين، مبيّناً أنه بازدياد شدة اليمين العنصري الغربي يشتد العداء للمسلمين والإسلام “الإسلاموفوبيا” متمثلة في الرسوم الساخرة من الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - في الدنمارك، وحرق القرآن الكريم في الولايات المتحدة الأميركية، وقتل المسلمة المحجبة في ألمانيا، وغير ذلك من المؤشرات والدلالات. وذكر الدكتور حنفي أن ذلك الموضوع ليس جديداً، إنما هو موضوع قديم اتخذ أشكالاً متعددة، مثل الصراع بين الفرس والروم، والفتوحات الإسلامية، والحروب الصليبية، والاستعمار الحديث، والعولمة، وحركات التحرر الوطني، والنهضة الإسلامية الحديثة. مشيراً إلى أن هناك صوراً عدّة نقيضة للغرب قد تكونت في الذهن العربي المعاصر، مثل التوحيد بينه وبين المادية والإلحاد والانحلال والعنصرية والعدوانية، كما تم تهميش صور العقل والعلم وحقوق الإنسان، والحرية والعدالة الاجتماعية، رغم كونها قيماً مضيئة طالما أغرت العلمانيين العرب. وتساءل حنفي عن ماهية الصراع الآن: هل هو صراع أم حوار؟ وأي نموذج يبدو أكثر احتمالاً في المستقبل؟ هل يمكن أن يوجد نموذج حوار الحضارات في مقابل نموذج صراع الحضارات؟ هل أوروبا جغرافياً محدودة بحدود البحر الأبيض المتوسط من الجنوب، أم هي ثقافة مفتوحة نحوه؟ هل البحر الأبيض المتوسط فاصل بين الضفتين، شماله الأوروبي وجنوبه العربي، شرقه العربي وغربه الأوروبي، أم أنه جامع بين ضفافه الأربع؟ هل يوجد اليهود في دولة قومية على نمط القرن التاسع عشر في شرق المتوسط أم يوجدون في الوطن العربي شمال المتوسط وجنوبه، شرقه وغربه، كما كانوا في الأندلس والمغرب العربي ومصر والعراق جزءاً من الثقافة العربية؟ الحوار الحضاري والوضع الراهن في الجلسة الثانية للمؤتمر التي رأسها الدكتور سيف راشد الجابري مدير إدارة البحوث في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، تم التطرق إلى مفهوم “الحوار الحضاري والوضع الراهن”، حيث قدّم الدكتور صالح النصيرات الأستاذ المساعد في اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة “الحصن” في دولة الإمارات، في ورقته البحثية “وسائل الإعلام الغربية من وجهة نظر العالم الإسلامي”، نظرة تحليلية لطبيعة الخطاب الذي يقدم في وسائل الإعلام الأميركية عن العالم الإسلامي، والآثار المترتبة على هذا الخطاب في العلاقات بين أميركا والعالم الإسلامي، موضّحاً أن وسائل الإعلام بتجلياتها وأنواعها المختلفة قد أصبحت اليوم مصدراً مهماً في تشكيل الرؤى والتوجهات والأفكار، بل أكثر من ذلك، أنها تسهم اليوم، بحسب وصفه، في تشكيل عالم جديد، سياسياً وثقافياً واجتماعياً، مؤكداً أن من الضروري النظر في ما تقدّمه هذه الوسائل من أفكار وتوجهات، وما يترتب على ذلك من علاقات بين - أممية، قد تساعد على إيجاد عالم أكثر تسامحاً وتفهماً للآخر، أو العكس، بالتركيز على جوانب الاختلاف مع الآخر. وذكر النصيرات أن العالم الإسلامي على وجه التحديد، وهو عالم متعدد الثقافات والتوجهات، قد أصبح هدفاً واضحاً لكثير من وسائل الإعلام الغربية التي يحاول بعضها فهم هذا العالم وتقديم رؤية عن العالم الإسلامي. وبيّن النصيرات أنه توجد في الغرب اليوم وجهات نظر متعددة في ما يخص العالم الإسلامي، حيث إن المؤسسات الثقافية والاجتماعية وحتى الأحزاب السياسية تستخدم وسائل الإعلام لفهم العالم الإسلامي، ومن ثم تقديم هذا الفهم إلى المواطن الغربي، موضّحاً أن تلك التوجهات قد تصيب في هذا الفهم فتسهم في تصحيح النظرة وبناء ثقافة تؤمن بالحوار مع الآخر، أوقد تخطئ، فتنتج خطاباً مغايراً للواقع ما يؤدي إلى سوء فهم لذلك الواقع. التصورات الخاطئة تحدثت الدكتورة ميلاني ماك أليستر أستاذ مساعد في الدراسات الأميركية والشؤون الدولية والإعلام والشؤون العامة في جامعة «جورج واشنطن» في الولايات المتحدة الأميركية، عن التصورات الخطأ في وسائل الإعلام من منظور الغرب. كما ناقش الدكتور مصطفى بيومي الأستاذ المشارك للغة الإنجليزية في «كلية بروكلين» في “جامعة مدينة نيويورك” في الولايات المتحدة الأميركية، في ورقته البحثية مفهوم المواطنة والاندماج، وتحدث عن كيفية تقدم الأقليات المسلمة في العالم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكيف حصلت على حقوقها المدنية في الولايات المتحدة. وأوضح أن المسلمين الأميركيين أحرزوا تقدّماً كبيراً في القبول والاعتراف الاجتماعي والثقافي والسياسي من قبل غير المسلمين هناك، ولكنهم في الوقت نفسه يواجَهون بمستويات متصاعدة من المخاوف من قبل الكثيرين.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©