الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

دروس في مونديال الروس

21 يونيو 2018 23:33
في الوقت الذي يتمتع فيه العالم بالساحرة المستديرة عبر مونديال روسيا بحضور جماهيري خيالي، مازال بعض المسؤولين عندنا يلهثون صباحاً مساءً لاتخاذ قرارات منع الفرجة على الجمهور، وحرمان الأندية من المساندة، والقضاء على دابر المتعة، وقتل ما تبقى من كل نفس تتوق إلى نسيان المتاعب بالذهاب إلى الملاعب.. وإلا بماذا نفسر قرار خوض المباريات دون حضور الجماهير، بدعوى أن جماهير الكرة تفسد علينا أعراسنا، وتزرع عوض الحب أعواداً رقيقة للحقد والكراهية والجهويات وعمى الألوان، بما يفرق الأحباء ويزيد في عدد الأعداء.. فهل نسي هؤلاء أن اللّه بعثنا أحراراً، مثل النسيم وضحك الأطفال، وهلاّ أدرك هؤلاء أن الجماهير الكروية أكبر من أن يسجنها أي كان في زريبة الخوف، ثم ألم يدرك الذين وضعوا هذا القانون أن المفاهيم ـ بعد الربيع العربي ـ انقلبت 180 درجة، وأن الجمهور العريض أدرك بما لا يدع مجالاً للشك أن الذين يضعون هذه القوانين لا يفقهون شيئاً في قانون اللعبة، ولا يحترمون أيضاً قانون اللعبة، ويرفضون حتى الالتجاء إلى الوقت البديل، رغم علمهم المسبق بأن الأحوال صعبة. اليوم علينا أن نفاخر أننا أبناء الكرة، وأبناء الملاعب طالما نحن نبني ولا نهدم، وطالما نحن لا نلتف حول رقبة هذا البلد مثل حبل المشنقة، ونهدّد حياته مثل كرسي الكهرباء.. واليوم علينا أن نعترف أيضاً أننا أصبحنا خارج اللعبة، لأنها صارت قبيحة وغير مريحة، وغابت فيها الروح الرياضية وانعدم فيها الوفاق وضاع الوفاء والإخاء وتلطخت أطرافها بالدماء.. اليوم علينا أن نؤمن بحق أننا - نحن فقط - نحب البلد كما لا يحبه أحد، وأن الذين غيّبوا الجمهور عن لعبته المفضلة في أغلب مباريات الموسم الكروي في تونس أو مصر أو ليبيا والجزائر في محاولة لدفعنا إلى هوة اليأس إنما هم يتوهمون، لأنهم بكل بساطة يضعون قطعة الثلج في إناء يغلي غليان المرجل، وهم بمثل هذه القرارات يحولون شعب الكرة المفعم بالأمل اللامحدود إلى ما يشبه القنبلة اليدوية أو إلى توربيد انطلق، ولم يصل بعد إلى هدفه المنشود. كلمة وحيدة أقولها لكل مسؤول لا يفكر إلا في قطع دابر الجمهور بمجرّد أن يشتعل «شمروخ» في المدارج.. إن الفرجة لا تكتمل إلا بهؤلاء، وإن الكرة لن يكون لها لون ولا طعم ولا رائحة إلا بهؤلاء وإن شمس الحق ستشرق يوماً ولو من ثقب إبرة ليغطي نورها المكان.. كل المكان الكبير الذي أفرغتم محتواه من الجماهير. على جناح الأمل أتمنى من خلال الوقوف على إعداد جماهير المونديال أن يتعلم بعض مسؤولينا كيفية التحاور مع هؤلاء عند أبواب الدخول وانتهاء المباريات فالمونديال فيه عديد الدروس بشرط ألا يكتفي بعضنا بالتمتع بجمال الروس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©