الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أقليات أوروبا: متى يأتي أوباما الفرنسي؟

أقليات أوروبا: متى يأتي أوباما الفرنسي؟
15 نوفمبر 2008 02:23
ربما يكون انتخاب باراك أوباما قد أحدث تغييراً في رأي العالم حول أميركا، لكنه بالنسبة للعرب والأفارقة في أوروبا أكثر من ذلك بكثير، فهو شخصية تحررية سيساعدهم نجاحها وحركيتها الاجتماعية يوماً ما على فتح الأبواب الموصدة· ففي أحياء السود في باريس، وصالونات الحلاقة، والمحلات التجارية الأفريقية، ومحطات النقل البري المزدحمة، ومحال البقالة··· يسود شعور فرح عميق بانتخاب أوباما، مما ولّد إحساساً لدى الأقليات هناك بأن الوقت قد حان للمطالبة بالمزيد· وفي هذا الإطار يقول ''باب نضاي'' الذي يعمل في ''مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية'' في باريس: ''لقد أعاد لنا أوباما الثقة في الحلم الأميركي، لكن هذه الانتخابات لها أيضاً تأثير اجتماعي مباشر في فرنسا لأن الشباب السود يعتقدون أن ذلك ممكن في الولايات المتحدة، أما هنا فلم يصبح ممكناً بعد''· ويضيف قائلاً: ''لقد وضع أوباما النظام السياسي في فرنسا في وضع صعب· فاليوم يتم النظر في النظام المغلق، وقد حان الأوان للتغيير''·غير أن أوروبيين قلائل فقط يعتقدون أنه من الممكن انتخاب شخص ينحدر من إحدى الأقليات لمنصب رسمي عال في المستقبل القريب في هذه البلدان· كما يُبرز مثال أوباما تبايناً حاداً بين المثل والواقع بخصوص ما يمكن لشاب أفريقي أو عربي في أوروبا أن يطمح إليه كمشارك في الحياة السياسية· لقد خلق صعود أوباما خطاباً جديداً يركز على القدرات هنا، وليس العرق أو البشرة كأساس للتغيير· ففي حي ''شاتو غوج'' ذي الأغلبية السوداء بباريس، يقدم ''ريج ووكر''، وهو شاب غاني، رأياً يتكرر كثيراً هنا: ''يعتقد البيض أن السود لا يمكنهم تحقيق الكثير، وأننا نملك عقلية سوداء لا ترقى لمستوى عقليتهم، لكن امنحونا الفرصة، وسنثبت لكم العكس· إن ما تُظهره أميركا اليوم هو أن البيض يقبلون التصويت لرجل أسود كي يشغل أعلى منصب في الدولة· ويُظهر أوباما أن تلك القدرات لا علاقة لها بالبشرة''· طالما شكلت أوروبا، وخاصة فرنسا، ملجأً للمهاجرين، وطالمما كانت باريس ملاذاً للمثقفين والفنانين الأميركيين السود، غير أن الأمر كان يتعلق دائماً بحرية ثقافية وليست سياسية، وقد عرفتْ عصرها الذهبي قبل أن يبدأ السود والعرب في تشكيل جالية كبيرة تمثل اليوم ما بين 10 و15% من سكان فرنسا البالغ عددهم 63 مليون نسمة· وحالياً، يوجد الأفارقة في القطاعات التجارية والأكاديمية والمهنية، لكنك لا تكاد تجدهم في المجال السياسي، فالبرلمان الفرنسي مثلاً والبالغ عدد مقاعده 911 مقعداً لا يضم من السود غير ثلاثة أعضاء، اثنين في مجلس الشيوخ وواحد في مجلس النواب· وقد أظهر استطلاع للرأي أُجري قبل أيام من الانتخابات الأميركية أن 80% من الفرنسيين مستعدون للتصويت لمرشح رئاسي أسود، لكن 47% فقط يعتقدون أنه بمقدور مثل هذا المرشح الفوز في الانتخابات· وتقول فضيلة عمارة، كاتبة الدولة المكلفة بالسياسة الحضرية وواحدة من ثلاث نسوة مسلمات في حكومة ساركوزي: ''إن الجمهور مستعد لرئيس أسود (في فرنسا) لكن الأحزاب السياسية أقل استعداداً''· ومن جانبه، يقول نضاي: ''لا يوجد نشاط سياسي على مستوى القاعدة بالنسبة للأفارقة· وبالتالي فما نفتقر إليه هو طبقة كثيفة من الساسة المنحدرين من الأقليات في المدن الصغيرة، لكن المسؤولين المحليين لا يشجعون هذا الأمر والبيانات المتعلقة بحجم المشاركة تظل مخيبة للآمال· لا يوجد أوباما فرنسي''· أما في ألمانيا، فإن الوضع مختلف، ذلك أن الدماء الألمانية طالما كانت أحد المعايير لدخول الحياة السياسية، وإن كانت حكومة المستشارة أنجيلا ميركل الائتلافية تتزعم حالياً التغيير· فقبل عشر سنوات مضت، كان الألمان من أصول أجنبية غائبين عن الساحة السياسية، أما اليوم، فإن البونديستاج (البرلمان) البالغ عدد مقاعــــده 612 لا يضـــم منهم غير 11 ممثلاً· وبعد أحداث الشغب التي شارك فيها شباب الأقليات في الضواحي الفرنسية عام ،2005 أُنشئت مجموعات ضغط جديدة ومواقع إنترنت، وفُتح مجال أكبر أمام النقاشات· كما قام الرئيس نيكولا ساركوزي بتعيين ثلاث نساء مسلمات في حكومته بعد انتخابه في ،2007 وهو مؤشر كبير على التغيير· ومن جانبها، بدأت هولندا تشهد انتخاب مزيد من الشخصيات المنحدرة من الأقليات، حيث انتخبت مدينة روتردام في أكتوبر الماضي المغربي أحمد أبوطالب عمدة لها· وفي ألمانيا، يتوقع أن يصبح جيم أوزدمير الذي ينحدر من أصل تركي رئيس الحزب الأخضر بالمشاركة· غير أن المبادرات بعد أحداث شغب الضواحي الفرنسية باتت أكثر رصانة، ففي الخامس من نوفمبر، أي بعد يوم واحد من انتخاب أوباما، ذهب ''المجلس التمثيلي لجمعيات السود'' (كران) بزعامة باتريك لوزي إلى قصر الإيليزي لتقديم رسالة للرئيس ساركوزي حول ''حاجة السود الملحة والعاجلة للمساواة في فرنسا''· أما في ألمانيا، حيث حضر نحو 250000 شخص خطاباً لأوباما في الخامس عشر من يوليو الماضي، فإن رمزية انتخابه باتت واضحة وملحوظة· فبعد سنوات من رفض مشاركة غير الألمان، اعترفت برلين رسمياً، في ،2005 بأن ألمانيا بلد هجرة· وفي هذا الإطار يقول ''نيهات سورجيتش'' من مؤسسة ''بيلدونجزفيرك'' التي تُدرب الشباب التركي في حي ''كرويزبرج'' في برلين: ''لقد اكتشف الناس الإمكانيات الاجتماعية والاقتصادية الهائلة التي يمتلكها المهاجرون، وقد أُنجز الكثير خلال السنوات القليلة الماضية، فانفتحت ألمانيا نسبياً، ومن المؤكد أن فوز أوباما سيشجع المجتمع أكثر على الانفتاح''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©