الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميزانية الأزمة!

15 نوفمبر 2008 02:25
بدأ الإعداد لميزانية السودان لعام 2009 في جو من القلق والتخوف من آثار الأزمة المالية العالمية والكساد الاقتصادي شبه العام، لهذا فقد رأى وزير المالية والاقتصاد السوداني أن يبدأ بالتشاور مع الكتل البرلمانية قبل طرح مشروع الميزانية الجديدة على مجلس الوزراء، وهذا نهج حميد إذا التزمت السلطة التنفيذية بما يطرحه النواب من نقاط الضعف والقوة في الموقف الاقتصادي السوداني· وأول ما يشكو منه النواب، بل وأغلبية قطاعات الشعب، هو الخلل الأساسي في الميزانية باعتمادها على الضرائب غير المباشرة، وللتدليل على ذلك نشير إلى أن الإيرادات العامة -باستثناء البترول كانت في عام ،2000 حوالي 1,8 مليار جنيه فقفزت في العام الجاري إلى 10,2 مليار جنيه- هي في جلها حصيلة الضرائب غير المباشرة· ويرى المراقبون أن من آثار هذا الوضع أن نسبة المواطنين الذين انحدر مستواهم إلى خط الفقر بلغ الآن نحو 90؟، كذلك يعتقد أن نظام الخصخصة الذي يطبق بصورة غير منضبطة وبعجلة غير مبررة قد كان واحداً من أسباب التدهور العام، ومن آثار تلك السياسات أن ارتفعت معدلات البطالة التي وصلت حتى بين خريجي الجامعات إلى ما يقدر بنحو 70%، أما التضخم فكان في يناير 2007 عند مستوى 13,8%، ثم ارتفع في فبراير إلى 17,2%، وقفز في مارس إلى 20,6%، وهو الآن يزحف نحو نسبة 30%، وفي ذات الوقت ارتفع دين السودان الخارجي في بضع سنوات من 12 مليار دولار إلى 31,1 مليار دولار· لقد اعترف وزير المالية، وهو يخاطب النواب، بأن الأزمة المالية سيكون لها أثرها على السودان، لأن الكساد -حسبما قال- أصاب الجميع، وعلى رأس ذلك تدنت أسعار البترول، ولهذا فإن الموازنة العامة ستكون عاجزة، أي أن الدخل المتوقع سيكون أقل من النفقات· ولهذا فإن المواطنين يتخوفون من أن الحكومة ستلجأ إلى نفس الأسلوب السابق وهو زيادة الضرائب غير المباشرة التي لا يعاني من آثارها إلاّ الفئات ذات الدخل المحدود· إن أكثر من كتلة واحدة من الكتل البرلمانية قد أعربت للوزير عن رفضها لزيادة الضرائب في الموازنة القادمة، وانضم لهؤلاء النواب الذين يمثلون الحركة الشعبية لتحرير السودان (الجنوب)، وقد طالبت الحركة الشعبية بالانتقال من النفط وحده إلى تنمية القطاع الزراعي والحيواني مع ترشيد كامل وجاد للإنفاق· وقضية ترشيد الإنفاق الحكومي، بل وإعادة النظر في الهيكلة العامة، تعد في مقدمة ما يطالب به بعض النواب وقطاعات متعددة من المواطنين· هناك في بنود النفقات الحكومية ما تتحتم إعادة النظر فيه بصورة جذرية، من ذلك النفقات على الحكم الفيدرالي، وهناك وظائف وامتيازات شاغلي المناصب الدستورية، وقبل هذا وذاك الإنفاق الكبير على أجهزة الأمن المدنية والقوات المسلحة والقطاع السيادي· وقد ظل الإنفاق على الأجهزة الأمنية يتصاعد كل عام حتى كان له أثر خطير على القطاعات التي تهم المواطنين وعلى رأسها قطاعا التعليم والصحة· شاهد القول أن السودان يواجه وضعــاً لا يسر، وعليه فإن ميزانية عام ،2009 إن لم تأت بنظرة أكثر واقعية وتقديراً لأحـــوال المواطنين، فـــإن الخلل سيتواصل وتزداد الأزمة حِدة· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©