الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوحدة القاتلة

الوحدة القاتلة
5 يناير 2009 01:29
إنني فتاة جامعية على مشارف الثلاثين من العمر، يقولون عني أنني جميلة جدا، ولعلي كذلك، لكنني طيبة القلب، وأنتمى إلى أسرة متوسطة الحال، ومحافظة إلى حد كبير، ولديّ شقيقان وشقيقة واحدة، أنا الثانية بينهم، وقد سافر والدي وهو في بداية العقد الخامس إلى دولة خليجية للعمل، واصطحب معه الأسرة حيث تعمل والدتي أيضاً في وظيفة محترمة، وعدت إلى بلدي حيث أنهيت دراستي الجامعية، وعدت ثانية للإقامة مع الأسرة هناك· حاولت أن أعمل بوظيفة جيدة في بلدي، إلا أن طموحي الكبير كان أكبر من ذلك· وكثيراً ما راودني حلم كبير أن أرتبط أو أقيم علاقة مع أحد الشخصيات المرموقة، أو أحد الأشخاص المقتدرين مادياً ولديهم وظيفة كبيرة، ولم لا، فأنا أتمتع بمواهب جيدة، وأظن أنني أتمتع بقدر كبير من الجمال والمواصفات التي يرغبها ويفضلها كل رجل، وقادرة على لفت إنتباه الآخرين بهذا الجمال· إنني كثيراً ما أرى فتيات أقل مني مؤهلاً وجمالاً ومظهراً، وقادرات في الوقت نفسه إلى إقامة علاقات ناجحة، والارتباط بأشخاص لهم وضعهم المالي والاجتماعي، واستطعن أن يبنين ثروة ومكاسب كثيرة من وراء ذلك، وعلى الأقل الارتباط بهم عن طريق الزواج، في الوقت الذي رفضت فيه شباباً في مواقع وظيفية جيدة، ويتوفر بهم كل مقومات الحياة الكريمة، إلا أنني كنت أرفض بسبب طموحاتي الزائدة، وحلمي الكبير بالارتباط برجل مهم أياَ كان وضعه، مما سبب لي مشاكل كثيرة مع أسرتي· المشكلة أنني تعودت منذ بداية مراهقتي على الظهور بمظهر جيد، وأرتدي أجمل الملابس والفساتين· وأبدو متحررة كثيراً· وغالباً ما أرتدي ملابسي بشكل يلفت الانتباه إلى جمال قوامي، وأكون سعيدة جداً أن أبدو هكذا في عيون الآخرين، أو عندما أشعر باهتمامهم، وكثيراً ما تعرضت بطبيعة الحال إلى محاولات البعض لاقامة علاقة من نوع ما، أو علاقة مؤقتة عابرة، أو نظرات ومحاولات الطمع في جمالي، وكثيرآً ما عرضت عليّ الهدايا والفرص والأشياء الأخرى، لكن في حقيقة الأمر أنني كنت أسير في بعض هذه الطرق بحذر على أمل تحقيق مكسب ما، أو الالتحاق بوظيفة جيدة، أو الفوز بأحدهم في النهاية دون أن أفرط بنفسي تماماً، وعندما اكتشف حقيقة رغبات هؤلاء الحقيقية مني أثير المشاكل، وأحاول أن أثبت أنني لست الفتاة السهلة الرخيصة، وبالطبع أكتشف ابتعاد كل هؤلاء عني، ومن ثم أخسر ودهم، وكثيراً ما كان ينسج المرضى منهم قصصاً وهمية حول ما حققوه معي، وأصبحت سيرتي وسمعتي على كل لسان، وتطاردني في كل مكان أذهب إليه، وأفشل في الالتحاق بأي عمل أسعى إليه، وأجد من كانوا يحاولون كسب ودي· يحاولون التهرب من الاتصال بي أو حتى الرد على تليفوناتي أو مقابلتي في مكان عام· فشلت في أن ألتحق بوظيفة محترمة تتناسب مع مؤهلي، وفشلت في تكوين علاقات اجتماعية ايجاببية مع الآخرين، وفشلت في الفوز بأحد الرجال المهمين ذي المكانة والشأن، وفشلت في الارتباط بأي شاب مناسب، فالجميع من حولي فقد الثقة بي، وكون نظرة سلبية عن أخلاقياتي، حتى الفتيات القريبات مني ابتعدن عني، وان كنت أفسر ذلك بغيرتهن مني ومن مالي، وأحزن كثيراً أن أجد أن البعض منهن قد حقق كثيراً مما كنت أسعى إليه· حتى أسرتي، زادت مشاكلي معها، وكثيراً ما أحيك القصص والروايات التي يصدقونها، وسئموا من وضعي وطموحاتي، ونشبت مشاكل كثيرة معهم، وكثيراً ما قررت أن أترك البيت، ولكن أين أذهب؟ أشعر بالوحدة القاتلة ولا أعرف كيف أواجه فشلي بعد فوات الأوان؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©