الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصص شعبية تجعل من البحر مأوى لقوى الشر

قصص شعبية تجعل من البحر مأوى لقوى الشر
31 يوليو 2010 21:00
تقول الحكاية عن “سلامة وبناتها” إن سلامة كانت زوجة صياد ظالم شديد القسوة، رزقها الله ثلاث بنات جميلات، وكان الصياد يضربها وبناتها كل يوم، فلما يئست المرأة من إصلاحه هددته بأنها ستخبر شيخ القبيلة. خاف الصياد على مكانته فحمل زوجته وبناته وألقاهن في وسط البحر، و”بمعجزة” تحولت المرأة إلى جبل شامخ تحيط به ثلاثة جبال صغيرة هن بناتها، وأخذن ينتقمن من كل البحارة بإغراق مراكبهم عبر جنّيّة ضخمة شرسة تسكن قاع البحر، فإذا شاهدت سفينة مقبلة، ثارت ودارت على نفسها، لتكون أمواجا هائلة تبتلع السفينة. و”سلامة وبناتها” ليست إلا واحدة من “الخراريف”، أي الأساطير في الأدب الشعبي الإماراتي، وهي من كلمة خرافة الفصيحة، وكانت عادة وسيلة الجدات للترويح عن الأحفاد كل مساء. والواقع أن البحر سكن قصص الجدات وحكاياتهن المسائية لأسباب كثيرة، فهو المجهول الذي لا يمكن للنساء عادة التعامل معه، وهو الذي يحمل الرجال كل صيف إلى الجهات الأخرى من الدنيا مثل الهند وزنجبار والكويت والبحرين، هو أيضا المرعب الذي لا يؤتمن سكوته وصمته، ويجب أن يبقى الصغار بعيدين عنه. وفي الصيف، تنتعش حكايات البحر في ذاكرة الجدات، ليجتمعن بعد المغرب مع الصغار، وتخبرهم “الخروفة” حتى يحين موعد العشاء، بعده يتناولون عشاءهم ليناموا، وعادة ما تهيئ الجدة الصغار قبل “الخروفة” بمطلع بسيط إما شعريا أو نثريا ينتهي بالصلاة على النبي الكريم، لتبدأ بعده الحكاية. ومن القصص التي تداولها باحثون في التراث الإماراتي وارتبطت ارتباطا وثيقا بالبحر قصة “بو درياه” التي قال عنها الباحث عبدالعزيز المسلم “حكاية “بو درياه” من ضمن الخرافات المنتشرة عند سكان المدن الساحلية وتحديدا عند أهل البحر، وهي كلمة فارسية من شقين بابا وتعني أبو ودرياه وتعني البحر”. ويروي أهل البحر أن بابا درياه، وهو من الجن كان يتسلل إلى مراكبهم في الفترة ما بين صلاة العشاء وأذان الفجر ويختطف أحد البحارة ليأكله ويعبث في السفينة ليتلفها فتغرق، لذا فإنهم يجعلون في كل سفينة نوبة للحراسة بها اثنان أوأكثر. أما الرواية الأخرى فتقول إنه كائن خرافي يعيش في البحر، قيل إنه كان يظهر على شكل إنسان مخيف الشكل، يسمعون صياحه في البحر وكأنه غريق فإذا أنقذوه سرق طعامهم وربما أتلف شيئا في السفينة. وهذه “الخروفة” البحرية أيضا، وتخبر عن أهوال البحر، وربما ابتكرتها العقول المحلية لصرف الصغار عن الولع بالبحر أو الرغبة بمرافقة آبائهم المسافرين، أو ربما لتذكير البحارة بأن التكاتف لمواجهة الشر هو الذي يقضي عليه. ومن الخراريف البحرية الموجهة للنساء، تأتي خروفة “خطاف رفاي” وهو خاطف النساء البحري، يظهر على هيئة زورق له عدة أشرعة، أطرافه طويلة تلحق ضحاياه من البحر إلى البر، فيختطف النساء اللواتي يخرجن ليلا من بيوتهن. وهذه الخروفة التي ذكرها المسلم، تخيف النساء من الخروج ليلا دون حماية رجل، وتمنعهن من التجول في الأزقة والظلام، وهي من القصص التي تزرع عادة في نفوس الفتيات لتكوين رادع قوي يمنعهن من الخروج مساء. ويؤكد ارتباط البحر بقصص الموروث الشعبي بأنه جزء لا يتجزأ من الثقافة الإماراتية، والخليجية عموما، فالغريب أن معظم الخراريف الإماراتية وجدت عند باقي أهالي الساحل الخليجي بمسميات متشابهه، ما يعني أن جميع أهالي الساحل كانوا يمتلكون ثقافة متماثلة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©