الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

في معنى تربية الآثاريين وقارئي الحجر

في معنى تربية الآثاريين وقارئي الحجر
12 أغسطس 2017 22:25
محمد عبدالسميع (الشارقة) رغم التطور الذي شهده حقل الآثار في الإمارات، وظهور العديد من الاكتشافات والمواقع الأثرية في أنحاء الدولة. إلا أن علم الآثار لم يحظَ بالاهتمام الكافي على المستوى الأكاديمي، رغم دوره المهم في إيجاد باحث في علم الآثار، قادر على العمل بمنهج علمي متخصص، وأساليب متطورة، وذلك للتعرف إلى الآثار واكتشاف المواقع الأثرية. ومن ثم التعريف بالحضارة الإنسانية الخليجية في العصور الماضية على أسس علمية... فما هو واقع علم الآثار في مناهجنا المحلية؟ وما هو واقع الوعي الآثاري لدى طلابنا؟ وكيف السبيل إلى الارتقاء بهذا الوعي؟ يؤكد الباحث الآثاري ناصر العبودي أن تاريخ المنطقة القديم يعود إلى 10 آلاف سنة، علاوة على التاريخ الوسيط والتاريخ الحديث، ويقول: يخبرنا علم الآثار بالكثير من التفاصيل والمعلومات الثرية عن حياة المجتمعات وكيف عاش القدماء، ففي الإمارات اعتمد السكان في حياتهم على حرفتي الرعي والصيد، وفي العصر البرونزي (الفترة بين 3000 و1300 قبل الميلاد) استخدم الإنسان المعدن في صناعة أدواته المختلفة، وكان أول هذه المعادن النحاس. وفي العصر الحديدي (الفترة بين 1300 و300 قبل الميلاد)، بدأ الناس باستخدام الحديد في صناعة أدواتهم المختلفة، وفي العصر الهلينستي وما بعده حتى ظهور الإسلام (الفترة بين 300 قبل الميلاد و611 ميلادي) صارت منطقة الإمارات جزءاً من شبكة التجارة العالمية التي ارتبطت فيها حضارات ودول هذه الفترة مع المراكز التجارية المهمة في الجزيرة العربية. هذه المعلومات الثرية، والتفاصيل المهمة ماضياً وحاضراً، لا يمكن الوصول إليها والوقوف على حقيقة هذه الفترات التاريخية وتوثيقها، إلا من خلال باحثين ومتخصصين في علم الآثار، يمكنهم التنقيب عن تلك الكنوز، واكتشاف ما بها من معلومات وحكايات. ويلفت العبودي إلى أن الإمارات ذات عمق حضاري، وعلينا أن ندرسه، ونوفره لأبنائنا. وهو يطالب المسؤولين بأن يوفروا معلومات كافية وسهلة في المناهج والمراكز، بالإضافة إلى تأسيس مراكز للأبحاث يعمل فيها نخبة من الخبراء والعلماء المختصين. ويعتبر الباحث الآثاري عيسى عباس علم الآثار من اهم العلوم التي عرفت الإنسان على التراث الثقافي والإرث المادي الذي يبرز تجارب البشر قديماً، ففي هذا العلم يمكن أن نجد ما يكمل تفاصيل الحياة القديمة للمجتمعات والتجمعات البشرية. ويلفت عباس إلى أن هذا العلم أسهم في نواح كثيرة في تعزيز الهوية الوطنية. كما أن هذا التخصص الهام مرتبط بتخصصات أخرى مثل الجغرافيا والتاريخ والعلوم والتربية الوطنية. ويرى عباس أن عملية إعداد كوادر وطنية في هذا المجال من الأولويات المهمة في كتابة تاريخ المنطقة من خلال المكتشفات الأثرية. ولابد من وجود معهد متخصص مهمته إعداد كوادر في مجال المتاحف والآثار. وعلى الرغم من مرور سنوات طويلة على وضع مناهج دولة الإمارات العربية المتحدة - يقول عباس - إلا أن الآثار لا تحظى بالاهتمام الخاص الذي يستهدف إبراز الحضارات القديمة المكتشفة في دولة الإمارات، فهي لا تتعدى صفحات قليلة، لا ترقى للمستوى الذي يعبر عما وصلت له حركة البحث عن الآثار في الإمارات، إضافة إلى قلة أنشطة زيارات المواقع الأثرية من قبل المدارس. وهذا بالتالي يؤدي إلى قلة فهم الآثار وأهميتها في حياة المجتمعات. ولهذا لا بد من إبرازها في المناهج الدراسية بشكل واضح، وجعلها من ضمن الأنشطة المدرسية. ويضرب عباس مثلاً بتجارب أخرى، ويقول: إذا نظرنا إلى أستراليا نجد أن مادة الآثار مادة إجبارية للصفين الحادي عشر والثاني عشر. وفي مصر، نجد من يكتب مناهج التاريخ في المرحلة الثانوية هم ممن يعملون في مجال الآثار. مما يبرز غنى مادة التاريخ بالآثار. ويضيف: لا بد من إعداد المناهج لتتماشى مع العملية الدراسية ووضع خطة لتشمل جميع المناهج الدراسية. وكذلك إعداد المعلمين وتأهيلهم ورفع مستوى معرفتهم بمواقع الآثار المنتشرة في دولة الإمارات. ولا يمكن أن نستثني الأنشطة الأخرى التي هي مهمة في ربط الآثار بالمناهج مثل الزيارات الميدانية للمواقع الأثرية، وحجز زيارات لعمل تنقيبات أثرية، وربط المنهج بالمتاحف، وتشجيع الطلاب بعمل متحف مدرسي. ويرى الدكتور صباح جاسم، مدير إدارة الآثار في الشارقة، أنه لا توجد معلومات كافية تخص واقع الآثار في المناهج الدراسية على مستوى المدارس المحلية أو الجامعات، ويؤكد أنه ليس مؤهلا للإجابة عن سؤال كهذا في عموميته، ولهذا يقتصر حديثه على جامعة واحدة هي جامعة الشارقة، وذلك على ضوء تجربته الأكاديمية عندما كان محاضراً سابقاً في مساق «المدخل إلى علم الآثار». وكان هذا الموضوع متوافراً ضمن مساقات المتطلبات العامة التي قد يختارها الطالب بناءً على رغبته أي أن هذا الموضوع لا يعتبر جزءاً من حقل تخصصه أو دراسته الموضوعية، وبالتالي فإن الطالب لا يأخذه على محمل الجد والاهتمام، وبتعبير آخر فإن الإقبال على اختيار هذا الموضوع بالذات ليس قائماً على الرغبة الحقة أو الاستفادة الفعلية، وأنه تحصيل حاصل لا أكثر. ويتابع: من الملاحظ أن علم الآثار - رغم أهميته وتطور أساليب التنقيب والبحث الأكاديمي - لم يحظَ في بلادنا بالأهمية اللائقة أو يرقى إلى تلك المكانة المرموقة والمستوى العالي الذي وصل إليه في العديد من جامعات العالم العريقة. إن المواطن العربي بشكل عام لم يصل بعد للمستوى المطلوب من الوعي الآثاري، وليس لدية ما يكفي من الثقافة الأثرية التي تؤهله لإدراك ماهية وأهمية علم الآثار وما قدمه ولا يزال في مضمار الكشف عن بقايا الحضارات الإنسانية الغابرة ومنجزات المجتمعات البشرية منذ بزوغ فجر التاريخ. ويضيف: إن عدم بلوغ درجة الثقافة والوعي الآثاري إلى المستوى المطلوب لا يعني غيابه إلى الأبد.. وإنما هو ظاهرة قد تواكب المرحلة الاجتماعية الحاضرة، وقد تختلف أو تتغير في مراحل تطورية لاحقة، وحتى ذلك الحين لا أعتقد بجدوى وجود معهد متخصص لتدريس علم الآثار في الوقت الحاضر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©