الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صيف العراق: ضغوط الأمن وأزمة السياسة!

صيف العراق: ضغوط الأمن وأزمة السياسة!
31 يوليو 2010 21:19
تجرأ المتمردون على رفع شعار تنظيم "القاعدة" لمدة قصيرة في حي الأعظمية، وهو أحد الأحياء السنية في بغداد يوم الخميس الماضي، عقب تنفيذ الهجمات الدموية الأخيرة التي خلفت وراءها 16 قتيلاً. وبذلك تنكشف هشاشة الوضع الأمني العراقي في وقت يتم فيه تسريع انسحاب القوات الأميركية، وتتعمق فيه الأزمة السياسية الداخلية. وينتمي عشرة من القتلى إلى القوات الأمنية، بينما ينتمي أربعة آخرون إلى مليشيات الصحوة السنية، إضافة إلى اثنين مدنيين حسب المعلومات الصادرة من وزارة الداخلية العراقية. وإضافة إلى القتلى، أصيب أيضاً 14 آخرون، بينما قالت مصادر الشرطة إن من المحتمل أن يتصاعد عدد القتلى والمصابين جراء استمرار المناوشات بين مسلحين وقوات الأمن طوال الليلة التالية. ويرفع مقتل العشرة، وهم سبعة جنود في بغداد، وكذلك ثلاثة من رجال الشرطة، عدد القتلى من عناصر الأمن العراقي في هجمات متفرقة جرت في مختلف أنحاء البلاد يوم الخميس الماضي إلى 17 قتيلاً. كما تكشف هذه العمليات عن الخطر الذي تتعرض له قوات الأمن الوطني، في وقت يتسارع فيه استعداد واشنطن لخفض عدد جنودها المرابطين في العراق إلى 50 ألف جندي بنهاية شهر أغسطس الجاري. وقد قتل اثنان من الجنود العراقيين في حادثة انفجار سيارة مفخخة في الفلوجة، بينما قتل أربعة آخرون في عملية انتحارية نفذت في شمالي تكريت، في حين قتل شرطي إثر إطلاق رصاصة عليه في الموصل. غير أن تلك المواجهة الدامية التي دارت في حي "الأعظمية" -الذي كان معقلاً للتمرد في شمالي بغداد- ظهر يوم الخميس الماضي، هي الأشد خطراً وإثارة للقلق، ولاسيما أن العراق يقترب من شهره السادس من العجز عن تشكيل حكومة وطنية جديدة في أعقاب الانتخابات العامة التي أجريت في شهر مارس، وعجزت هي الأخرى عن تقديم فائز واضح بتلك الانتخابات. وفي مشهد يذكّر المرء بتلك السنوات الدموية التي نشر فيها المتمردون سطوتهم العنيفة على أحياء ومناطق بكاملها جوار وداخل بغداد، شن مسلحون هجوماً مكشوفاً على نقطة من نقاط التفتيش تقع في شارع مزدحم بحركة المرور في تمام الساعة الثالثة ظهراً. وأسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة من الجنود وإلقاء جثثهم على قارعة الطريق. وعندما هرعت سيارات الشرطة والجيش والإسعاف إلى مكان الحادث، تمكن المهاجمون من تنفيذ خمسة تفجيرات سريعة متتالية بينما وجهوا بنادقهم الآلية إلى القوات التي وصلت إلى المكان. وتحت التبادل الكثيف للنيران، أغلقت المحال التجارية أبوابها، وخلت الشوارع من المارة، بينما بدت المنطقة بأسرها كما لو كانت خارجة عن نطاق السيطرة. وحسب معلومات الشرطة، فقد شارك في ذلك الهجوم نحو 35 - 40 من المتمردين، الذين انقسموا إلى مفارز مصغرة، تضم كل واحدة حوالي 4 - 5 أفراد، وكانوا يختبئون في المنازل القريبة من موقع المواجهة المسلحة. وبينما كان بعضهم يرتدي الأقنعة، كان البعض الآخر مكشوف الوجه ولا يبالي بانكشاف هويته الحقيقية للمواطنين المحليين. وعندما اشتدت المعركة، حسب إفادات مسؤولي الشرطة والجيش، تجرأ المسلحون على إنزال العلم الوطني العراقي المرفوع في نقطة التفتيش واستبداله بشعار تنظيم "القاعدة" في العراق لبعض الوقت. وفي ذلك ما يذكّر بتلك السنوات التي كان المتمردون يسعون فيها للسيطرة على المنطقة نفسها، قبل تمكن القوات الأميركية ومليشيات الصحوة السنية من تحريرها واستعادة السيطرة الأمنية عليها في خريف عام 2007. وبحلول منتصف الليل، تمكنت قوات الشرطة والجيش من تطويق المنطقة وفرض حظر التجوال فيها، مع شن حملة واسعة من الاعتقالات وتفتيش البيوت بحثاً عن المشتبه بمشاركتهم في المواجهة المسلحة، وسط تبادل متفرق لإطلاق النيران مع المتمردين. وعلى رغم تصريح اللواء قاسم عطا، الناطق الرسمي باسم قيادة بغداد العامة العسكرية، بأن الوضع الأمني قد تمت السيطرة عليه من قبل القوات الأمنية، فإن تمكن المتمردين من مباغتة القوات الأمنية على ذلك النحو، وخوض معركة طويلة معها، فيه ما ينبه إلى احتمال عودة المتمردين إلى الصورة مجدداً في بعض أحياء ومناطق بغداد مثلما كان عليه الحال قبل تطبيق استراتيجية زيادة عدد القوات في صيف عام 2007. ومما يزيد من هذا الاحتمال استمرار تعثر العملية السياسية وعدم تشكيل حكومة جديدة عقب انتخابات مارس الماضي. وحتى الآن لم يتمكن الساسة العراقيون من الاتفاق على أية كتلة ينبغي لها أن تقود عملية تشكيل الحكومة الجديدة. ومع هذا الخلاف الحاد، يترك السؤال مفتوحاً حول اسم رئيس الوزراء المقبل؟ فمنذ الانتخابات، واصل كل من المالكي وهو إسلامي شيعي، ومنافسه العلماني علاوي، إصرارهما على أحقية كل منهما بمنصب رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة. ولا يزال الخلاف مستمراً على رغم حصول قائمة "العراقية" بزعامة علاوي على أغلبية مقاعد البرلمان بنسبة 91 مقعداً مقابل 89 مقعداً لقائمة المالكي. وبينما تستمر أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، تواصل القوات الأميركية استعداداتها لتنفيذ خطة خفض عدد الجنود إلى 50 ألف جندي للمهام غير القتالية بحلول 31 أغسطس الجاري. ويرى بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين أن خفض القوات لن يؤثر كثيراً على الوضع الأمني العراقي طالما أن قوات الأمن العراقي تولت مسؤولية حفظ الأمن في أشد المناطق خطورة خلال السنوات الثلاث الماضية. ليز سلاي ورحيم سلمان - بغـداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «أم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©