الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ويكيليكس»: ضربة تحظرها قواعد اللعبة!

31 يوليو 2010 21:26
في تعليقه على الوثائق العسكرية ذات الطبيعة السرية التي سربها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني صرح وزير الدفاع الأميركي، روبرت جيتس، يوم الخميس الماضي بأن تلك التسريبات كشفت للعدو تكتيكات خاصة بشأن الحرب في أفغانستان قد تعرض للخطر حياة بعض الأشخاص الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة وقدموا لها معلومات استخبارية. ووصف جيتس عملية التسريب بأنها "خرق كبير للأمن"، مضيفاً أن "التداعيات في أرض المعركة ستكون قاسية وخطيرة". وكانت هذه التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع هي الأولى التي تصدر عن مسؤول أميركي رفيع على خلفية تسريب أكثر من 90 ألف وثيقة عسكرية نشرها موقع "ويكيليكس" على الإنترنت الأسبوع الماضي وتمتد تواريخها بين عامي 2004 و2009. ويبذل البنتاجون في هذه اللحظة جهوداً كبيرة لمراجعة الوثائق المنشورة، لاسيما بعدما أشار مسؤولون الى أنهم عثروا فعلا على أوراق ضمن التسريبات تكشف أسماء بعض الأفغان الذين مدوا الجيش الأميركي بمعلومات مفيدة، وهو ما قد يعرض حياتهم للخطر. ومن جانبه رد "جوليان أسانج"، مؤسس الموقع، بأنه حرص على حجب مزيد من الأسماء بامتناعه عن نشر أكثر من 15 ألف وثيقة سرية فضل الاحتفاظ بها لما تحتويه من معلومات حساسة تطال أفراداً قد تُنتهك سريتهم. وبرر مؤسس الموقع نشره للوثائق العسكرية التي أثارت كل هذا الجدل برغبته في لفت انتباه المسؤولين والرأي العام الدولي إلى الضحايا المدنيين الذين يسقطون جراء العمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان. غير أن البنتاجون في ردها على هذه المزاعم قالت إن مثل تلك التسريبات ستأتي بنتائج عكسية، لأن بكشف أسرار عسكرية سيسقط المزيد من المدنيين، في محاولة على ما يبدو من المسؤولين الأميركيين لإحراج الموقع وتفنيد تبريراته، وهو ما عبر عنه جيتس بنبرة استياء واضحة "إنها تسريبات تكشف العديد من المعطيات الخام، دون التحلي بأدنى حس للمسؤولية، أو محاسبة النفس". ومع أنه لم يُعرف بعد مدى خطورة المعلومات التي وردت في التسريبات وتأثيراتها السياسية، إلا أن جيتس ورئيس هيئة الأركان المشتركة، مايكل مولين، حرصا معاً على التأكيد بأن الوثائق بصفة عامة لا تقوض في أي جزء منها السياسة المعلنة لإدارة أوباما في أفغانستان، بل إنها لا تناقض الأهداف الأساسية للحرب الأفغانية حسب المسؤولين الأميركيين. ولكن ذلك لم يمنع وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة من إعطاء تقييم سلبي للنتائج المتوقعة على أرض المعركة، واحتمال استفادة الخصوم من المعلومات الواردة في الوثائق المسربة، وقد ألقوا باللوم على الموقع نفسه المختص في نشر المعلومات السرية، وأيضاً على مصدر المعلومات الذي لابد أنه جاء من داخل الجيش الأميركي. وفي هذا الإطار قال "مولين" تعليقاً على التسريبات: "مهما قال مدير الموقع المسؤول عن تسريب الوثائق حول دوره في التنبيه إلى المدنيين الذين يسقطون في الحرب، فإن ما قام به يلطخ يديه بدماء أشخاص أبرياء آخرين ربما سيقتلون لأنه كشف أسرارهم وعرض حياتهم للخطر". وتشير تعليقات المسؤولين العسكريين الأميركيين إلى أن تحقيقاً شاملا ومعمقاً سيجرى داخل صفوف الجيش لكشف ملابسات التسريب والمسؤول عنه. ومن خلال عدم الاكتفاء بمتابعة الموقع والنبش في المصدر الذي مده بالوثائق، يسعى المسؤولون إلى إحراج "ويكيليكس" بالوصول إلى مصدره الموثوق ومعاقبته. ومع أن الموقع رفض الكشف عن المصدر الذي أتاح له نشر المعلومات السرية تشير أصابع الاتهام إلى الجندي من الدرجة الأولى "برادلي مانين" الذي يعمل أيضاً محللا للمعلومات الاستخبارية، حيث اتهم في شهر مايو الماضي بنشر معلومات سرية على الإنترنت بما فيها شريط فيديو أظهر هجوماً أميركياً على مجموعة من الأشخاص في العراق تبين لاحقاً أنهم مجرد صحفيين. ومع أن "مانين" كان يعمل ضمن الجيش الأميركي في العراق، إلا أنه كان بمقدوره الوصول إلى وثائق متعلقة بالحرب في أفغانستان، وهي الوثائق التي يُعتقد أن موقع "ويكيليكس" نشرها، ما دفع الجيش إلى اعتقاله ريثما يستكمل التحقيق. وعندما سئل جيتس عما إذا كان قد اتصل بمدير الموقع "أسانج" لمعرفة ما إذا كانت بحوزته وثائق أخرى ينوي نشرها رد قائلا "ولماذا أُتعب نفسي؟ هل تعتقدون أنه سيقول الحقيقة؟"! وأضاف وزير الدفاع أنه اتصل بمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، روبرت مولر، يوم الأربعاء الماضي، لمشاركة مؤسسته في التحقيقات التي يقودها مركز التحقيق في جرائم الجيش، هذا ولم يوضح وزير الدفاع، أو رئيس هيئة الأركان المشتركة، التكتيكات العسكرية التي كشفتها الوثائق المسربة، وما إذا كانت ستكلف حياة الجنود. واكتفت الوثائق بالإشارة إلى بعض العمليات التي يقوم بها الجيش الأميركي مثل عمليات الاستطلاع وهجمات الطائرات بدون طيار التي غالباً ما تخلف قتلى في صفوف المدنيين، بالإضافة إلى الطريقة التي يرد بها الجيش على هجمات "طالبان"، وهي وثائق قد توفر في حال الانكباب على دراستها واستخلاص الدروس منها معلومات خطيرة للمتمردين قد يستخدمونها ضد جنود التحالف في أفغانستان. ديفيد كلاود كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©