الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميدفيديف وحدود الحرب على الفساد

31 يوليو 2010 21:26
في ما يبدو محاولة لإضفاء طابع درامي على جهوده لمحاربة الفساد، اتخذ الرئيس الروسي ميدفيديف خطوة غير مألوفة تتمثل في إصداره أوامر بفتح تحقيق بشأن ادعاءات حول تلقي مسؤول رفيع في الكريملن رشى كبيرة على علاقة بتنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوشي. ولنقل رسالته في الداخل، خط ميدفيديف أوامره على نسخة من مقال لصحيفة "نوفايا جازيتا" المعارضة التي نشرت تفاصيل الفضيحة في شهر يونيو الماضي. والقصة التي نشرتها صحيفة "نوفايا جازيتا" تركز على فلاديمير ليشفسكي، وهو مسؤول مكلف بالبناء في "مكتب الشؤون الرئاسية" التابع للكريملن -هيئة كبيرة تمتلك ما يعادل حوالي 500 مليار دولار من أملاك الحزب الشيوعي السابق- وتزعم أنه تلقى حوالي 5.7 مليون دولار من الرشى من تكتل "موسكونفارسبروم" لشركات البناء على صلة بتجديد منتجعين صحيين تعود ملكيتهما للكريملن في منطقة سوشي. وفي هذا الإطار، يقول بوريس نيمتسوف، وهو نائب رئيس وزراء سابق وزعيم المعارضة الليبرالية ومرشح خاسر لمنصب عمدة سوشي في انتخابات العام الماضي التي انتقدها البعض واتهم جهـات عامة بالتلاعب بها: "من أجل محاربة الفساد حقاً، كان يتعين عليه أن يطرد آخرين، ممن لهم يد في فضيحة أولمبياد سوشي، ولكن ذلك لن يحدث"، مضيفـاً و"لذلك فقد اكتفى بإصدار أوامره بفتح تحقيق مع ليشفسكي، وهو شخصية نكرة. وبالتالي، يمكن القول إن الأمر يتعلق بمناورة علاقات عامة، ليس إلا". يذكر أن مدير "موسكونفارسبروم"، فاليري موروزوف، هو الذي ذهب إلى الصحافة بالادعاءات بعد أن استُبعد من الصفقة على رغم دفع الرشى المزعومة. وقد نقلت صحيفة "نوفايا جازيتا" عن موروزوف قوله إنه قام بتحويل المال، الذي يعادل نحو 12 في المئة من قيمة العقود، إلى ليشفسكي عبر عدد من الشركات الصورية. وأوضح موروزوف أنه علم في شهر يناير بأن شركته حُرمت من عقود البناء؛ ولكن يبدو أن شكواه الرئيسية ليست من أخذ ليشفسكي لماله، وإنما من فشله في تحقيق هدفه. وهو تصريح معبِّر حول طبيعة الفساد حيث يقوم العديد من الشركات بإدخال عنصر ضمن ميزانياتها لإرضاء المسؤولين. وقال موروزوف في يونيو الماضي قبل أن يفر إلى بريطانيا: "هذا خداع سافر... الرشوة تُفهم على أنها ضريبة فساد عادية، ولكنهم لا يستحقون المال. وهم مستمرون في خداع الناس والشركات". ومنذ انتخاب ميدفيديف قبل عامين ومراقبو روسيا يتجادلون حول ما إن كان يحاول حقاً تأكيد صلاحياته الدستورية، ومنها شن الحرب على الفساد. كما تُظهر استطلاعات الرأي باستمرار أن حوالي ثلثي الروس يعتقدون أن طرفاً آخر هو الذي يتولى زمام الأمور في هذا الملف، في إشارة إلى رئيس الحكومة بوتين. غير أن بعض الخبراء يقولون إن ميدفيديف قد أحرز تقدماً في جهوده لمحاربة الفساد، وإن كانت وزارة الداخلية الروسية قد أعلنت هذا الأسبوع أن متوسط الرشوة في القضايا التي تحقق فيها قد تضاعف عشر مرات خلال السنتين الماضيتين، وتضاعف أيضاً خلال الستة أشهر الماضية وحدها. وفي هذا السياق، تقول ماشا ليبمان، رئيسة تحرير دورية "يرو إي كونترا" الصادرة عن مركز "كارنيجي" في موسكو: "بشكل عام، قد يكون عدد الرشاوى قد انخفض، ولكن المبالغ المالية التي تنقل من شخص إلى آخر ارتفعت بشكل كبير"، مضيفة "إن أي شخص في روسيا سيضحك إذا قلت له إن جهود محاربة الفساد كللت بالنجاح. وبالتالي، فبدلا من ادعاء النجاح، فما يمكن فعله هو فقط فتح هذا التحقيق الوحيد مع أحد المسؤولين". ومن جانبه، يرى أنتوني بومينوف، مدير المشاريع في الفرع الروسي من منظمة "الشفافية الدولية"، وهي منظمة غير حكومية ترصد الفساد في العالم، أن بعض القوانين والتدابير الأخرى التي وضعها ميدفيديف، مثل إرغام المسؤولين على تقديم كشوف الدخل، يمكن أن تقلص الفساد على المدى الطويل، ولكن القليل هو ما تم تحقيقه حتى الآن، إذ يقول: "إننا غير متفائلين على المدى القصير. صحيح أننا نرى بالفعل بعض الخطوات التي تتخذ. ولكن الخبراء مختلفون بشأن ما إن كان هذه الخطوات حقيقية أو مجرد محاكاة لأنشطة محاربة الفساد. وحتى تكون حقيقية، سيتعين القيام بأكثر من هذا بكثير. وفي مقدمة ذلك، ضمان وجود منافسة سياسية حقيقية، وانتخابات حرة تجعل المسؤولين خاضعين لمحاسبة الجمهور بشكل مباشر، لأن مسألة الفساد في روسيا مطروحة بقوة إلى درجة أنه بدون ذلك النوع من المحاسبة، فإن أية تدابير أخرى لمحاربة الفساد لن تجدي نفعا". ومن الجدير بالذكر هنا أن مؤشر منظمة "الشفافية الدولية" لتصورات الفساد السنوية يضع روسيا في المرتبة 146 من أصل 180 بلداً، مقارنة مع المرتبة 82 قبل حوالي عشر سنوات. ومن جانبه، يرى نيمتسوف، نائب رئيس الوزراء السابق، أن تكلفة أولمبياد سوشي يمكن أن ترتفع إلى 30 مليار دولار. بل إن حتى التقديرات الرسمية الحالية (12 مليار دولار) تعادل تقريباً ضعف تكلفة الألعاب الأولمبية الشتوية الأخيرة التي أقيمت في فانكوفر الكندية (1.3 مليار دولار) بعشر مرات تقريباً. وفي هذا السياق، يقول نيمتسوف، الذي أعد تقريراً ينتقد سنوات عهد بوتين في روسيا: "إن أولمبياد سوشي واحدة من أكبر الخدع المرتبطة بمسألة الفساد، إنها واحدة من أكبر فضائح الفساد في التاريخ... لأن كل شقة أو طريق أو ملعب يتم بناؤه يحتوي على عنصر فساد كبير". فريد وير - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©