محمد حامد (دبي)
لماذا المونديال تحديداً أكثر جذباً للنساء؟ ولماذا لا نشاهدهن بهذه الأعداد الكبيرة في مدرجات البريميرليج ودوري الأبطال وكافة البطولات الكروية المحلية والقارية؟ سؤال مشروع، ويكتسب مزيداً من المشروعية تزامناً مع مباريات كأس العالم، حيث يشهد المونديال ارتفاعاً ملحوظاً لظاهرة وجود النساء في المدرجات، ويبدو أن للأمر علاقة بدعم منتخب الوطن الذي يفوق في أهميته الانتماء للنادي، مما يعني أن لمساندة المنتخب الوطني صورة رمزية تتجاوز الارتباط بكرة القدم، وصولاً إلى عاطفة حب الوطن، فيما يتعلق الوقوف خلف الأندية بالشغف الكروي في المقام الأول، وفي هذا الجانب يتفوق الرجال في شغفهم الكروي، فيما تسجل النساء حضوراً لافتاً في مباريات المنتخبات.
الظاهرة تجذب الأنظار بقوة في مونديال روسيا، فالحضور النسائي أكبر من أن يتم تجاهله، خاصة أن كرة القدم لعبة الرجال بامتياز شغفاً وممارسة وحضوراً جماهيرياً، وعن ذلك تقول آنا وهي روسية: «قررت الذهاب إلى كثير من مباريات كأس العالم، على الرغم من أنني لم يسبق لي حضور أي مباراة في بطولة الدوري الروسي، الأمر يبدو لي مختلفاً كلياً، فالأجواء في مباريات كأس العالم أكثر جاذبية ومتعة، وتتوفر لنا درجة عالية من الأمن والاستمتاع بكل دقيقة، أعتقد أن كأس العالم يلهم كل نساء العال لحب كرة القدم، ولكن لن يكون لذلك تأثير في جذبهن إلى مدرجات مباريات الأندية».
ووفقاً لصحيفة «الجارديان» تقول إيلينا وهي مشجعة روسية:«أطفالي يعشقون كرة القدم، وأنا كذلك، وهذه هي الفرصة الحقيقية لكي نشاهد المباريات من المدرجات في تجربة مثيرة لا تتكرر كثيراً، كما أن وجود عدد كبير من جماهير المنتخبات المختلفة يجعل الأجواء أكثر إثارة ومتعة، إنها تجربة لا تنسى بالطبع، لا يوجد جمهور يمارس أعمال الشغب على طريقة مباريات الأندية، وهو ما يجعل النساء يتفاعلن مع مباريات المونديال بطريقة مختلفة».
وتضيف إلينا بوبوفا:«مباريات كرة القدم في روسيا على مستوى الأندية هي شغف الرجال، يتجمعون معاً ويستمتعون بطريقتهم الخاصة، وفي نهاية المطاف قد تنتهي المباريات بأعمال عنف وشغب، ما يجعلها لعبة رجالية في المقام الأول، لا يمكن للنساء أن يخاطرن بحضور مباريات الأندية أو مشاهدة مواجهات الدوري من المدرجات، نحن الآن أمام فرصة ذهبية للاستمتاع بالقدوم إلى مدرجات المونديال، كما أن الأنشطة والفعالية خارج الملاعب أكثر متعة للعائلات والأطفال، بالطبع التجربة تبدو مختلفة كلياً الآن، كأس العالم بالنسبة للنساء والعائلات والأطفال ليس مجرد كرة قدم».
ومن أوروجواي تقول لويزا:«لقد أتينا إلى روسيا للاستمتاع بكل شيء، مباريات منتخب أوروجواي، وأجواء روسيا، والساحات العامة والحدائق والمتاحف، وكل أشكال الحياة في روسيا، إنها تجربة قد لا تتكرر في العمر أكثر من مرة، لدينا تواصل كمجموعة عبر تطبيق الواتس آب، لقد أتينا بأعداد كبيرة، ويمكننا التواصل معاً بأقل تكاليف، وهو وما يجعلنا نستمتع أكثر بهذه التجربة الرائعة».
مشجعات إنجليزيات حرصن على القدوم إلى روسيا في مجموعات كبيرة دون أن يكن في صحبة رجال، وعنهن تقول كولين: «أتينا إلى روسيا كمجموعة من النساء لتشجيع المنتخب الإنجليزي، قررنا أن نفعل ذلك دون أن نكون في صحبة رجال، إنها تجربة مثيرة، نريد أن نثبت لأنفسنا أن هذه اللعبة ليست لعبة رجالية فقط، يحق لنا أن نسافر خلف منتخبنا دون أن نخشى من أي مضايقات أو مشكلات، ولقد كان الاستقبال الروسي الجيد، وتوفر الأمن والمواصلات والإقامة الجيدة الآمنة من بين العوامل التي تجعلنا نستمتع بهذه التجربة بكافة تفاصيلها». ويمكن حصر أسباب حضور النساء بكثافة في مدرجات مونديال روسيا في عدة جوانب على رأسها عشق الوطن قبل كرة القدم، وتوفر الأمن والأجواء الجيدة، والسياحة العائلية
(1)
الوطن قبل الكرة
يرتبط اسم المنتخب الوطني بتمثيل الوطن، ومن ثم يصبح الأمر مغرياً للنساء للتعبير عن عشقهن للوطن ممثلاً في المنتخب، وهو أمر يخص الرجال أيضاً، ولكن نقطة الاختلاف الرئيسة أن الرجال أكثر عشقاً لكرة القدم مقارنة بالنساء، ومن ثم يحضرون بكثافة في مدرجات مباريات الأندية والبطولات المحلية، فيما تفضل النساء الظهور في مباريات المنتخبات.
(2)
أجواء آمنة
لا يسجل تاريخ كرة القدم أحداث شغب كثيرة في مباريات المنتخبات على العكس من مواجهات الأندية، كما أن تاريخ كأس العالم بشكل عام لا يشهد توتراً جماهيراً أو أحداث عنف في المدرجات، مثل تلك التي تحدث في بطولات الدوري المحلية، وفي مواجهات الأندية، ومن ثم يصبح الجو أكثر جاذبية للنساء في مباريات كأس العالم، كما أن الفعاليات والأحداث المصاحبة للبطولة تدفع العائلات للحضور بكثافة، حيث الاستمتاع للنساء والأطفال والرجال على حد سواء
(3)
سياحة عائلية
تقرر الكثير من العائلات من كافة أنحاء العالم ترتيب رحلاتها السياحية بالتوافق والتزامن مع إقامة كأس العالم.
حيث يتواجد في روسيا الآن ما بين 800 ألف إلى مليون و 200 ألف سائح من كافة أنحاء العالم، هدفهم الأول حضور مباريات كأس العالم، وكذلك الاستمتاع برحلة سياحية شاملة في روسيا في نفس الوقت، وهو ما يفسر وجود النساء والأطفال بكثرة في مباريات المنتخبات كافة، فهو موسم كرة القـــدم والسياحــة العائليــة في الوقت نفسه.
عدد اليوم
